– المختار الخمليشي: تنامت حدة الخلاف القائم بين عمدة مدينة طنجة فؤاد العماري والوالي محمد اليعقوبي، إلى حد الحديث عن قطيعة بينهما. ما أثار العديد من التأويلات حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا التشنج غير المعهود في القلاقة بين مسؤولين، أحدهما يمثل سلطة الوصاية والآخر يمثل المؤسسة الخاضعة لهذه السلطة. ويرى العديد من المراقبين، أن تنزيل برنامج "طنجة الكبرى"، قد ساهم بشكل كبير في تعميق هوة الخلاف بين كل من الوالي اليعقوبي والعمدة فؤاد العماري، بسبب وجود نوع من التداخل في اختصاصات كل من الولاية والجماعة الحضرية فيما يتعلق بتنزيل مشاريع هذا البرنامج المندمج. وفي تحليله لأسباب الخصومة القائمة بين الوالي والعمدة، ينطلق الباحث الأكاديمي المتخصص في مجال الشان المحلي هشام بن السالك، من تحديد أرضية اختصاصات كل من الوالي ورئيس المجلس الجماعي، مشيرا إلى أن اختصاصات الوالي محددة في إطار مرسوم 1977 الخاص برجال السلطة، بينما اختصاصات رئيس المجلس الجماعي، تخضع لبنود الميثاق الجماعي، لا سيما الفصول من 36 إلى 39. ويؤكد بن السالك، في تصريحات لصحيفة "طنجة 24" الإلكترونية، على العلاقة بين المؤسستين (الولاية والمجلس الجماعي)، هي علاقة سلطة وصاية تخضع فيها المؤسسة المنتخبة إلى الوالي، بصفته "ممثلا لجلالة الملك ومسؤول عن تنزيل السياسة الحكومية العمومية إضافة إلى التنسيق بين مختلف المصالح الخاريجية للوزارات على مستوى نطاق نفوذه". أما السبب في تنازع الاختصاصات بين الوالي والعمدة، كما هو حاصل في مدينة طنجة، فيرى هشام بن السالك، أن طبيعة البرنامج المندمج "طنجة الكبرى" بأبعاده الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، من حيث المبدأ، هي اختصاص الجماعة الحضرية، إلا أن هذا المشروع يكتي طبيعة خاصة، لكونه مشروعا ملكيا خالصا، وبالتالي فإن الولاية هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن تنزيل وتتبع إنجاز مختلف المشاريع وبالإضافة إلى تدخل الوالي اليعقوبي في اختصاصات العمدة العماري، كسبب رئيسي في تذمر هذا الأخير من الوصي على اختصاصته، فإن هناك عامل مرتبط بوجود العماري على رأس الجمعية المغربية لرؤساء الجماعات الترابية، التي يستخدمها المعني بالامر كأداة للضغط على وزارة الداخلية لرفع وصايتها عن المنتخبين. لكن تصاعد حدة الخلاف بين الطرفين، يعزوه المتحدث، إلى عامل ثالث مرتبط باقتراب موعد انتخابات مجالس الجماعات الترابية، التي يحاول من خلالها فؤاد العماري، وخلفه حزب الأصالة والمعاصرة الذي ينتمي إليه، استعراض دوره في تنزيل مشروع "طنجة الكبرى"، الذي من شانه ان يحسن مستوى العيش في مدينة البوغاز. ويختم هشام بن السالك، من انعكاس هذه الخلافات على سير المشاريع والأوراش الجارية في مدينة طنجة، معتبرا أنه ينبغي الأخذ بعين الاعتبار مصلحة المدينة أولا وأخيرا، قبل جميع الاعتبارات السياسية، خاصة وأن مدينة طنجة على موعد مع قرب الموسم السياحي، الذي تعول من خلاله على تحقيق ديناميتها الاقتصادية.