افتتح السيد عبد السلام العزيز الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي الأكاديمية الصيفية الأولى لمنظمة الشباب الاتحادي، القطاع الشبيبي للحزب، المقامة بمدينة آسفي تحت شعار "الديمقراطية دابا" ما بين 24 غشت 2012 و 30 منه، بلقاء مفتوح طرح فيه أرضية سياسية أطرها برصد المناخ الدولي والجهوي العربي للمرحلة الحرجة التي يعيشها المغرب، والمتسمة بالأزمة التي شملت مجالات شتى، عنوانها اجتياح الأزمة الاقتصادية والمالية للبلدان الرأسمالية والدول التبعية، ومؤثراتها على مستوى الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لهذه البلدان، تمظهر جليا في فضاء المحيط العربي باندلاع الثورات وإسقاط أنظمة استبدادية، واعتبر السيد عبد السلام العزيز حركة 20 فبراير بالمغرب تجليا للربيع العربي في صيغته المغربية منوها بدورها الجبار في إعادة الاعتبار لسلطة الاحتجاج الشعبي، ما فرض على الدولة تقديم بعض تنازلات على الرغم من كون هذه التنازلات لا تترجم حقيقة مطالب الحركة ولا طموحات وآمال الشعب المغربي، مما يستدعي الرفع من وتيرة النضال بالشكل الذي يضمن تحقيق أهداف الحركة وشعاراتها التي لا تختلف عن شعارات الحركة اليسارية المغربية على مدى تاريخها النضالي، وفي قلبها إسقاط الفساد والاستبداد لأن الاستبداد والفساد وجهان لعملة واحدة. وفي سياق توصيف تداعيات التدبير الحكومي للمرحلة بالمغرب رصد السيد الأمين العام الخيبات التي تلقاها الشعب المغربي جراء التدبير السيء للملفات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من لدن الحكومة الحالية التي تفتقر إلى برنامج سياسي واضح، ورؤية مستقبلية ناضجة، فضلا عن تنكرها لكل الشعارات والوعود البراقة التي رفعتها خلال حملة أحزابها الانتخابية، مما يؤشر على مزيد من تعميق حالة عدم الاستقرار الاجتماعي خصوصا إذا استحضرنا بعض المؤشرات الاقتصادية البارزة، على سبيل المثال: تراجع الصادرات المغربية بفعل الأزمة المالية العالمية؛ التراجعات التي عرفتها عائدات قطاع السياحة، وتحويلات العمال المهاجرين للخارج، وعودة بعضهم للاستقرار ببلدهم المغرب؛ الأزمة الطاقية التي تؤشر عليها الارتفاع المتزايد للبترول عالميا؛ الأزمة الغذائية التي تبرز معالمها في ارتفاع أسعار المواد الأولية والأساسية، ومضاعفات فعل الجفاف للموسم الحالي. وبدل تقديم حلول ناجعة وجريئة لهكذا وضعية مأزومة، من قبيل وضع مخطط شمولي ينطلق من فرض ضريبة على الثروة، وتوزيع عادل لها، ومحاربة لوبيات نهب المال العام، ووقف عمليات تهريب العملة التي يعد المغرب من الدول الخمس الأولى في تهريبها على المستوى الإفريقي... قامت الحكومة الحالية بإجراءات أرخت بظلالها على الوضعية الاجتماعية من خلال الزيادة في المحروقات وما ترتب عنه من زيادات في المواد الغذائية الأساسية وكافة السلع الاستهلاكية، وفرض رسوم على التعليم العالي بهدف تخصيصه للفئات الغنية، والتنكر للحقوق المعطلين، ورفع شعار "عفا الله عما سلف" وتكريس حالة اليأس والإحباط العام خصوصا في صفوف الشباب. إن من شان وضعية كهذه، يؤكد السيد الأمين العام، أن تهدد الاستقرار ببلادنا إذا لم يتحمل مدبرو الشأن العام مسؤولياتهم التاريخية في مرحلة تعتبر من أكثر المراحل الحرجة في تاريخ المغرب المعاصر. وفي سياق التأطير للأفق النضالي المغربي يرى السيد عبد السلام العزيز ضرورة اضطلاع اليسار المغربي بأدواره التاريخية للنضال من أجل الانتقال من ملكية تنفيذية إلى ملكية برلمانية وذلك عبر تسطير أهداف واضحة، وتعزيز تحالف اليسار الديمقراطي والارتقاء به إلى مستوى فيدرالية لها أجهزتها التقريرية. إن بناء تحالف يساري قوي ومؤثر يؤكد السيد الأمين العام رهين بالبحث عن نقط الالتقاء مع تيارات يسارية أخرى في أفق إعادة بناء حركة اليسار من جديد، وهي المهمة التي تقتضي، من بين ما تقتضيه، امتلاك وعي تاريخي صحيح، وعي بالذات وبالتاريخ، يمكِّن من امتلاك آليات التحليل العلمي للقبض على ميكانيزمات وإواليات اشتغال السلطة، ومحددات الصراع وخلفياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وخلق البديل النضالي الفعال القادر على تجاوز مرحلة الردة والنكوص التي تعيشها البلاد، هذا، فضلا عن ضرورة الاستمرار في النضال ورفع وتيرته على مختلف الواجهات النقابية والجمعوية والثقافية...