اضطرت رئاسة المجلس البلدي لأكادير إلى فرض طابع السرية على جلسة التصويت على الحساب الإداري لدورة شهر مارس يوم 17 من الشهر الجاري، وذلك بعدما حدث في الجلسة السابقة التي كانت قد شهدت احتجاجات غير مسبوقة انتهت برفع الجلسة وتأجيلها أسبوعا آخر. ولكن رغم "تهريب" الجلسة من حي الداخلة إلى المركب الثقافي محمد خير الدين، وفرض طابع السرية عليها ومنع الجميع من حضورها (مواطنين وصحفيين ومتتبعين...)، إلا أن تنسيقيات مجموعة من أحياء المدينة تمكنت من كسر الطوق الذي فرضته القوات المساعدة على مداخل مركب خير الدين، ودخل عشرات المواطنين قاعة الجلسات حاملين للافتات تدين بعض قرارات المجلس ومرددين لشعارات مناوئة للرئيس القباج. هذه الوضعية جعلت الجلسة تستمر لساعات طويلة، حيث فرض المحتجون إيقاعهم وتمكنوا من "السيطرة" على الموقف، الشيء الذي حول القاعة إلى منصة لمحاكمة أعضاء المجلس من طرف المواطنين الذين طالبوا، عوض الحساب الإداري، ب"حساب" اجتماعي تجاه من صوتوا عليهم ومنحوهم ثقتهم. لكن وللتمكن من التصويت على الحساب الإداري في ظروف هادئة، بحكم أن القباج يتوفر على أغلبية مريحة تخول له التصويت على جميع القرارات دون مشاكل، قامت القوات العمومية بإخراج المواطنين من داخل القاعة بالضرب والهراوات، مما استدعى نقل أحدهم إلى المستشفى بواسطة سيارة إسعاف. وبعد ساعات من الأخذ والرد، تمكنت السلطة المحلية من إفراغ القاعة (حتى الصحفيون كان لهم نصيبهم من المنع من الدخول في البداية ومن الطرد الديبلوماسي في الأخير)، حيث صوتت أغلبية القباج على الحساب الإداري. واعتبر إبراهيم أوتحيون، ممثل تنسيقية جمعيات المجتمع المدني بأنزا، والتي حضرت هذه الجلسة للاحتجاج على تصويت المجلس بإقامة محطة التصفية الأولية بالحي المذكور، اعتبر أن قرار السلطة المحلية بإغلاق الأبواب الخارجية للمركب الثقافي قصد منع المواطنين من الولوج إلى القاعة يعد سابقة خطيرة في تاريخ الجماعات المحلية، حيث تدخلت السلطة لمنع المواطنين، مع العلم أن الجلسات العمومية، يضيف أوتحيون، تكون دائما علنية، إلى أن يعلن الرئيس عن سرية الجلسة وترفع بصيغة قانونية. وهذا التصرف جعل الجمهور ينفجر، ويقتحم الأبواب ومنهم من قفز من فوق الأسوار ومنهم من دخل من الباب بعد تمزيق ملابسهم، حيث اقتحموا القاعة للاحتجاج والمطالبة بحقوقهم. وأضاف ممثل تنسيقيات المجتمع المدني بأنزا أن رئيس المجلس البلدي يريد أن يتهرب بهذه الدورة التي هي دورة للأرقام، وفيها يتبين مسار الأموال العامة التي يتصرف فيها الرئيس وأغلبيته الحاكمة، يضيف نفس المصدر. وحول فرض طابع السرية على هذه الجلسة صرح جواد فرجي، المكلف بالتواصل داخل المجلس البلدي، للجريدة أن هذه الجلسة تأتي في سياق التصويت على الحساب الإداري، والذي يأتي مباشرة بعد المصادقة على المخطط الجماعي للتنمية وما أثاره هذا المخطط من حنق مجموعة من الجهات. واعتبر جواد فرجي أن السبب وراء تذمر هذه الجهات يعود أساسا إلى أنها رأت أن العديد من المصالح العقارية أخذت طريقا آخر الذي هو طريق المصلحة العامة، لذلك نعتقد، يضيف فرجي، بأن ممثلي لوبي العقار المغربي في أكادير والمستفيدين معهم استوعبوا للتو ما هو الميثاق الجماعي والنهج الذي يسلكه، لهذا نحن نعتقد أنه من الضروري أن يمر الحساب الإداري، نظرا أنه فيه نقاش عميق وطويل وستشتغل فيه اللجان، أما ما يجري هنا من سب و شتم وإزعاج للأعضاء فلا يمكن أن يساعد على مناقشة الأمور بكل أريحية، نحن سنصوت بشكل عادي لأننا نملك أغلبية مريحة جدا، والأشخاص الذين لا يتوفرون على الأغلبية يأتون من أجل ممارسات أخرى. وبخصوص احتجاجات المواطنين الذين أصروا على حضور جلسة التصويت على الحساب الإداري، رغم منع السلطات ورغم التدخل العنيف الذي تعرضوا له من طرف القوات المساعدة داخل قاعة الاجتماعات بالمركب الثقافي محمد خير الدين، اعتبر فرجي أن هؤلاء يمثل أغلبهم ساكنة منطقة تدارت بأنزا، وأن المجلس السابق صادق على النقط المتعلقة بملفاتهم، في حين، يضيف جواد فرجي، أن المجلس الحالي صادق فقط وصوت على الإجراءات التكميلية، لأن "الناس اختاروا بقعهم ونوقشت في المجالس السابقة وتم التصويت عليها، ونحن نطبق فقط قانونا قائما". وتجدر الإشارة إلى أن الجلسة الأولى للتصويت على الحساب الإداري، ولم يتم إنهاؤها يوم 10 مارس، كانت قد شهدت تدخل المعارضة في نقطة نظام، تضمنت سؤالا موجها للرئيس عما إذا وقع تعديل أو تغيير أو تزوير في نسخة المخطط التنموي للمدينة الذي صادق عليه المجلس في دورة أكتوبر، وذلك بعد أن وزع عضو من المعارضة وثائق قال إنها تشهد على التزوير الذي لحق نسخة مخطط التنمية الموجهة إلى الوزارة الوصية. وكانت الأغلبية قد أحجمت عن الإجابة بسبب عدم إدراج هذه النقطة في جدول الأعمال، مما صعد من الاحتجاجات من خلال تدخلات الأعضاء المشكلين للمعارضة، الذين اعتبروا أن ما وقع للنسخة الموجهة إلى وزارة الداخلية يعتبر تزويرا للوثيقة التي صادق عليها المجلس يحاسب عليه القانون. كما أن نفس الجلسة (بتاريخ 10 مارس) كانت قد شهدت هيجانا كبيرا من طرف ممثلي المجتمع المدني وبعض المواطنين، الذين رددوا شعارات مضادة للرئيس من قبيل "القباج سير فحالك/ أكادير ماش ديالك" و"الشعب يريد إسقاط القباج"، ويافطة كتب عليها "KABAGE DEGAGE". ومزق عضو بشبيبة العدالة والتنمية شعار الحزب داخل القاعة، احتجاجا على تصويت ممثلي الحزب المشكلين للأغلبية على دفتر تحملات مشروع إنشاء محطة المعالجة الأولية المرفوض من قبل سكان أنزا، وذلك بعد ما هددت الشبيبة بأنزا باستقالتها من الحزب، إذا صوت مستشاروه على هذه النقطة. وتوقفت الجلسة لأزيد من ساعة ونصف، قبل أن يعود الرئيس ويطلب إفراغ القاعة لجعل الجلسة مغلقة، غير أن المحتجين رفضوا ذلك رغم تدخل القوات العمومية، الشيء الذي دفع بالرئاسة إلى رفع الجلسة إلى موعد 17 مارس لتعقد مغلقة.