يبدو واضحا للعيان مظاهر الدهشة التي تعتري وجوه الوافدين إلى عروس البوغاز ( طنجة )، وهذا الأمر ليس بالغريب بالنسبة لنا، فالوافد إلى طنجة سواء للسياحة أو الإقامة يقع ضحية الصدمة التي تفزعه وتقض مضجعه، فالمعروف عن طنجة هو جمالها الطبيعي ورونقها المتناسق وهدوئها الباعث على الخوف، وتاريخها العريق والذي ترك بها مواقع أثرية تشهد للمدينة بتوافد المستوطنين إليها على مر الزمان، وسحر موقعها على الواجهتين البحر الأبيض المتوسط والأطلسي، فالقادم إليها يأتي وقد رسم لها صورة هي أجمل مما قد سمع لكن بمجرد أن تطأ قدمه مدينة طنجة، حتى يجد الحفر تغطي مساحة 99 بالمائة من إجمالي مساحة المدينة ناهيك عن الأشجار التي تم اقتلاعها في اليوم العالمي للأرض من طرف البلدية، والمساحات القاحلة والتي كان يجب أن تكون خضراء، والأخاديد الممتدة على طول وعرض الطرق والشوارع الناجمة عن أوراش الإصلاح التابع للبلدية والشركات الخاصة، حتى إن الأماكن والمعالم السياحية المعروفة بالمدينة قد طالتها يد الإهمال لتصبح مرتعا لجميع الأعمال الشيطانية والمخلة بالآداب، حتى إن الأسر والعائلات قد باتت محرومة من ارتياد تلك الأماكن هروبا من المناكر والتي تساهم فيها السلطات المعنية بالتغاضي عن الأمر والمشاركة الفعالة عبر تعمد ( إطفاء ) أنوار الأماكن العمومية لتوفير الجو المناسب لتلك التصرفات المشينة كما هو الحال بالشاطئ البلدي ( بلاية ) الذي تسيطر عليه الظلمة بوجود أعمدة نور مجهزة بمصابيح تضيء على مد البصر. وبغض النظر عن هذا الأمر المخجل، فإنه أي ( تظليم الأماكن العمومية ) يعود بالضرر على المواطن حيث أصبحت هذه الأماكن بؤرا لقطاع الطرق مستغلين وفرة الظلمة الحالكة وغياب الأمن الذي يقوم بدورياته في الشوارع العمومية المضاءة والمكتظة بالناس، ويتغاضى عن الذهاب إلى تلك الأماكن المحفوفة بالمخاطر.
وبالعودة إلى الكلام عن المساحات الخضراء للمدينة، فإن الجميع يستطيع رؤية تلك الغابات الإسمنتية الممتدة على طول سواحل طنجة.
فالمناطق السياحية المشهورة مثل : المنار – مغارة هرقل ( أشقار ) – غابة الرميلات والغابة الدبلوماسية ( غابة مريكان ) قد تحولت إلى مشاريع استثمارية لتبقى ( عروس البوغاز ) ترزح تحت وطأة زحف الإسمنت وتحت رحمة المستثمرين والرأسماليين، فهذه عروس البوغاز تنوح وتبكي من الظلم والحرمان تحت كل ما تلقاه من السلطات والدخلاء من المستثمرين المستبدين.
فعزائنا أن نقول لك بصوت واحد : لك الله يا طنجة يا عروس البوغاز ويا موطن الراحة النفسية وصومعة المثقفين ويا مدينة الناس الطيبين. يا عروس البوغاز بهذه العوامل أصبحت أرملة الشمال .