شفشاون (شمال المغرب) – عادل الزبيري*: تقترب الساعة من الثالثة عصرا، في يوم خريفي في مدينة شفشاون في شمال المغرب، يكتظ السياح الإسبان على طاولات خشبية مزينة بالزليج – الرخام التقليدي – المغربي، في عطلة نهاية الأسبوع؛ الإسبان هم السياح رقم واحد من العالم في مدينة شفشاون. في "كاسا حسن"؛ دار حسن باللغة العربية، تفوح روائح أطباق الكسكسي المغربي والمشاوي على الفحم، وتختلط النكهات والتوابل، على الداخل إلى المكان، ليقرر سريعا تذوق سر هذه الروائح الزكية. وإلى هنا في شفشاون يأتي السياح المغاربة والأجانب، للاستمتاع بالوجبات اليومية من المطبخ المغربي، التي يسهر يوميا على طبخها نسوة مدينة شفشاون، ويترأسهم طباخ محترف رجل. بدائل مغربية سياحية جديدة ويقودني دليلي الميداني، أشرف بوخاري، إلى فندق بثقافة سياحية جديدة، حيث يقيم شباب من كندا واليابان والبرازيل، منذ أيام، بمقابل مالي يتراوح بين 20 و120 يورو لليلة الواحدة، بمنزل تقليدي في مدينة شفشاون، تحول بفضل وسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، إلى وجهة عالمية مفضلة، للانطلاق صوب مزارات ميزانية، في مدينة شفشاون. وتقدم مدينة شفشاون، نوعا جديدا من السياحة في المغرب، يواصل نجمها في الصعود، وفي إثارة انتباه شباب من قارات العالم، يبحث عن عمق التاريخ وروعة الجغرافيا؛ فغرفة جميلة الترتيب وأنيقة، بديكور يجمع التقليدي (التراثي مع العصري) العالمي، يمكن الحصول عليها بميزانية مقدور عليها من الجميع؛ ما يعني أن قضاء أيام من التجوال نهارا بين زقاقات عريقة، تعود إلى القرون الوسطى وبالمجان، متاح أمام سياح العالم. وبحسب القائمين على فنادق وإقامات شفشاون، فإن السياح التقليديين القادمين من فرنسا وإسبانيا، أصبح احتكارهم للمدينة، من الماضي، لتفتح المدينة العريقة، الواقعة بين جبال الريف، في شمال المغرب، ذراعيها للكنديين وللأستراليين وللأميركيين ولليابانيين وللكوريين. مدينة شفشاون المغربية وكلمة شفشاون، من اللغة الأمازيغية، وتعني بالعربية، قرون الجبل أو انظر إلى قرون الجبل. ويعدود تأسيس مدينة إلى 1471 ميلادية، أي أواخر القرن الخامس عشر الميلادي، على يد الشريف مولاي علي ابن راشد، على عهد الدولة الإسلامية للوطاسيين في المغرب، وأسست لتكون حصنا عسكريا، في مواجهة الأطماع الاستعمارية الأجنبية، خلال ما تسمى بمرحلة الاستكشافات الجغرافية الكبرى في العالم. وأول ما بني في مدينة شفشاون تاريخيا، هي القصبة، التي خضعت للترميم، ولا تزال متواجدة إلى اليوم، وتتضمن اليوم متحفا يروي صفحات من تاريخ المدينة. واستقبلت مدينة شفشاون في مرحلة سقوط الأندلس، منذ 1492، عائلات إسبانية مسلمة ويهودية، من الذين يسمون تاريخيا ب"الموريسكيين"، الذين تحولوا إلى رافد ثقافي وحضاري ساهم في إعلاء مدينة شفشفاون. وتستعد مدينة شفشفاون حاليا للحصول على اعتراف من منظمة اليونسكو، كتراث عالمي للإنسانية. 100 ألف سائح سنوياً وتستقبل المدينة سنويا، حوالي 100 ألف سائح أجنبي ومغربي، يختارون على الأقل مبيت ليلة واحدة، بين قمم جبال الريف، في مدينة شفشاون، بينما يقدر سكان المدينة بحوالي 40 ألف من السكان. وفي يوم الأحد، لم تمنع التساقطات المطرية الأولى من فصل الخريف، مواصلة السياح الأجانب جولاتهم اليومية في الحي العتيق للمدينة وبين الغابات المحيطة بالمدينة. ويتوزع السياح على طاولات مقاهي ساحة "وطاء الحمام" التاريخية؛ الأكثر شهرة في مدينة شفشاون، يمسكون بأيديهم كؤوس شاي أخضر مع نبتة النعناع، بحثا عن قليل من الدفء في يوم ممطر من شهر أكتوبر، فيما ينهمك مالكو المحال التجارية، في ترتيب المنتوجات التقليدية استعدادا لاستقبال وفود السياح الإسبان، لاقتناء تذكارات يعودون بها إلى الديار.