في الحلقة الماضية تابعنا بعض طرائف جحا وما تمور به من مواقف تهكمية ساخرة،واليوم سنحاول استعراض طريفة ذات بعد تربوي واجتماعي بطلها شيخ /مرب،ومريد/طالب،وزوجة/ابنة الشيخ . تقول الحكاية بكل اختصار: كان سعيد بن النسيب(وهو من فقهاء المدينة السبع)يدرس العلوم الشرعية في إحدى مساجد المدينةالمنورة.وكان من بين المريدين/الطلاب طالب نجيب، ملتزم، متشبع بالقيم الدينية والتربوية، يسمى ب"عبد الله بن وداعة".وحدث أن تغيب عبد الله عن حلقة علم شيخه بدون سابق إنذار، فسأل عنه فأخبره زملاؤه أن زوجته قد ماتت.لم يقف الشيح مكتوف الأيدي، بل انتظر عودة عبد الله إلى المسجد فقال له:هل تزوجت؟قال عبد الله:وأنا فقير من يزوجني؟فرد الشيخ :أنا أزوجك. يقول عبد الله بن وداعة:كنت ذات يوم أفطر بعد آذان المغرب(كان صائما)على خبز وزيت، فجأة طرق باب البيت، فقلت من الطارق؟فرد علي الطارق:أنا سعيد. قال عبد الله:والله لقد جال في خاطري كل رجل اسمه سعيد إلا بن المسيب لأنه كان يتردد على بيته والمسجد طيلة أربعين سنة. ولما فتح عبد الله البيت،وجد أستاذه.وبعد تقديم التحية،علم الأستاذ مدى خجل تلميذه عبد الله فحسم الموقف قائلا:هذا زوجك فان أبى فأدبه.(الزوجة هنا هي ابنة سعيد التي كتب أبوها الكتاب، وأحضرها إلى غرفة تلميذه عبد الله). يقول عبدا لله:بعد أن دخلت العروس وانصراف الوالد، أسرعت إلى إطفاء السراج حتى لا ترى ما بي من شظف العيش من أول ليلة(خبز وزيت). يقول عبد الله:وبت معها في أطيب ليلة، وفي الصباح هممت بارتداء ملابسي، فإذا بالزوجة تسأل:إلى أين يا عبد الله؟ فقال:إلى مجلس أبيك سعيد فردت قائلة:اجلس أعلمك علم سعيد. يقول عبد الله:والله لقد كنت اسألها في القضايا الفقهية الدقيقة التي تعيي العلماء، وكنت أجد لديها أدلة من الكتاب والسنة ،وعشت معها أكثر من أربعين سنة،مرة واحدة قلت لها مخطئة.وشتان ثم شتان بين المخطئ والخاطئ. أين نحن اليوم من نساء ورجال السلف؟