لرمضان في المغرب سلطته وعاداته وتقاليده وطقوسه مما يجعل من هذا الشهر شهرا متميزا ومتفردا عن باقي شهور السنة ، ولعل هذا التميز يكاد يتجلى في الليل أكثر من النهار ، فليالي رمضان تجمع بين النسك والعبادة من جهة وبين الفساد والدعارة من جهة ثانية ولهذا اخترنا لهذ المقال عنوان :( ليالي رمضان بين التراويح والترويح ) عدد كبير من المغاربة بعد ساعات الإفطار يخرجون لصلاة التراويح ، بعد أن قضوا سحابة يومهم صائمين يبحثون عن أجر الصيام وقيام الليل ويعودون لمنازلهم لمتابعة البرامج التلفزية مقتنعين أن أيام رمضان تقتصر على أعمال كالصوم والتبضع والصلاة وصلة الرحم ومتابعة برامج التلفاز وقراءة أو الاستماع للقرآن الكريم ، ويزداد الاقتناع بكون رمضان شهر الصوم والعبادة عندما يلاحظ المرء تلك الأفواج الهائلة التي تتقاطر على مختلف المساجد لأداء صلاة التراويح لدرجة أن معظم المساجد لا تقوى على استيعاب مرتاديها فتراهم يشكلون صفوفا خارج أسوار المساجد بل كثيرا ما تغلق تلك الصفوف بعض الشوارع ...وكما تكتض المساجد ليلا في رمضان تكتض المقاهي ومجالس الطرب والسمر ، قد يلاحظ الكثير من الأسر في ليالي رمضان خلق فضاءات للسهر والترويح وأخرى للعناء والطرب ولعب الكارطا والضامة لكن ما لا يبدو للبعض هو نشاط ظاهر يمكن تسمستها بظاهرة الدعارة الرمضانية فما المقصود بالدعارة ؟؟؟ وما خصوصيات دعارة رمضان ؟؟ الدعارة هي استئجار أو تقديم أو ممارسة خدمات جنسية بمقابل مادي إنها ببساطة بيع الخدمات الجنسية ، ويمكن التمييز فيها بين الدعارة القسرية والدعارة الطوعية. والدعارة ظاهرة قديمة بقدم الإنسانية وإن ربطها البعض بالفقر. وقد استعملها آخرون بمعاني رمزية فتحدثوا عن الدعارة السياسية معتبرين ممارسة أية مهنة أو التفوه بأية فكرة أو موقف سياسي من أجل المال فقط أو المنفعة والمصالح نوعا من الدعارة. وحتى وإن تعالت بعض الأصوات هنا وهناك داعية إلى تقنين الدعارة بين واعتبار( صنعة للجنس) و (أقدم مهنة امتهنتها المرأة ) كباقي الصناعات يجب تقنينها وحماية المتعاطين لها من كل خطر صحي او اجتماعي واستثمار عائداتها المالية الضخمة فيما يعود بالنفع على الدول فإن معظم القوانين والشرائع تحرم وتمنع الاتجار في لحوم البشر كما أن الأعراف تقلل من شأن من يتعاطاها .... صحيح أن الدولة تعمل على منع بيع الخمر في هذا الشهر فتقفل الحانات ومتاجر بيع الخمر لكن مقابل ذلك تفتح آلاف المحلات للسهر فكثيرة هي المقاهي والكارجات والفضاءات التي حولت مجال للأغاني الشعبية والسهر تنقل عددا من زوارها من أجواء العبادة والنسك والتراويح إلى الترويح يستمر عملها حتى اقتراب موعد السحور ..كما أن العديد من الأمكنة تغدو مجالا خصبا للبغاء .. أن المتردد على المقاهي ليلا برمضان سيلاحظ أن زبناءها من النساء في تزايد ، فيكفي أن تتسلل لأي مقهى لتلاحظ أنامل رقيقة تمسك بين السبابة والوسطى سجائر في غنج .. وشفاة ناعمة تنفت الدخان في نخوة ، معظمهم في ريعان الشباب وأحيانا كثيرة فيهن قاصرات ... موضوعنا اليوم ليس تدخين النساء في المقاهي لكن العديد من هؤلاء الفتيات يجلسن وحيدات او مع بعضهن البعض في انتظار قدوم ضحية تدفع ثمن المشروب وتٌستدرج للجنس ... بعد آذان المغرب وما أن تٌملأ البطون بالحريرة حتى يهرع العديد من النساء المغاربة إلى الشارع فترى الأسراب جيئة وذهاب في كل شارع منهن من تضرعت بالصلاة ومنهن من ادعت زيارة قريب أو صديق لكن عددا منهن يخرجن كل يوم ليبعن بعض ما بين أفخاذهن من حرارة ... إلى عهد قريب كان في كل مدينة حي خاص بالدعارة يقصده الشبان والعزاب يفرغون فيه بعض ما يؤرق بالهم ويطفون فيه بعضا من نار الشهوة المشتعلة في الأحشاء والجوانح ... لكن مكوث بائعات الهوى في منازلهن وانتظار الزبون أو المناداة عليه من النافذة أو الجلوس في أبواب المنازل بصدور أو سيقان شبه مكشوف مع تلويك العلكة .... أصبح تجارة كاسدة لا فائدة منها خاصة مع دخول جيل جديد من الفتيات منهن القاصرات ميدان التنافس ... لذلك أصبح الشارع محط تنافس بين مختلف الفئات من نساء الدعارة .. ولعل ما يجعل الظاهرة لافتة للانتباه في رمضان هو خروجهن جميعا في وقت محدد ( من التاسعة إلى الحادية عشر) ومن فاتها الموعد فقد لا تظفر بأي غنيمة ... تتعدد الأمكنة التي يقصدها بائعات الهوى حسب المستوى الاجتماعي وحسب الضحايا المتربص بهم . لصاحبات الدرك الأسفل أماكن معلومة غالبا ما تكون أزقة ضعيفة الإنارة أو خلف المحطات الطرقية أو قرب محطات القطار أو محطات الحافلات يكاد المرتادون على هذه الأمكنة يحفظون وجوههن وهن في الغالب بجلاليبهن ومن هن من تحمل خمارا وكأنهن يشعرن بأنهن يفعلن ذلك على مضض ... وتكفي إشارة بالرأس أو اليد للظفر بالشهوة المعروضة على الرصيف أما الفئة الثانية منهن فتفضل الشارع تقطعه طولا وعرضا وانتظار أي زبون صاحب دراجة نارية أو سيارة يكفيه الوقوف لدقائق لتراهما يركبان الريح في اتجاه النشوة المنتظرة .... وتشكل المقاهي والفنادق المكان المفضل للجيل الجديد وصغيرات السن اللواتي رفضن انتظار الزبون وفضلن الخروج إليه والاقتراب منه في أماكن راقية ... ويكفي الفتاة أن تضع أمامها سيجارة من النوع الغالي الثمن و مشروبا وتنظر من يدفع الثمن.. وإن كانت منهن من غدت تعتمد التكنولوجية الحديثة في البحث عن الزبائن : تجلس في المقهى وترسل رسالة بالبلوتوت قد تظفر من خلالها بهدفها في دقائق أما النوع الأكثر أمانا فهو الذي يخرج من البيت وقد حدد هدفه مسبقا خاصة من أصحاب السيارات والسيدات المتزوجات الذين تربطهم علاقة مع شخص آخر ... هذه بعض ملامح دعارة رمضان انطلقنا فيها من مدينتنا وحاولنا تعميمها على مدن أخرى متجنبين تحديد أسماء الأزقة والمقاهي لما قد يلحق أصحاب هذه المقاهي من أذى مع ضرورة الإشارة إلى أن الوقت الذي تمتلئ فيه المقاهي والشوارع بهكذا سلوكات تكاد المساجد تضيق بالمصلين فترى أكثر المغاربة ملتزمين على أداء الصلوات في وقتها ، متشددين في التردد على المساجد