طنجة - أنس مزور(*): ربما لم يخطر ببال المواطن المغربي القاطن بمدينة طنجة، عبد السلام الهيطوط، بعد 10 سنوات من انتظار طفل يحمل اسمه، أن تتركه زوجته فجأة، وتذهب إلى سوريا، تاركة إياه حائرا بين المحكمة، ورغبته الملحة في الزواج والإنجاب. الهيطوط اكتفى طوال عقد، بابتسامات زبائنه من صبية الجيران، ممن يشترون الحمص المطبوخ في أيام الشتاء البارد، على أمل أن يرزقه الله بابن يعوضه عن تلك السنوات، قبل أن تنقلب حياته رأسا على عقب، مع قرار رفيقة دربه، رضية الرويفي، السفر إلى سوريا للجهاد مع تنظيم "داعش". ويحكي الهيطوط، لوكالة الأناضول، بمرارة كيف كلفه خطأ طبي، سنوات من الرقاد على الفراش، ليستطيع بعدها العودة إلى عمل يتلخص في بيع الحمص المطبوخ شتاء ورقائق البطاطس صيفا، رغم إصابته بعدد من الإعاقات بأطرافه (إعاقة حركية في القدم واليد). ومنذ بداية زواجه، رفض "بائع الحمص والبطاطس" أن يسمح لزوجته بالعمل، مكتفيا بالسماح لها بتدريس الأميات، القرآن الكريم. وقال الهيطوط في هذا الإطار: "زوجتي لم تكن ذات علم كبير، فتكوينها الشرعي بسيط، لكنها كانت تتطوع لتعليم الأميات قراءة القرآن بأحد الكتاتيب". وبعد نحو 8 سنوات ونصف السنة من الزواج، حدث الهيطوط زوجته، عن نيته الزواج بامرأة أخرى طمعا في إنجاب أطفال، وفسر ذلك في حديثه للأناضول قائلا: "زوجتي كانت مريضة، ولا تستطيع الإنجاب، لهذا فكرت بعد استرجاع قدر من حيويتي أن أتزوج عليها، لأرزق بأطفال من صلبي، لكن زوجتي رفضت". ويشترط القانون المغربي لتعدد الزوجات أن يكون هناك "مبرر موضوعي استثنائي" أي يقبله المنطق وأن يكون لأسباب معينة مثل مرض الزوجة، إضافة إلى "إعلام الزوجة الأولى بأنه يرغب في زوجة ثانية وأن يحيط الثانية علما بأنه متزوج بالأولى حتى يتحقق الرضا بين الطرفين". الهيطوط تابع روايته قائلا: "بعد مدة قليلة من حديثي معها عن زواجي الثاني من أجل الإنجاب، بدأت تطلب مني أن نغادر المغرب، ونرحل إلى سوريا.. لكني رفضت الذهاب إلى المجهول، وقلت لها أنا لا أريد أن أذهب بعيدا عن أهلي وبلدي". لم تستسلم الرويفي لقرار زوجها بالرفض، فتدبرت أمر سفرها مع صديقاتها، بحسب ما حكته للهيطوط خلال اتصال هاتفي، وغادرت المغرب في رحلة غير مباشرة إلى سوريا لاحقا، للانضمام ل"داعش". وتذكر "الزوج" الأيام الأولى، التي اختفت فيها "زوجته" عن الأنظار، وقال: "لم يخطر ببالي أنها ستذهب إلى سوريا، فقط ظننت أنها قد سافرت إلى أسرتها غاضبة، لكن بعد اتصالي بهم، تأكدت أنهم لا يعرفون عنها شيئا، فذهبت إلى الشرطة". وبعدها ب3 أسابيع، والحديث للهيطوط، اتصلت بي زوجتي من سوريا، مضيفا "صدمت، حين سمعتها تقول إنها بسوريا، فرغم محاولاتها السابقة بإقناعي بالذهاب إلى هناك، لم أكن أتوقع أن تسافر بدون موافقتي وإذني". ومضى قائلا: "طلبت مني المسامحة، وكشفت لي أنها سافرت بعد اقتناعها بفتوى تجيز للنساء السفر بدون إذن الولي أو الزوج طلبا للجهاد". وأضاف: "حين اتصلت بي، خيرتني بين أمرين: الاستقرار معها بسوريا، أو تطليقها"، متابعا: "قالت لي: هنا الدولة ستعطيك 2000 درهم (250 دولار وقتها)، فجميع المعاقين هنا لا يعملون ويتقاضون أجرا. وأكدت لي أنها لا تستطيع العودة إلى المغرب، لهذا يجب أن ألتحق بها، أو تطليقها، فاستجبت لطلبها الثاني، وقلت لها أنت طالق". وبعد تطليق الهيطوط للرويفي، عبر الهاتف، وجد نفسه أمام مشكلة قانونية، فحتى اليوم، لم تستجب بعد المحكمة لطلب تطليقها، حسب روايته التي جاء فيها أيضا: "بلغني أنها تزوجت هناك بسوريا، وأنا بدوري أرغب في الزواج وإنجاب أطفال، لكني لا أستطيع فعل أي شيء، إلا بعد قرار المحكمة، حيث لا يوجد مكان رسمي لمراسلتها أو التواصل معها وبالتالي لا تستطيع المحكمة البت في طلب التطليق وتتأخر الإجراءات كثيرا".