ما كان العفو ليهبط بهذه السهولة (أو ما كان ليهبط أصلا !) لو تعلق الأمر بمناضلين واجهوا الاستبداد أو طالبوا بالحرية أو دافعوا عن كرامتهم وسيقوا إلى أحقر الزنازين زمرا . فقد خبرنا ذلك ، فكان العفو ينزل قطرة قطرة وبعد أخذ ورد يطول شهورا أو أعواما حتى ، وتحت ضغط محلي ودولي مسترسل . ما كان العفو ليهبط بهذه السرعة (أو ما كان ليحصل أصلا !) لو أن المعنيين مسوا مقدسا أو شقوا عصا الطاعة لأولي الأمر أو أتوا بكل ما من شأنه الشهير . لكنه هبط سريعا سهلا لأن المعني إسباني منحدر من سلالة استعمرتنا لعقود خلت ولا زالت تحتل مدينتين مغربيتين وجزرا بجوارهما ، لأن المعني ينتمي إلى دولة غارقة في الأزمة حتى النخاع ونعتقد أن لنا مصالح معها ونتمنى أن تغير موقفها من مسألة الصحراء ، لأن المعني ما كان ليسجن لو لم يجد أمامه أطفالا في مقتبل العمر يرغمونه على اغتصابهم وقضاء نزواتهم منه ، أليس ضحية تحرش هؤلاء الأطفال ب÷ وبالتالي وجب تمتيعه بأقصى ظروف التخفيف وهي البراءة ؟؟ !! لكن الغريب الأغبر أن يصدر هذا العفو ووزير العدل ملتح يعرف مابينه وبين الله ، ورئيس حكومته ملتح آخر يسبح لله طول النهار وأناء الليل ، ناهيا عن المنكر آمرا بالمعروف كما يريد إيهامنا به ، اللهم إلا إذا كان ما وقع لايدخل في باب المناكر ، وللضرورا أحكام ، والضرورات تبيح المحظورات : الرجل الإسباني مظلوم ، والأطفال هم الجناة الفعليون الذين قاموا بإغوائه ، والعفاريت والتماسيح هم من أوحوا للملك بإصدار العفو ... هزلت وباخت وفسدت (أو بالأحرى ازدادت فسادا ونتانة) ، لو كنت مكانك - أسي بنكيران - لقدمت استقالتي ولأخرجت حزبي من حكومة لا تحكم ومن مؤسسة لا سلطة لها لتبقى وفيا (وهذا أضعف الإيمان !) لدين تحدثت باسمه وإسلام دثّرت حزبك بقيمه ومبادئه وأركانه . لكن لا حياة لمن تنادي !! أطفالنا المغصوبين/المغتصبين/المهانين في عقر وطنهم من طرف عنصر منحدر من دولة أهانتنا في الماضي وأشبعتنا إذلالا وهوانا (وإن كنا أخرجناها عنوة) : لكم آباؤكم وأمهاتكم الذين ولدوكم أو تبنوكم أو لم يفعلوا ، لكم شعبكم الذي سينزل اليوم ليستنكر ما جرى ويطالب بالحفاظ على ما تبقى للبلد من كرامة وماء وجه !.