بعد لقائهم في ملتقى الإعلام الدولي بالمغرب، ولمسهم للفرق الشاسع بين العمل على أرض الواقع وبين الافتراض، طرح مجموعة من المدوّنين والصحفيين فكرةً ليست جديدة في واقع الأمر، بحكم أنها حلمٌ عربي يخطر ببال كلّ شاب يتمنى الرّقي بالعالم العربي في كل المجالات. هذه الفكرة تقوم على أساس العمل التطوّعي في إطار مشروع "حركة ثورية فكرية" تضع أمامها عدداً من الأهداف، وتختلف عن باقي الحركاتِ في كون المتطوعين لدعمها يريدون الخروج بها للواقع بعد عدد من الخطوات، وعدم الاكتفاء بالتحرك في العالم الافتراضي، وأيضا في كونها لا ترفع شعارات من قبيل " الشعب يريد إسقاط النظام". فمن هم المبادرون بتأسيسها؟ هم شبابٌ من مختلف الدّول العربية، مبدعون ويتمتعون بالقدرة على الحلم والعمل لأجله حتى آخر نَفَس، لديهم طموحات تخترق السّماء، مهتمون بالمعرفة متعطّشون للفكرة والمشروع، جمعتهم الأقدار وستجمعهم مستقبلاً مع كل راغب في التطوّع لخدمة المشروع النّبيل، ووجدوا أن لديهم طاقات هائلة لا يمكن أن يواصلوا الصّمت وتركها تُهدر مع كل ثانية تمضي بدون عملٍ ولا تفكير!. ما هي أهدافهم ؟ لشباب لاحظوا أن المواطن العربي أصبح يشعر باليأس وفقدان الأمل في أي تغيير ممكن، بل وأصبح كل واحدٍ لا يتقن سوى "لعن الظلام" ونعت العرب بالتخلف وعدم القدرة على التقدّم للأمام.. وهذا في واقع الأمر أخطر من المشكل نفسه. صحيح، هناك تخلّف عربي، ولكن مواجهته لأجل حلّه لا تكون بالانتقاص من قيمة العربي كإنسان يملك عقلاً، ولكنّها بالتحدي والمواجهة والحُلم ثم العمل. ومن بين ما يهدفون إليه، خلق روابط جديدة للتواصل بين المثقفين وعامّة الشعب، نحو خطوة لنبذ فكرة النخبوية التي تعمل على احتكار المعرفة وجعلها مقتصرة على النخبة من المثقفين والمفكرين. تقديم الدعم للشباب في مسيراتهم الإبداعية، نشر إبداعاتهم والوصول لجميع الشباب في كل المناطق وتقديم يد العون لهم. وإيصال أفكار جديدة بطرق مثيرة لأفراد لا يتابعون الأخبار ولا يهتمون بالقراءة ولا والكتابة ثم لفت انتباههم إلى أهمية مشاركتهم في صناعة القرار، وتطوير مهارات الشباب التواصلية وطرق التفكير وفتح أبواب المعرفة أمامهم. من الواضح أن هناك من سيتساءل كيف يمكن لشباب متطوّعين فقط أن يعملوا على تحقيق هذه الأهداف؟ ما هي الوسائل التي سيعتمدون عليها ؟ بما أنهم مجرد متطوعين، فإنهم سيعملون بالاستعانة بوسائل بسيطة، أماكن اللقاءات على أرض الواقع ستكون أماكن عامّة في المرحلة الأولى، الوسائل هي حواسيب نقالة مزودة ببرامج تفيد في الدورات التكوينية التي ستقام بين الشّباب، ويمكن أيضاً استغلال الندوات ومعارض الكتب لأجل مدّ جسور التواصل مع شباب آخرين والتخطيط للقاءات أخرى. لمسألة – كما يؤكد أحد المبادرين بالعمل على الفكرة- ليست مسألة ماديات، يقول:" بإمكان العمل التطوعي وحده أن يصل إلى نتائج لا يصل إليها العمل الذي يتلقى تمويلاً ويعتمد على اجهزة ووسائل متطورة، المهم هو المضمون، أما طريقة إيصاله فمسألة تقنيات وحسب". "حركة الثورة الفكرية بالعالم العربي" وسؤال البرنامج: جمع المبادرون بالتخطيط للمشروع على عدد من الخطوات التي سيتم اتباعها للخروج بالفكرة من النظرية إلى الواقع، وقد فكّروا أوّلاً في تأسيس لجانٍ ممثلة للحركة في كل الدّول العربية، لتنتقل بعد ذلك إلى فرق في كل مدينة عربية، ومسألة الفرق هذه جاءت لأجل تذليل صعوبة "اللقاءات التواصلية" التي تقيّدها المسافات بين المدن من جهة وبين الدّول من جهة أخرى. فالفرق ستعمل على أرض الواقع في كلّ أحياء المدن، والإنترنت لن يستعمل إلاّ للتنسيق مع الفرق الأخرى، بمعنى أنه سيكون مجرد وسيلة تواصل وربط للأفكار وتبادل للخبرات أما التطبيق فأرضيته هي الواقع. هذه الفِرق ستكون متطوّعة لتقديم دورات تكوينية بسيطة للشباب المهتمين من نفس المدينة، مثلا من كان لديه خبرة في التدريس يقوم بإعطاء دروس في مجال معين، ومن كان يملك مؤهلات علمية في مجال ما يقوم بتقديم دورات في ذلك المجال، ومن خلالها يقوم بربط الاتصال بالفئات التي تريد الإبداع وتقديم شيء جديد في مجال معين، ويتم فتح الباب لها لنشر إبداعاتها وتقديم عروضها على المواقع الإلكترونية الشّريكة في البرنامج، أو على الموقع الخاص بالحركة إن وجدَ مستقبلا. نتائج هذه الفكرة ستظهر على المدى البعيد، فلا يوجد تغيير يتحقق في لحظة واحدة، بل هناك تراكمات كثيرة تسمح له بالاستمرار خصوصاً أن الحركة – رغم أنه لا زال الوقت مبكّرا للحديث عن حركة- تتخذ من المواطن العربي موضوعاً لها، ومن تغيير الوعي السّائد ونشر المعرفة هدفاً. المنهجية التي تميّز الحركة هي ما أطلق عليه مؤسّسوها " قاعدة التأثير الفكري الارتباطي" والتي تترجم عمليّا كالتالي : "أنا أؤثر في صديقتي لتبدأ بالتحرك لأجل تحقيق هدف ما، وهي تؤثر في صديقتها التي تؤثر في مجموعة من 5 أشخاص مثلا، والمجموعة تؤثر في 10 أشخاص لنجد أن نصف الشّعب قد وصلته كل الأفكار في غضون سنةٍ أو أقل". المدونون المعنيون والصحفيون قاموا مؤخرا بإنشاء مجموعة تواصلية على الفيسبوك بعنوان "مؤسسو حركة الثورة الفكرية بالعالم العربي" وقد انضمّ إليها خلال بضع ساعات أزيد من 140 عضواً من مختلف الدول العربية، وليسوا مجرد أعضاء وحسب، فجميعهم يملكون رغبة قوية في العمل التطوعي لإنجاح الفكرة مستقبلا، ويملكون روحاً إبداعية بلا نظير. ولو تخيلنا أن كل واحد فقط قام بالتأثير في شخصين على الأقل، وقدم كل واحد فكرة، فسيكون لدينا في مدة قصيرة أزيد من 300 متطوّع وفكرة، وبالطبع فإن مجال التطوّع والانضمام مفتوح لجميع المهتمين والحالمين المجانين!.