أصبح المغرب يحتل مكانة مهمة في المنظومة الدولية بإعتباره عضو فعال و نشيط،و لعل هذا لم يأتي هكذا و إنما نتيجة جهود جبارة من طرف مختلف المؤسسات بالمملكة المغربية و على رأسها “المؤسسة الملكية”، فجلالة الملك محمد السادس نصره الله منذ اعتلائه عرش اسلافه الميامين وهو يبذل مجهودا للدفع بالمغرب نحو الأمام،فجميع الإصلاحات التي عرفها المغرب حاليا هي من نتاج عبقرية الملك محمد السادس حفظه الله،و لعل أبرز هذه التعديلات و الإصلاحات هي تبني المفهوم الجديد للسلطة،بمعنى الانتقال بها من المفهوم التقليدي إلى المفهوم الحديث، فالجميع عندما يسمع كلمة السلطة يذهب ذهنه مباشرة إلى الجانب الأمني إلا أن جلالة الملك محمد السادس أعزه الله حول هذا المفهوم إلى مفهوم أوسع يشمل بذلك البعدين الاقتصادي والاجتماعي،و كل هذا لتعزيز الثقة المتبادلة بين الشعب و السلطة، وجعل هذه الأخيرة في خدمة المواطن بالدرجة الأولى،و سنحاول من خلال هذا المقال إبراز أهم الإصلاحات التي عرفها العهد الجديد تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله: *الملك محمد السادس نهج سياسة أبونا الروحي جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه عندما وضع القضية الوطنية “الصحراء المغربية” هي الأولى في صلب اهتماماته،فالملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله كان يريد تطبيق النموذج الألماني ما يعرف ب”لاندر” و ما يمكن أن نسميه بالجهوية السياسية”” كحل للمشكل المفتعل في الأقاليم الجنوبية المغربية الصحراوية،فقد كان معجبا بهذا النموذج الألماني الناجح،و الملك الجديد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ذهب في نفس الاتجاه حيث تبنى نموذجا رائدا حظي بإعجاب مختلف الدول في العالم و هو ما يعرف ب”الحكم الذاتي” الذي يعتبر فرصة تاريخية و ذهبية لحل النزاع المفتعل في الصحراء المغربية،و نلاحظ أن الديبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله نجحت في جميع المحطات التي يعرفها هذا النزاع،إذ أننا نحظى بدعم من طرف أعلى هيئة دولية “الأمم المتحدة” التي تعترف بجهود المغرب في الحفاظ على الأمن و الاستقرار و حل هذا النزاع المفتعل بطرق سلمية. *لتفعيل المفهوم الجديد للسلطة القائم بالدرجة الأولى على البعد الإقتصادي،وجه جلالة الملك محمد السادس أعزه الله رسالة سامية إلى الوزير الأول حول التدبير اللامتمركز للإستثمار سنة 2002،و بموجبها أنشئت المراكز الجهوية للاستثمار و تم وضع الولاة على رأسها كرسالة واضحة من جلالته أن الولاة لن تقتصر مهامهم فقط على الجانب الأمني”الحفاظ على النظام العام” و إنما سيمارسون مهاما جديدة تتعلق بالاستثمار و الإشراف عليه،و كانت من نتائج هذه المراكز الجهوية للاستثمار إنشاء العديد من المقاولات و خلق فرص الشغل و محاربة البطالة و بالتالي المساهمة بطريقة غير مباشرة في التخفيف من معدل الجريمة. *إصلاح القضاء،عرف هذا الأخير تطورا مهما إذ أن الشغل الشاغل لجلالة الملك محمد السادس نصره الله تحديث القضاء و ضمان استقلاليته،و جعل القضاء في خدمة المواطن و خلق جو يسوده الثقة و جعل الإدارة القضائية في مصاف الدول المتقدمة،و عليه تم إخراج قانون جديد للأسرة(1) نسخ بذلك قانون الأحوال الشخصية السابق،و تم إحداث أقسام قضاء الأسرة و حظيت هذه المدونة بإعجاب مختلف مكونات المجتمع المغربي،إذ جاءت لصون كرامة المرأة و الرجل و حماية حقوق الطفل،و ضمان التماسك الأسري،كما تم استبدال محاكم الجماعات و المقاطعات بأقسام قضاء القرب(2) و ضمان استقلال النيابة العامة من خلال اعطاء رئاستها للوكيل العام للملك بمحكمة النقض بدل وزير العدل بموجب القانون 33.17(3)،بل أكثر من ذلك أمر جلالته بإحداث صندوق التكافل العائلي و هذا ما تم بالفعل هدفه حماية الأطفال من التشرد و العناية بالنساء في حالة عوز،إذ مما لا شك فيه أن الأوضاع الاجتماعية عرفت طفرة نوعية منذ اعتلاء جلالته العرش،إذ عمل جلالته على الاعتناء بالفئات الاجتماعية التي تعاني من الهشاشة و الفقر و ضمان عيش كريم لها،و يعتبر صندوق التكافل العائلي ترجمة فعلية لتنزيل الرؤية السديدة و المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله في الميدان الإجتماعي. *الإعلان عن إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بتاريخ 18 ماي 2005،التي قطعت مرحلتين و نحن الآن في المرحلة الثالثة منها،إذ ارتكزت المرحلة الأولى على أربعة برامج: +برنامج محاربة الفقر بالعالم القروي؛ +برنامج محاربة الإقصاء الإجتماعي بالوسط الحضري؛ +برنامج محاربة الهشاشة؛ +البرنامج الأفقي. و نتيجة هذه البرنامج تم تحسين البنيات التحتية بالوسط القروي و تزويدهم بالماء و الكهرباء و الإنترنيت و تمت محاربة الهدر المدرسي و تزويد المدارس بالحافلات المدرسية و بناء “دار الطالبة”،و ما نلاحظ حاليا “توزيع مليون محفظة” و تبني برنامج “تيسير” الذي أكد عليه جلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطاب العرش سنة 2018، كما تم بناء أماكن للولادة للعناية بالنساء الحوامل و تزويدها بالطاقم الطبي و بسيارات الإسعاف،كما أنه من بين النتائج الإيجابية لهذه المبادرة الملكية خلق فرص الشغل و دعم المقاولات الصغيرة و المتوسطة. و في نسختها الثانية تم الارتكاز على برنامج واحد لمحاربة التفاوت المجالي و هو ما عرف ب”برنامج التأهيل الترابي”،أما النسخة الثالثة الحالية(2019-2023)،تم الارتكاز على أربعة برامج: +برنامج تدارك الخصاص المسجل على مستوى البنيات التحتية؛ +برنامج مواكبة الأشخاص في وضعية هشة؛ +برنامج تحسين الدخل؛ +برنامج الدعم الموجه للتنمية البشرية للأجيال الصاعدة. *تحويل السجين إلى مواطن صالح،إذ أنه بفضل الرؤية الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس أعزه الله تم تحويل المؤسسة السجنية من مكان يقضي فيه السجين فترة عقوبته إلى مؤسسة تفرز المواهب في شتى الميادين(النجارة-الميكانيك-جميع شعب التكوين المهني،إمكانية متابعة الدراسة بمختلف مستوياتها “البكالوريا-الاجازة…”) بل أكثر من ذلك بعد خروج السجين من هذه المؤسسة يلتحق بعدها بمؤسسة إعادة إدماج السجناء تسهل ولوجهم لسوق الشغل تفعيلا لخطاب أبونا الروحي جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني قدس الله روحه”إن الوطن غفور رحيم”. *بما أن المغرب بلد فلاحي،تم تبنى “مخطط المغرب الأخضر”،يهدف هذا المخطط الطموح الذي أشرف على انطلاقته جلالة الملك محمد السادس نصره الله في أبريل من سنة 2008 إلى جعل القطاع الفلاحي رافعة أساسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المغرب. حيث تندرج هذه الاستراتيجية في إطار استكمال عدة مشاريع كبرى على الصعيد الوطني منها خلق فرص الشغل ومكافحة الفقر وحماية البيئة. ويعتمد مخطط المغرب الأخضر على مقاربة شمولية ومندمجة لكل الفاعلين في القطاع الفلاحي. كما يرتكز على تعزيز الاستثمارات والتكامل الجيد بين السلاسل الإنتاجية قبليا وبعديا. وذلك بهدف ضمان الأمن الغذائي وتطوير القيمة المضافة مع الحد من تأثير التغيرات المناخية والحفاظ على الموارد الطبيعية. كما يهدف مخطط المغرب الأخضر كذلك إلى إنعاش صادرات المنتجات الفلاحية وتثمين المنتجات المحلية. ويستند مخطط المغرب الأخضر على دعامتين: تستهدف الدعامة الأولى الفلاحة العصرية ذات قيمة مضافة هامة، في حين تخص الدعامة الثانية الفلاحين في وضعية صعبة. وتهدف الدعامة الأولى إلى تقوية وتطوير فلاحة ذات إنتاجية عالية وتستجيب لمتطلبات السوق عبر تشجيع الاستثمارات الخاصة ونماذج جديدة من التجميع العادل. *”مخطط المغرب الأصفر”،تم تبنيه سنة 2009،و نظرا للمؤهلات الطبيعية التي يزخر بها المغرب،تم تبني هذا المخطط الذي يهدف بالدرجة الأولى إلى الاعتماد على الطاقات المتجددة،و عليه تم بناء أكبر محطة للطاقة الريحية على الصعيد الإفريقي بطرفاية،و تم بناء أكبر محطة للطاقة الشمسية على الصعيد العالمي و هي ما عرفت بمشروع نور و توجد بورزازات،و نتيجة الرؤية السديدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله أصبح المغرب نموذج يحتذى به. *”مخطط المغرب الأزرق”،هدفه جعل المغرب أكثر جاذبية و تنافسية في السياحة الدولية. *تبني نموذج تنموي مغربي-مغربي من خلال تنصيب اللجنة الاستشارية حول الجهوية بتاريخ 3 يناير 2010،و الذي ارتكز على أربعة مقومات: +الوحدة؛ +التضامن؛ +التعاون؛ +اللاتركيز الإداري. *الخطاب التاريخي 9 مارس 2011 الذي أفرز لنا دستورا جديدا(4)جاء باصلاحات مهمة في شتى الميادين الاقتصادية والاجتماعية و السياسية و القضائية،تم تقسيمه إلى 14 باب و 180 فصل،تم إحداث مؤسسات جديدة من قبيل المجلس الاعلى للأمن،و المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي،و الوسيط و باقي المؤسسات الدستورية الأخرى التي تدخل في نطاق الحكامة الجيدة،تم الانتقال من المجلس الدستوري إلى المحكمة الدستورية،و من المجلس الاعلى إلى محكمة النقض،و من المجلس الاعلى للقضاء إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية،و تم الارتقاء بالقضاء إلى سلطة على غرار السلطتين التشريعية و التنفيذية،تم الانتقال من اسم الجماعات المحلية إلى الجماعات الترابية و تم تخولها مجموعة من الميكانيزمات الدستورية للقيام بمهمتها الأساسية لتحقيق التنمية الترابية و الجهوية،و تم توسيع من نطاق الحريات العامة و الأساسية،و تم إفراد باب كامل للحديث عن الحكامة الجيدة و هذا معطى جديد مفاده تدشين لمرحلة جديدة لتدبير الشأن العام الوطني و المحلي. *سنة 2015 تم إحداث المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني(الديستي) بهدف محاربة الإرهاب و هذا ما تم بالفعل بحيث تم تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية بفضل يقظة المصالح الأمنية،و تم تدشين سنة 2018 معهد للتكوين التخصصي بالمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله،كما تمت محاربة الإرهاب و التطرف بالأسلوب الديني الذي نهجته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تحت القيادة الرشيدة لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله،من خلال إحداث معهد محمد السادس لتكوين الأئمة و المرشدين والمرشدات،و تحسيس و توعية الشباب و تنوير افكارهم،و الكل يشهد بالنموذج المغربي في محاربة الإرهاب. *إصلاح الأحزاب السياسية بمبادرة ملكية و هذا ما تجسد من خلال مرحلتين،المرحلة الأولى التي دعا فيها جلالته الحكمومة إلى إخراج قانون جديد للأحزاب السياسية و هو ما تم بالفعل إذ تم إخراج القانون 36.04(5) الذي تم نسخه فيما بعد بالقانون التنظيمي 29.11(6) و الذي تم تعديله و تتميمه فيما بعد بالقانون التنظيمي 33.15(7) و القانون التنظيمي 21.16(8)،كما نجد أن خطاب العرش سنة 2017 كان تاريخيا كشف عن عيوب الأحزاب السياسية و يعتبر نقطة مهمة لاصلاحها،و هو ما نشهده الآن أن الأحزاب السياسية تقوم بالإصلاح تماشيا مع روح خطاب العرش سنة 2017 و 2018،بالإضافة الى خطاب افتتاح البرلمان سنة 2018. *الإصلاح الإداري بالمغرب،اذ أن الشغل الشاغل لجلالة الملك محمد السادس نصره الله الارتقاء بالإدارة المغربية إلى مصاف الدول المتقدمة،فخطاب افتتاح البرلمان سنة 2016 شكل ثورة إدارية بمبادرة ملكية و تم تجسيد الرؤية الملكية السديدة في البرامج الحكومية لتحسين أداء الإدارة. *عودة المغرب للاتحاد الإفريقي،الى بيته الأصلي،و هذا ما لاحظناه من خلال الزيارات الملكية للعديد من الدول الافريقية و القيام بالمشاريع الاقتصادية والاجتماعية و شراكات حتى في الميدان الديني بإعتبار أن العديد من الدول الافريقية إسلامية و تم إنشاء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة لترسيخ التعاون الديني بين الدول الافريقية،و كان من نتاج هذه المشاريع الاقتصادية والاجتماعية اكتساب الصداقة و الثقة مما أثر إيجابيا فيما بعد حيث أن العديد من الدول الافريقية سحبت اعترافها بالكيان الوهمي “البوليساريو” فعبقرية جلالة الملك محمد السادس نصره الله ترتكز بالأساس ان أي مشكل سياسي لا يمكن حله فقط من الجانب السياسي و إنما هناك طرق أخرى أكثر فعالية و هي الاستثمارات في الميادين الاقتصادية والاجتماعية،كما أن جلالة الملك محمد السادس أعزه الله أراد ان تكون القارة الإفريقية مثل القارة الآسيوية،لأن الدول الآسيوية نهجت طريقة ذكية في الاستثمار بحيث أصبحت تستثمر في نفسها و لا تترك الإستثمارات الأوروبية و الأمريكية أن تكون هي المهيمنة في القارة الآسيوية،و هذا ما يريده جلالته حفظه الله أن تكون الاستثمارات الافريقية هي المهيمنة في القارة الأفريقية. *شراكات مع الاتحاد الأوروبي و مع الصين و مع روسيا جعل من المغرب قوة اقتصادية تنافسية. *المخطط الصناعي،فالمغرب بفضل عبقرية الملك محمد السادس نصره الله فكر أنه لا يمكننا ان نكون أقوى فقط بالفلاحة،خصوصا أن هذه الأخيرة تتأثر بالتقلبات المناخية،لهذا السبب لجأ المغرب إلى صناعة السيارات و الطائرات،مما جعلنا بلدا أكثر استقطابا للشركات الكبرى،و جعل صناعته أكثر مصداقية،و بالتالي تم خلق فرص الشغل. *إحداث قطار فائق السرعة TGV. *تحسين البنيات التحتية و طرق المواصلات. *جعل مدينة طنجة ذات إشعاع دولي من خلال قطار TGV الذي ذكرناه و احداث الميناء المتوسطي،و إطلاق مشروع طنجة الكبرى،بل اكثر من ذلك أن افتتاح ميناء جديد بطنجة في يونيو 2019 يمنح المغرب الريادة في “البحر المتوسط،و مدينة طنجة الذكية “طنجة تيك” التي تمت بشراكة مع شركات صينية. *العودة إلى نظام التجنيد الإجباري كوسيلة لاذكاء الحس الوطني لدى الشباب و أن يتشبعوا بروح المسؤولية،و لاكتساب المهارات و تسهيل انخراطهم في سوق الشغل أو في صفوف القوات المسلحة الملكية. و في الختام نقول أنه بكل صدق و موضوعية أن مغرب العهد الجديد تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله عرف تطورا و طفرات في مختلف المجالات،و لا يهم كثرة الانتقاد حتى الأنبياء و أعظمهم الرسول محمد صلى الله عليه و سلم لم يسلموا من الانتقادات،و كما قال جلالة الملك محمد السادس أعزه الله:”اللهم كثر حسادنا” و كما قال جلالته بمناسبة افتتاح البرلمان سنة 2018:”… والواقع أن المغرب يحتاج، اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى وطنيين حقيقيين، دافعهم الغيرة على مصالح الوطن والمواطنين، وهمهم توحيد المغاربة بدل تفريقهم؛ وإلى رجال دولة صادقين يتحملون المسؤولية بكل التزام ونكران ذات…”،فالمغرب الذي يريده جلالة الملك مغرب الشباب مغرب متقدم و مزدهر،و العالم يشهد بالاستقرار الذي يعرفه المغرب رغم كثرة الحروب في الوطن العربي،فجلالة الملك بفضل رؤيته المتبصرة زاد من الثقة بين العرش و الشعب،و أن جميع الإصلاحات التي يقودها جلالته حفظه الله تكون مع الشعب حتى أن جلالته جعل من ذكرى ثورة الملك و الشعب شعارا في مسيرته التنموية،و ينبغي على الأحزاب السياسية أن تجتهد لتدفع هي الأخرى بالمغرب قدما،لأنه إذا ما قمنا بالمقارنة نجد أن جلالة الملك يذهب بوتيرة سريعة عبر مشاريع ضخمة جعلت من المغرب مثال يحتذى به بينما الأحزاب السياسية تسير ببطئ بل أكثر من ذلك فقد المجتمع الثقة فيها و هذا ما عبر عنه أعلى سلطة بالبلاد أعزه الله حينما قال في خطاب العرش سنة 2017:”…فعندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للإستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة. أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الإختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه. وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم. والواجب يقتضي أن يتلقى المواطنون أجوبة مقنعة، وفي آجال معقولة، عن تساؤلاتهم وشكاياتهم، مع ضرورة شرح الأسباب وتبرير القرارات، ولو بالرفض، الذي لا ينبغي أن يكون دون سند قانوني، وإنما لأنه مخالف للقانون، أو لأنه يجب على المواطن استكمال المساطر الجاري بها العمل. وأمام هذا الوضع، فمن الحق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟. فممارسات بعض المسؤولين المنتخبين، تدفع عددا من المواطنين ، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات. لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة ، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل. وإذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟ لكل هؤلاء أقول :” كفى، واتقوا الله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة ، وإما أن تنسحبوا….”،و بالتالي ينبغي على الأحزاب السياسية أن تعيد هيكلتها و تجدد أساليب عملها و تستقطب الشباب حتى تكسب ثقة المجتمع فيها،و قبل الختم سنستحضر مقتطفا من الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد سنة 2018:”…فالمغرب هو وطننا، وهو بيتنا المشترك. ويجب علينا جميعا، أن نحافظ عليه، ونساهم في تنميته وتقدمه. إن الوطنية الحقة تعزز الوحدة والتضامن، وخاصة في المراحل الصعبة. والمغاربة الأحرار لا تؤثر فيهم تقلبات الظروف، رغم قساوتها أحيانا. بل تزيدهم إيمانا على إيمانهم، وتقوي عزمهم على مواجهة الصعاب، ورفع التحديات. وإني واثق أنهم لن يسمحوا لدعاة السلبية والعدمية، وبائعي الأوهام، باستغلال بعض الاختلالات، للتطاول على أمن المغرب واستقراره، أو لتبخيس مكاسبه ومنجزاته. لأنهم يدركون أن الخاسر الأكبر، من إشاعة الفوضى والفتنة، هو الوطن والمواطن، على حد سواء. وسنواصل السير معا، والعمل سويا، لتجاوز المعيقات الظرفية والموضوعية، وتوفير الظروف الملائمة، لمواصلة تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية، وخلق فرص الشغل، وضمان العيش الكريم…” الهوامش: (1) ظهير شريف 1.04.22 الصادر في 3 فبراير 2004 بتنفيذ القانون 70.03 بمثابة مدونة الأسرة،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 5 فبراير 2004،ص:418. (2) ظهير شريف 1.11.151 الصادر في 17 غشت 2011 بتنفيذ القانون 42.10 المتعلق بتنظيم قضاء القرب و تحديد اختصاصاته،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5975 بتاريخ 5 شتنبر 2011،ص:4392. (3)ظهير شريف 1.17.45 الصادر في 30 غشت 2017 بتنفيذ القانون 33.17 المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك بمحكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة و بسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6605 بتاريخ 18 شتنبر 2017،ص:5155. (4)ظهير شريف 1.11.91 الصادر سنة 2011 بتنفيذ دستور 2011 الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر،ص:3600. (5)ظهير شريف 1.06.18 الصادر في 14 فبراير 2004 بتنفيذ القانون 36.04 المتعلق بالأحزاب السياسية،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5397 بتاريخ 20 فبراير 2006،ص:466. (6)ظهير شريف 1.11.66 الصادر في 22 أكتوبر 2011 بتنفيذ القانون التنظيمي 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5989 بتاريخ 24 أكتوبر 2011،ص:5172. (7)ظهير شريف 1.15.89 الصادر في 16 يوليوز 2015 بتنفيذ القانون التنظيمي 33.15 القاضي بتغيير و تتميم القانون التنظيمي 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6380 بتاريخ 23 يوليوز 2015،ص:6712. (8)ظهير شريف 1.16.119 الصادر في 10 غشت 2016 بتنفيذ القانون التنظيمي 21.16 القاضي بتغيير و تتميم القانون التنظيمي 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6490 بتاريخ 11 غشت 2016،ص:5854. *باحث أكاديمي من طنجة