– المختار الخمليشي: لم تمنع الأجواء الحارة التي تخيم على مدينة أصيلة، الفنانة التشكيلية اليابانية "مازو ساوانو"، من مواصلة تدثير جانب من جدران هذه المدينة العتيقة، بخلطات من الألوان، لتسفر في النهاية عن لوحة جدارية تحاكي طبيعة هذه المدينة الصغيرة بسمائها وبحرها ونورسها. "مازو ساوانو"، التي قدمت إلى المغرب، لتبصم أول مشاركة لها بمدينة أصيلة في هذا الورش الفني المفتوح في الهواء الطلق منذ 37 سنة، ليست سوى واحدة من بين 12 فنانا تشكيليا يمثلون بلدانا مختلفة من العالم إلى جانب المغرب، كلهم يسابقون الزمن، من أجل وضع اللمسات الأخيرة لتزيين أصيلة، قصد استقبال ضيوف عرسها السنوي، المتمثل في موسمها الثقافي الدولي. "اخترنا اسم الفنان التشكيلي الراحل فريد بلكاهية، ليكون عنوانا لمختلف المشاركات الفنية التشكيلية، التي ستؤثث أنشطة دورة هذه السنة من موسم أصيلة الثقافي، سواء على مستوى أوراش الجداريات، أو أوراش الصباغة، إضافة إلى أعمال الحفر"، - يتحدث "محمد العنزاوي" منسق الورشات الفنية المبرمجة في إطار فعاليات الدورة 37 لموسم أصيلة الثقافي، التي ستنطلق غدا الجمعة -. ويشرح "العنزاوي" في حديث له مع صحيفة طنجة 24 الإلكترونية، أن المشاركين في ورشات هذه السنة، سيساهمون جميعا في إبراز القيم الفنية التي ظل الراحل فريد بلكاهية وفيا لها حتى وفاته قبل نحو سنة من الآن، كالتفاتة تكريمية للراحل في تفانيه في خدمة الفن التشكيلي، والعناية به طوال مشواره الفني. ويعد الفنان الراحل، فريد بلكاهية، الذي توفي في شتنبر 2014، من رواد الحداثة البصرية في المغرب، حيث شكلت أعماله الفنية أثرا واضحا في تطوير الممارسة الفنية الحديثة وطنيا وعربياً، من خلال ربطها بما يعتمل في المجتمع، ويشغل الناس في واقعهم اليومي. ويزخر فضاء مركز الحسن الثاني للمتلقيات الدولية بأصيلة، بالعديد من الأعمال الفنية التي خلدها الراحل فريد بلكاهية، خلال أكثر من مشاركة له ضمن دورات موسم أصيلة الثقافي، كانت آخرها سنة 2013، كما خلد الراحل نماذج مشرقة من أعمال الحفر التي ما زال يشهد عليها فضاء قصر الثقافة. وتحتفي "خيمة الإبداع" المبرمجة ضمن فعاليات دورة هذه السنة لموسم أصيلة الثقافي، بمكانة الفنان التشكيلي الراحل "فريد بلكاهية"، باعتباره أحد رواد الفن التشكيلي، الذين أثْرَوا ساحة هذا الميدان. وبتأثر كبير، يستحضر الفنان التشكيلي المغربي، "حكيم غيلان" علاقته بالراحل فريد بلكاهية، قائلا في تصريح لصحيفة طنجة 24 الإلكترونية، "تعرفت عليه عندما كنا أطفالا .. كان صديقي وأخي، تشاركنا العديد من الأعمال الفنية، كان آخرها قبل سنتين هنا في مدينة أصيلة". في أحد دروب مدينة أصيلة، ينهمك الفنان "حكيم غيلان"، في توجيه اثنين من مساعديه، ويتعلق الأمر بالفنانين الشابين "أحمد كرموني" و"سارة أحلالوم"، وهما طالبين بمعهد الفنون الجميلة بمدينة تطوان، من أجل إنجاز جدارية ضخمة، ستشكل استمرارا لأعماله السابقة التي لطالما بصم بها جدران المدينة. ويشرح غيلان - الذي بدأ أولى مشاركاته الفنية ب"موسم أصيلة" مع أولى دورات هذه التظاهرة قبل 37 سن - "هذه اللوحة التي قيد الإنجاز، تمثل بصمة أخرى لها علاقة بأعمالي الفنية السابقة بهذا المنتدى الثقافي". ويضيف الفنان التشكيلي في حديثه مع الجريدة، أن مواضيع جميع اللوحات التي رسمها لا تتعارض مع بيئة مدينة أصيلة. وتشكل جداريات أصيلة، متحفا فنيا كبيرا في الهواء الطلق، تعود انطلاقة أول أوراشه إلى سنة 1978، عندما قرر منظمو أول دورة لموسم أصيلة الثقافي، توفير معدات وأدوات لفنانين تشكيليين، يتولون مهمة تزيين المدينة، لاحتضان مثل هذا الحدث الثقافي الكبير، وبسبب ظروف مادية حينئذ، فقد ظلت أوراش الجداريات حكرا على الفنانين المغاربة، قبل أن يلتحق بهم فنانون قدموا من مختلف قارات العالم للمشاركة في جدارياتها. ومع توالي الدورات سيتولد عن "جداريات أصيلة" أول مشغل للفنون الحفرية في المغرب.