عبد المغيث صبيح (*): تغير جلي ذاك الذي يطال المعيش اليومي للمغاربة وأذواقهم واهتماماتهم خلال شهر رمضان، ومحاولة التماهي مع هذا التغير هو هاجس البرامج الإذاعية خلال الشهر الفضيل، في سعيها المحموم للظفر بأكبر حصة ممكنة من الآذان الصاغية. ففي زحمة التنافس بين مختلف وسائل الإعلام بشكل عام، تكتسي البرامج الإذاعية خلال شهر رمضان حلة جديدة تخطب بها ود المستمعين ممن قد يجدون في المذياع ضالتهم ومؤنسهم في الطريق أو في العمل أو حتى في المنازل، حلة تراعي خصوصية الشهر الفضيل الروحية والغذائية والصحية. وتشكل مواضيع الدين والصحة والتغذية الثالوث الذي يهيمن على البرمجة الإذاعية خلال شهر رمضان، إلى جانب مواضيع أخرى تتراوح بين الترفيه والرياضة والفكاهة والمسابقات الثقافية على الخصوص، مواضيع قد يضيق الحيز الزمني المخصص لها قياسا بباقي أيام السنة. فشهر رمضان، برأي الإذاعي عبد الرحمن العدوي، موسم إذاعي خاص تتغير فيه العادات الاجتماعية وتتغير معها الاهتمامات، ولذلك يتم التركيز على الشأن الديني، لاسيما الفتاوى وترتيل القرآن وتفسير آياته والابتهالات والأناشيد، وكذا على الجانب الصحي، أي كل ما هو تغذية أو أمراض مرتبطة بالصيام، فضلا عن الترفيه خلال الفترة المسائية. هذه أهم مكونات البرمجة الإذاعية الرمضانية، يقول الإذاعي المغربي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، مشيرا إلى أن شبكة البرمجة تصبح مرتبطة أكثر بأوقات الصلاة، وتحديدا فترة ما قبل الظهر وما بين الظهر والعصر وما بين العصر والمغرب وفترة ما بعد العشاء. فالمنافسة تزداد حدة خلال شهر رمضان لأنه ليس موسما عاديا، وكذا بالنظر إلى محدودية المواضيع، ما يفرض على الإذاعيين حسن تدبير الوقت بالنسبة للبرمجة الإذاعية، التي تشكل، حسب الإذاعي ميلود الخضر، “العمود الفقري وسر النجاح” بالنسبة لاستمالة المستمعين. “لرمضان نفحات خاصة ولذلك يكون المستمع المغربي المسلم في حالة خاصة، تنبغي مراعاتها والتفاعل معها ومع ما يرافقها من طقوس وشعائر، حرصا على الأمن والاستقرار الروحي” لهذا المستمع، يقول الخضر في تصريح مماثل. ويؤكد المتحدث، في هذا الصدد، على ضرورة مراعاة “السوسيولوجية المغربية خلال توجيه منتوج معين للمغاربة، فإذا عرفنا من نحن وما الذي نرغب فيه والاستماع إليه، فسنتمكن حتما من الاستجابة لرغبات المستمع وانتظاراته”، مسجلا، في هذا السياق، أن لشهر رمضان تأثير على ما هو دفين في الإنسان المسلم، ولذلك، لابد من إعداد برامج تراعي الحالة الخاصة التي يكون عليها الأخير. وترى الإذاعيىة فاطمة الزهراء الجديلي، من جهتها، أن هذا الجو الروحي الذي يعيشه العالم العربي والإسلامي برمته يفرض تمديد الحيز الزمني المخصص للبرامج ذات الطابع الديني والتي تشكل، في إطار التغير الذي تشهده شبكة البرمجة الإذاعية خلال رمضان، ما بين 60 و70 في المائة من مجموع البرامج التي تبثها الإذاعات المغربية مقارنة مع فترات البرمجة العادية. وإذا كانت الإذاعية المغربية تقر بالتغير الكبير الذي يطرأ على البرمجة الإذاعية خلال رمضان، فإنها لا تعترف، بالمقابل، بالمنافسة بين الإذاعيين كسبيل لرفع نسب مستمعيهم، بقدر ما تعتبر أن الأمر يتعلق ب”تعاون” هدفه التكيف مع واقع الشهر الفضيل والاستجابة لأذواق الجمهور. “ما يحرك إذاعتنا هو هاجس تلبية رغبات المستمعين، وبالتالي لا يتعلق الأمر، في هذا المقام، بمنافسة، بل بتعاون بين مختلف الإذاعات، من أجل تلبية احتياجات المستمعين والاستجابة لأذواقهم”، تقول الجديلي. تختلف الترددات، وتختلف البرامج الإذاعية اختلاف الأشخاص والأذواق، لكن رمضان واحد، يتوحد فيه سعي الإذاعيين لكسب المستمعين وتنويرهم دينيا وصحيا وسلوكيا … ولكل في ذلك وجهة إذاعية هو موليها.