أيها الشعب العظيم، ها أنا أتقدم إليك بخطابي هذا تعبيرا عن وصول رسالتك التي ناديت بها في الشوارع. كما أني فهمت أن الصراخ ناتج عن آلامك في فترة حكمي. أعتذر لك باسمي و باسم حكومتي، أعتذر عن كل قطرة دم سالت في سبيل الحرية، كما ألتزم أمامك التزام القائد، أن أي طلقة رصاص لن تطلق في جسم أي مواطن و سأقف بالمرصاد أمام كل من سولت له نفسه اهانة أي مواطن. سأفتح صفحة جديدة للإصلاح، أدعوا فيه الجميع إلى حوار وطني، عبر تظاهرات سلمية في الشوارع، و نقاشات حرة في الاعتصامات و نقاشات بين الفاعلين السياسيين في القاعات و الإذاعات. سأدشن عهدا جديدا يكون فيها الإنسان محور كل فعل، إيمانا مني بأن انتصار الشر يكون بسكوت و سكون الصالحين، و سيتحقق الخير بانخراط الجميع في عملية بناء المستقبل كل حسب موقعه. صحيح أن اقتصاد البلاد مبني على الريع و الامتيازات و قد ضحى جميع المواطنون بالغالي و النفيس من أجل تكوين برجوازية وطنية تقود قاطرة التنمية نحو الاستقلال الحقيقي، و قد آن الأوان لاعتماد مفاهيم المساواة و المنافسة و الشفافية في اقتصادنا. لن أسمح اليوم بطرد أو هروب هذا الرأسمال لتستفيد منه دول أخرى. لقد بنينا جميعنا هذا الرأسمال المادي و سنحتضنه و سنطوره حتى يستفيد الجميع من ثماره. صحيح أننا اعتمدنا القمع و القتل في سبيل إرساء أركان الدولة، فاعلم أيها الشعب العظيم أننا شاركنا جميعنا في هذا البناء و شاركنا كذلك في كل الجرائم، شاركت بالتشجيع و الزغاريد، شاركت في الاستقبالات، صوتت على أحزاب تبحث فقط عن مصلحة مؤسسيها ، أعطيت الرشوة... كما شاركت بالصمت في عدة مجالات أخرى. حان الوقت لاعتماد مفاهيم حقوق الإنسان في بناء الدولة الحديثة التي نصبوا إليها. لن أسمح كذلك بهدم هذا الكيان الذي قام و نما بدماء و أرواح أبناء هذا الوطن. أيها الشعب العظيم، قررت أن أكون رئيسا مؤقتا لحكومة مؤقتة مدة 6 أشهر، أعمل فيها لتهيئة مناخ الانتقال نحو نظام ديمقراطي، أساسه أحزاب حقيقية تقوم أنت بتشكيلها لتعبر عن طموحاتك. و بعد ذلك أعتزل السياسة و أعيش في وطني ما تبقى من أيام حياتي مواطنا فخورا بما حققه شعبه. لن نخجل بعد الآن من ماضينا و أخطائنا لأنه ماضي كل الديمقراطيات، لن نقف خارج صيرورة التاريخ، بل سنواجه غمار المستقبل بكل عزم و إخلاص لبلورة نظامنا الديمقراطي و تحقيق طموحات شعبنا الحر، و ذلك باعتماد شعار المرحلة: حرية، كرامة، عدالة اجتماعية. لن تتحقق هذه الأماني إلا بالعمل و جعله عقيدة كل منا، سنبني حلما مشتركا في غد أفضل و نسعى إلى تحقيقه بالعمل الجاد مجندين بالإيمان بنبل مشروعنا المجتمعي. والسلام