– محمد سعيد أرباط: في مثل هذا اليوم (8 نونبر) من سنة 1517، مات رجل الدين الاسباني الكردينال الشهير فرانشيسكو خمينيث سيسنيروس، الذي يعد المدبر الأكبر لمأساة حرق الآلاف من كتب المسلمين في غرناطة، بعد سقوطها في يد الملكين الكثولكيين فرديناند وايزابيلا سنة 1492. هذا الكردينال الذي كان أمين سر الملكة ايزابيلا، يعد من أكبر الرجال تأثيرا في التاريخ الاسباني المبكر بعد انتهاء حكم المسلمين بالأندلس، حيث كان السبب في العديد من القرارات الظالمة والقاسية في حق المسلمين، ويبقى أبرزها حرق كتبهم وقرار تنصيرهم ثم محاكم التفتيش التي مارست أبشع طرق التعذيب في حق كل من تم الشك في تنصره. غير أن قضية حرق كتب المسلمين في ساحة الرملة بغرناطة بعد سقوطها في يد المسيحيين تبقى من أبرز الأعمال الإجرامية التي سجلها التاريخ إلى جانب اسم الكردينال سيسنيروس الذي أشرف بنفسه على حرق الآلاف من هذه الكتب والمخطوطات القيمة العربية بهدف قطع علاقة أهل غرناطة المسلمين مع أي آثار تذكرهم بالوجود العربي الاسلامي بالمدينة والأندلس. وقد تضاربت اقوال المؤرخين حول العديد الحقيقي لهذه الكتب، منهم من أشار إلى آلاف الكتب ومنهم إلى عشرات الآلاف في حين أن آخرين أشاروا إلى أكثر من مليوني كتاب ومخطوط، لكن مما لا شك فيه أن عدد لا يستهان به من الكتب العربية الاسلامية قد أحرقت وانتهت نهاية مأساوية على يد هذا الكردينال في ذلك اليوم المشؤوم من سنة 1499. وبعد ذلك ب 18 سنة من عملية حرق الكتب وعن عمر يناهز 61 سنة بمدينة روا بإقليم برغوس مات الكردينال سيسنيروس في مثل هذا اليوم، 8 نونبر 1517 بعدما سجل نفسه في التاريخ بحروف بارزة كأحد "المجرمين" الذين حرموا البشرية من علوم ومعارف كان يمكن أن يكون لها تأثير آخر لو نجت من تلك المحرقة السوداء.