الرباط – في ظل أزمة وبائية غير مسبوقة بالمغرب، كما بجل بلدان العالم، واكبتها تدابير صارمة لحماية صحة وسلامة المواطنين، وأهمها فرض حالة الطوارئ الصحية، ازدهرت مبادرات جمعوية تتوخى المساهمة في جهود تقليص الحياة العامة لكبح جماح فيروس "كورونا"، وتنطوي على حس إنساني وتوعوي هادف. بمنصات التواصل الاجتماعي ذائعة الصيت والأكثر استقطابا لمختلف الشرائح الاجتماعية، تطورت هذه المبادرات وتوسعت أنشطتها، بفضل شباب واعد أعاد إلى الواجهة قيم التضامن والتآزر المتجذرة في المجتمع المغربي، لا سيما إزاء الفئات الهشة والأكثر عرضة لخطر الوباء التاجي. وهكذا، برزت مبادرة "خليك فدارك أنا نتسخر ليك" (الزم بيتك سألبي طلباتك)، لتشكل واحدة من أهم هذه المبادرات الإنسانية التي تنضاف إلى الدعوات والجهود التحسيسية الرامية لإذكاء حس المسؤولية لدى المواطن والإسهام في جهود مكافحة تفشي الفيروس، ولعل ما يميز هذه المبادرة أنها لم تكتف بالحملة الافتراضية، بل نزلت إلى أرض الواقع، لتصوغ صورا مثالية لمجتمع متآزر وقت الأزمات، حيث لاقت استحسانا كبيرا من لدن المواطنين، وخاصة فئة المسنين والمصابين بأمراض مزمنة والأشخاص محدودي الحركة وحتى المعوزين. ومن بين الفعاليات المدنية التي انخرطت بحماس كبير في هذه المبادرة الفريدة، نادي شباب الانطلاقة التابع لجمعية الانطلاقة بمدينة أفورار بإقليم أزيلال، الذي جند لهذا الغرض أزيد من 15 شابة وشابا، وضعوا أرقام هواتفهم رهن إشارة الساكنة المحلية لقضاء حاجياتها، سواء تعلق الأمر باقتناء أدوية من الصيدليات أو باقي مستلزمات الحياة اليومية. في هذا الصدد، قال الفاعل الجمعوي عبد الحق مداني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذه المبادرة هي قبل كل شيء تجسيد للتفاعل التام والجدي للنسيج الجمعوي مع القرارات المتخذة من قبل السلطات المغربية للحد من انتشار الفيروس القاتل. وأبرز أن هدفها الأسمى هو حث الأسر على لزوم بيوتها لتفادي الإصابة أو نقل عدوى الفيروس، بفضل شباب مسؤول تم تزويدهم بما يكفي من المعارف والآليات اللوجستية لتقديم هذه الخدمة، من جملتها تكوين دقيق حول تدابير النظافة وكيفية تفادي نقل الأمراض وسبل الوقاية منها. ولضمان إتمام المهمة على أكمل وجه، أشار السيد مداني إلى أنه تم إحداث لجان مصغرة لاستقبال الطلبات وإعدادها، وأخرى مكلفة بالتوزيع، تعمل خلال فترتين في اليوم، الأولى بين الحادية عشرة صباحا والواحدة بعد الزوال، والثانية بين الثالثة بعد الزوال والخامسة مساء، مع الالتزام التام والصارم بشروط النظافة وسبل الوقاية. لقد ثبت خلال الأيام القليلة الماضية، بما لا يدع مجالا للشك، أن المغاربة أكدوا، كل في مجال تخصصه وقدر استطاعته، أن وحدة الصف والتضامن وأخذ زمام المبادرة تعد تجسيدا لروح المواطنة وحب الوطن المتجذر فينا !