ليس من الحكمة تحليل مذبحة نجع حمادى استباقا لتحقيقات النيابة العامة ، الا أن جلل الحدث وبشاعته وما يترى بعده من تداعيات لا تصب فى صالح الوطن بأية حال ، تفرض علىَّ كمواطن ، ضرورة المحاولة على حذر ، لتسليط الضوء على بعض ملاحظاتى الشخصية التى أسردها ، على من يهتم ، من منطلق الحرص على اظهار الحقيقة وكشف الغموض الذى يحيط بها ! وأبدأ بأن المجزرة التى راح ضحيتها سبعة من المواطنين ، وعلى حد تصورى وفهمى المتواضع ، واستنادا الى طبيعة الجناة ، هى ، كما أظنها ، صراعات سياسية ليس لها علاقة بالدين أو الثأر للشرف كما يروج البعض ، ربما تعمية على السبب الأصلى ! وذلك استنادا لنقطتين رئيسيتين : أولا: ما هو معروف عن تخلى ما يسمى ب "التنظيمات الاسلامية" عن العنف بعد المراجعات الكثيرة التى تابعناها جميعا ، وهو ما يؤكده عدم اعلان أى تنظيم مسئوليته عن الحادث كما هو متبع فى مثل هذه الأمور ! وحتى لو كان وراءها تنظيم متطرف غير معروف ، أو خلايا "نائمة " كما يطلق عليها ، فمن المستحيل أن تقدم على الاستعانة بمجموعة من "البلطجية" لتنفيذ ما ترى ، على سبيل الخطأ ، أنه نوع من الجهاد ! والا فقدت الهدف الذى تسعى فى تحقيقه ! اضافة الى أن كون الجناة "بلطجية" ، مستأجرين بالطبع ، يخرج بالحدث برمته عن أى أيدولوجية أو تطرف دينى سواء على المستوى الشعبى أو التنظيمات . ثانيا: أما الثأر للشرف .. فمنذ متى كان المصريون ، وخاصة أهل الصعيد بعائلاتهم المترابطة وعصبيتهم القبلية الشديدة ، يلجأون لاكتراء "بلطجية" أو قتلة محترفين لتنفيذ عمليات الثأر أو "غسل العار" بدلا من "تبريد نارهم" والانتقام بأيديهم ؟! الأمر الذى ان حدث فهو اعلان صريح عن خلو العائلة من الرجال ، واهدار لكرامة القبيلة وجعلها عرضة لسخرية العائلات والقبائل الأخرى أبد الدهر ، إضافة الى أننا لم نسمع أو نقرأ أن النيابة أجرت تحقيقا من أى نوع مع أهالى فتاة فرشوط المفترض وفق هذا التصور أنهم المحرضون للبلطجى المتهم ! وهو ما يعنى أن رجال النيابة أنفسهم يستبعدون هذا الاحتمال غير الواقعى ! اذا ، فالمنطق يفرض علينا استبعاد الصاق المذبحة بالتطرف الدينى ، أو تبريرها بمسألة الثأر للشرف التى يروج لها البعض خروجا من المأزق ومحاولة للتأثير على سير التحقيقات ! ربما لعدم كشف ما إن يُبْدَ لنا يسؤهم ! كذلك يدفعنا نفس المنطق الى استبعاد ما جادت به قريحة سعادة الدكتور مفيد شهاب ، وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية ، وما تمخض عنه رابطا "الصدفة" التى جمعت بين قافلة شريان الحياة بقيادة النائب البريطانى الشجاع جورج جالاوى ، واستشهاد المجند أحمد شعبان على الحدود مع غزة ، ووقوع الأحداث المؤسفة فى نجع حمادى !!! ، أو ما أعزى به محافظ قنا أسباب الحادث الى "استفزازات" يقوم بها المسيحيون ضد المسلمين ، الأمر الذى ينفيه كسبب ، مرة أخرى ، كون الجناة "بلطجية" !!! اذ ليس من المعقول أن يُستَفز "المسجل خطر" وحده مرتديا قميص "المعتصم" ! متقلدا سيفه ! مبادرا للانتقام ! بينما يجلس باقى المواطنين الشرفاء "ملطشة" لا حول لهم ولا قوة ! هذا على فرض صحة حديث الاستفزاز الذى يقودنا الى السؤال عن أين كان سيادة المحافظ وقوات أمنه وقت حدوث هذه الاستفزازات ؟! ولماذا لم يتم منعها واعتقال صاحبها فورا ؟! الغريب أن تبرير المحافظ الذى أطلقه قبل نهاية التحقيق !!! ، فتح الطريق للبلطجى المتهم فى اعترافاته أمام النيابة !! فبعد انكاره ، عاد وقال أن "ما قيل" عن نشر صور فاضحة لفتيات مسلمات هو دافعه للجريمة ! بمعنى أنه لم ير أو يتأكد وانما خرج لقتل سبعة أنفس هكذا سماعى !!! ثم منذ متى كان أى بلطجى مستأجر ، خاصة بلطجية الانتخابات ، تثور كرامته لمثل هذه الأمور التى يفعل الأشر منها ليل نهار غير عابىء بقيم أو بدين ؟! مع مفاجأة أن ذلك الكمونى ، الثائر للشرف ، كان أول عهده بالسجون تنفيذ حكم حبس بثلاث سنوات بتهمة هتك عرض ، وأن اعتقاله المتكرر دائما ما كان نتيجة بلاغات بلطجة أو تحرش بالنساء ! رغم ما أكده أخوه من أن عددا من نواب مجلسى الشعب والشورى بالمدينة كانوا يستعينون به كى يجلب لهم أصواتا انتخابية !!! ● لعبة الدين والسياسة اذا بقيت السياسة !!! وما أدراك ما السياسة .. الغائب الحاضر بألغازها المحيرة فى الكثير من شئوننا المصرية !!! والتى أظن أنها السبب الرئيسى والوحيد الذى يقف خلف الحادث ! يدفعنى الى هذا "الظن" عدة نقاط أهمها: أولا: مزج الأنبا "كيرلس" أسقف نجع حمادى بين رسالته الدينية واشتغاله بالعمل السياسى كعضو له ثقله وشأنه بالحزب الوطنى ، الأمر الذى عاد بالوبال على رعايا الأبرشية من أبناء نجع حمادى وتوابعها فى أكثر من مناسبة ، وبما يفرضه ذلك من تملق ومداهنة لقيادات الحزب ، دفعت بنيافة الأنبا المحترم ذات يوم أن يفعل ، من باب الوحدة الوطنية ! ، كما تفعل قلة من مشايخنا الذين يحلو لهم تسخير آيات الله وتطويعها ارضاء للحاكم ، فيلقى مقولته الشهيرة ( إننا ننتخب سيادة الرئيس تحقيقا للنص الأنجيلى مبارك شعبى مصر ) !!! ورغم ذلك ، فهناك وجهة نظر أخرى أخبرنى بها أحد أصدقائى المسيحيين قائلا بالنص ( البابا والقيادات الكنسية في علاقة غير جيدة مع الانبا كيرلس بالاضافة الي الغول ايضا ، الانبا كيرلس له مطالب .. الطريق مسدود من جهة الكنيسة ، ومغلق من جهة المحافظ ، ومغلق من جهة مجلس الشعب بسبب عبد الرحيم الغول ، اذا لا طريق للحوار الا من خلال الحزب الوطني ) ، بمعنى أن الأنبا .. الطموح .. حاول الحصول على قوته من الاشتغال بالسياسة والارتكان الى الحزب الحاكم على حساب الدين ! ولأنه يطمح أن يتولى مقعد البابا القادم ، فلابد له أن يبدو فى صورة الرجل القوى المدافع عن حقوق رعاياه المسيحيين ، حتى ولو بالتهييج واختلاق المشاكل مع المسلمين أو مع أى محافظ لقنا ، الأمر الذى يدفع الأبرياء من الطرفين ثمنه فى النهاية ! عموما ، وأيا كان السبب ، فالزعامة عن طريق مزج الدين بالسياسة هى آفة مصر وموطن بلائها ، وهو الأمر الذى أرفضه ، على المستوى الشخصى ، بالنسبة لأى رجل دين مسلم أو مسيحى ! فرجل الدين ، فى رأيى ، مهمته الوحيدة شرح تعاليم الدين ، المطلق ، وقيمه وأدابه للناس حكاما ومحكومين وارشادهم الى طريق الله سبحانه وتعالى ، بعيدا عن السياسة ، النسبية ، وما يمكن أن يهبط به التنافس حولها من دروك متدنية لا تتفق مع قدسية الدين والاحترام الواجب لرجاله ! الا أننا عند هذه النقطة تحديدا ، لا يمكننا توجيه اللوم الى الأنبا كيرلس وحده ! ، فهو لم يزد عما يفعله البابا شنودة الذى أقحم الكنيسة فى المعترك السياسى سواء باستباقه الاعلان الدائم عن تأييده و"شعب الكنيسة" لجمال مبارك ان قرر الترشح لرئاسة الجمهورية ، أو بحث رعاياه على التصويت لصالح مرشحى الحزب الوطنى فى أى انتخابات ، سواء بأوامره الرسمية لرجال الكنيسة ، أو بتعليماته الروحية لشعبها ! للدرجة التى أصبحت أصوات المسيحيين فى أى دائرة محسومة ومضمونة لصالح مرشح الوطنى ، بل وتدخل ضمن استراتيجيته على أساس أنها أصوات حصل عليها بالفعل قبل بدء المعركة ! رغم أن الحزب الوطنى الذى يتملقونه لا يختار مرشحيه من المسيحيين مكتفيا بتعيينهم من قبل الرئيس !!! هذا اذا استثنينا الوزير يوسف بطرس غالى لأسباب لا تخفى على أحد ! هذا الاقحام للكنيسة فى مستنقعات السياسة كما كتبت من قبل ، ظن به البابا أنه سيصطنع له أو لرعاياه يدا ما عند النظام ، دون ادراك أنه يحجر على رأيهم ويفصلهم عن مجتمعهم الكبير ، ودون انتباه الى أن الحكومات لا تفهم تلك المعانى حتى على فرض أن من ورائها هدفا نبيلا ! وليس بامكان أحد ، أيا كان ، اصطناع يد عندها لا أمس ولا اليوم ولا غدا أيضا ! اضافة الى أنها سياسة ثبت فشلها خلال ما يقترب من الأربعين عاما التى جلس فيها البابا شنودة على كرسى البطريركية ! نشأت فيها أجيال رسخوا فى روعها الشعور بالاضطهاد والضعف والمواطنة من الدرجة الثانية وعدم القدرة على المشاركة فى اللعبة السياسية التى يتحكم فيها المسلمون داخل النظام أو فى الشارع كما "أفهموهم" ! سياسة أفرزت الكثير من الانشقاقات داخل الكنيسة نفسها بصورة مخيفة لم تشهدها طوال تاريخها الطويل ! وذلك لأنها فضلت اسلوب "المداهنة" على حقوق "المواطنة" ، وتسابقت على ارضاء "أشاكيف" الحزب الوطنى وتملقهم للحصول على مكاسب سياسية شخصية أو كنسية بعيدة فى أغلبها عن آمال شعب الكنيسة ، وبطريقة جعلت الاخوة المسيحيين يحجمون عن المشاركة الفعالة فى شئون الوطن رضوخا لتعليماتها ، وخوف الطرد من رحمتها ، ولو بالمشاركة بالاحتجاج السلمى لقضية عامة مع اخوانهم المسلمين أو حتى لقضاياهم الخاصة !!!! سياسة كان هدفها أن "تتفضل" الحكومة بحل مشاكل المسيحيين من باب رد الجميل طالما أنهم لطاف ظرفاء يمنحونها أصواتهم ، بضمانة البابا ، ويطيعون أوامرها بكل أدب وتهذيب دون اعتراض ! لا من باب اقتناع الحكومة بأنهم مواطنون مصريون فى المقام الأول والأخير لهم حقوق يبحثون عنها كما يرون لأنفسهم ! ولكن الحكومة لم ولن "تتفضل" ، لأنها ببساطة تعلم أنها اذا "تفضلت" وحلت مشاكلهم فلن يمنحوها تأييدهم فيما هو قادم ! فهم فى البدء والنهاية مواطنون مصريون يتجرعون أفاعيلها معهم مسلمين أونصارى ! نفس هذا الكلام ينطبق على مشيخة الأزهر ! مع الفارق أن المشيخة فقدت أثرها الروحى على المسلمين منذ أصبح الامام الأكبر موظفا حكوميا يتقاضى راتبه وأوامره من الحكومة ، فكانت النتيجة تحولها الى مؤسسة سياسية "للتخديم" على سياسات النظام ! واضعافها كمرجعية دينية ! وترك الساحة الروحية بالكامل ل "مشايخ الظلام" أصحاب فتاوى التكفير اذا ما أكلت "الزلابية" ! لذلك لا داعى ولا جدوى من اضاعة الوقت بانتقاد أخطاء فرعية نتجت عن خطأ أساسى ضخم يستوجب التغيير ! ، على خلاف البطريرك ، الذى يأتى اختياره راعيا لشعب الكنيسة وفق رغبة الهية ، حسب اعتقاد رعاياها ، دون تدخل أو توجيه حكومى من أى نوع ، على الأقل حتى الآن بالنسبة للبابا شنودة أو البطاركة السابقين ، وبالتالى فلا حاجة له ان يخضع لتأثير النظام ، ولا تعنيه توجهاته ، ولا يدين له بشىء ما يحتم عليه سياسة تملقه كما ذكرت آنفا ، حتى ولو طمعا من البعض فى دعم النظام لشغل كرسى البابوية القادم ! ثانيا: هذا الاشتغال بالسياسة ، من البديهى أن يخلق نوعا من الحزازات مع بقية المنافسين السياسيين ، حزازات يهبط مداها الى ما يمكن أن يبيحه لنفسه بعض الساسة من انحدار أويقبل بممارسته من تدنى لتحقيق الهدف الذى يسعى اليه ! ، وهى حزازات ، لم يخفها الأنبا كيرلس نفسه فى تصريحاته الكثيرة التى أعقبت الحادث ، والتى انسلخ منها ونفاها بطريقة تثير الريبة ، عقب زيارة المهندس أحمد عز أمين تنظيم الحزب الحاكم ! ففى البداية ، وفى تصريح خطير جدا أدلى به الانبا لوكالة فرانس برس قال حرفيا ( المتهم معروف وهو مسجل خطر مشهور باسم "حمام كموني" ، وكان يفترض ان يكون موقوفا ، ولكن الشرطة تركته حرا بتحريض من نواب نجع حمادي ، وهم نواب نافذون في الحزب الوطني الحاكم ( ! وهى نفس الاتهامات التى كررها أمام الفضائيات المختلفة وزاد عليها بتأكيد ملاحظته غياب المسئولين عن الحضور لتقديم التهنئة بالعيد على غير العادة ، وأن الأمن لم يكن موجودا بالكثافة المطلوبة للمناسبة وأنه كان هو المستهدف بالقتل ! هذا الكلام الخطير يفهم منه أن الرجل ، يلمح ، ربما لأنه لا يملك الشجاعة الكافية للتصريح ، أن أولئك المسئولين كانوا على شبه علم مسبق بالحادث ! خاصة بعد ما أكد أنه أبلغهم وعلى رأسهم المحافظ بالجريمة واخبرهم باسم الفاعل ! ثم عاد الانبا ، عقب زيارة أحمد عز ، أمام النيابة يوم 11 يناير وفى تصريحاته بعدها ، لينفى علمه بذلك الفاعل أو مشاهدته للجناه ، مؤكدا أن الأمن أدى واجبه ، نافيا أنه سبق وتلقى تهديدا من شخص ما ! على عكس ما تحدث عنه بعض رجال الكنيسة حول تهديدات دفعته الى التبكير بموعد القداس لينتهى فى العاشرة بدلا من منتصف الليل كما هى العادة ، مع تعليماته الى الكهنة بالتزام بيوتهم ! ولاحظ أن التعليمات موجهة للكهنة وليس لشعب الكنيسة ! ● السبب الحقيقى ما سبق يفتح الباب أمام أسئلة كثيرة : هل للأمر علاقة بخلاف الانبا كيرلس مع بعض ساسة الحزب الحاكم ، خاصة النائب عبد الرحيم الغول كما لمح الرجل ، وبالتالى كان هو المستهدف شخصيا بعملية التصفية والاغتيال ؟ انتقاما من مواقف سابقة ، أو تصفية لحسابات معينة ، أو ازاحة لعقبة ربما تعوق طريق المحرض الى مجلس الشعب ، أو ظنا منه أن اغتيال شخصية بحجم الأنبا كيرلس ستمنحه تأييد مسلمى الدائرة فى الانتخابات المقبلة ؟! هل للأمر علاقة بالتنافس على كرسى البطريرك القادم والخلاف السابق للانبا كيرلس مع الأنبا بيشوى والأنبا أراميا والأنبا يؤانس الذى كاد يعرض الأول الى محاكمة كنسية عن تجاوزات مالية وادارية كما اتهم وقتها ، لولا نزول البابا شنودة على رغبة نصارى نجع حمادى الذين توافدوا على مقر الكاتدرائية بالقاهرة وتجمهروا مطالبين ببقائه وعدم محاكمته ؟ هل تراجع الأنبا كيرلس عن تصريحاته واستبدال وتيرتها الحادة العالية بأخرى أكثر انخفاضا وهدوءً تتناغم بصورة ملحوظة مع تصريحات "خصمه" ، أيضا ، اللواء مجدى أيوب محافظ قنا ، جاء بعد تشاور مع الكنيسة ؟ أم يمكن اسناده الى "وعود برلمانية " ، أو "تهديدات محددة" ، وعد بها أو ألقاها أحمد عز بذهبه وسيفه ، أغرت الرجل على الصمت طمعا ، أو أجبرته عليه قهرا ؟! أى مفاوضات فى مفهومها تعنى تنازل كل طرف من المتفاوضين عن بعض مواقفه ، اذا ما نوع تلك المفاوضات التى دفعت بالجناة لتسليم أنفسهم هكذا طواعية وهم يعلمون أن العقوبة ستكون الاعدام لا ريب ولا جدال ؟! الا اذا كانوا يملكون ادوات برائتهم !! اضافة الى أنهم ، لو كانوا هم الجناة ، فهم ليسوا فى الموقف الذى يسمح لهم بالتفاوض من الأساس ، حيث لا رهائن بين أيديهم ولا أعوان لهم أحرار يمكنهم تنفيذ عمليات أخرى اذا فشلت المفاوضات التى قال عنها "منتصر" أخو المتهم فى سياق دفاعه عن أخيه وتبرئته من الجريمة ، أنها جرت بوساطة "أحد الأهالى هو رجل الأعمال طارق رسلان" ! الذى هو .. بالصدفة .. احد القيادات الأمنية السابقة الذى يقال أنه ينوى الترشح لانتخابات مجلس الشعب القادمة ! فهل كانت ثمة مفاوضات ، أم وعود ، أم سعى للحصول على اعترافات محددة تطفىء نيران الفتنة وتبررها ب "استفزازات" كما حددها السيد المحافظ ، بعد خراب مالطة ، وأخذها المتهم عن لسان سيادته .. بالصدفة .. أو بتواتر الخواطر ؟! كيف سمح صاحب القرار ، أيا كان ، بفك اعتقال "مسجل خطر" على الدولة وعلى الناس ، مجاملة لأحد رجالات الحزب الحاكم ، المعروف بخلافه العلنى مع ابراشية نجع حمادى وأسقفها ، تحت دعوى "مساندته" فى الانتخابات التشريعية القادمة ؟! واين التقدير والدراسات الأمنية التى كان عليها أن تعلم ما علمه بعض المسلمين الذين نصحوا بعض اخوانهم المسيحيين بالتزام بيوتهم فى العيد ! وهو ما يعنى أن الأحداث كانت متوقعة ومعروفة ، أو لها ارهاصات وشواهد لا تغيب عن الأمن ! ، ثم ومن زاوية أخرى ، كيف سيعالج الحزب فضيحة استعانة "كبار" نوابه بالبلطجية للفوز بمقعد برلمانى لن يمنحهم الخلود فى الفردوس الأعلى ، ان لم يذهب بهم فى الاتجاه الآخر ! سؤال أخير عن الصور الأرشيفية التى نشرتها الأهرام مؤخرا تجمع بين النائب الغول والبلطجى المتهم ، رغم نفى الغول وجود أى علاقة أو معرفة به ! هل نشرت لتكون ايذانا بتخلى الحزب عن الغول .. رجل أحمد عز القوى ، واستبداله بمرشح مسيحى ، أو آخر مسلم يلقى قبول الكنيسة ، تحدد اسمه بالفعل أثناء تقديم عز لواجب العزاء فى مقر الأبراشية ، الذى تلاه تراجع الأنبا كيرلس عن اتهاماته للغول ورجال الحزب الوطنى ؟! هذا ما ستكشف عنه الأيام ! الشاهد أن الحادث الجلل لا علاقة له بالدين أو الشرف أوالثأر، حسب تصورى ، حيث تنفى طبيعة الجناة أى من هذه الاحتمالات كما ذكرت آنفا ، بل هى السياسة والسياسة وحدها ، وحل اللغز يعرفه الكثيرون ولكن مفتاحه قابع فى فم الأنبا كيرلس وحده ، ويكفى أن تسمع ما يردده بعض المسيحيين فى مدوناتهم ( صلوا من أجل الأنبا كيرلس ، إنه يكذب من أجل أن يحمى شعبه من مزيد من الاضطهاد ) على حسب تصورهم ! ● مطالب ضرورية ما سبق ، ان صح كله أو بعضه ، فهو يدفعنى الى المطالبة بعدة نقاط: أولا: أن يوجه الاخوة المسيحيون ضغوطهم على الأنبا كيرلس لكشف الحقيقة ، ابقاء على لحمة الوطن ، وحماية لمشاعر المسيحيين ، وقبل ذلك وبعده درءً لمخاوفهم ومنعا لأى حماقات يرتكبها بعض المتحمسين المضللين ستشعل الوطن نصارته ومسلميه. ثانيا: أن يأمر السيد وزير الداخلية بالتحقيق فى قانونية فك اعتقال البلطجى مرتكب الحادث واعلان ذلك ، تبرئة لأجهزة الأمن التى تتحمل وحدها فى النهاية أمام الشعب ثمن أخطاء السياسة ومدعيها .. وبلطجيتها ايضا ! ثالثا: أن يعلن الحزب الحاكم بوضوح وشفافية عن ما ينتوى فعله ازاء فضيحة استعانة رجاله بالبلطجية للمرور الى أروقة البرلمان التى أفرزت هذه الجريمة بطريق أو بآخر !! رابعا: أن يتفرغ رجال الدين للدين وأن ينأوا بأنفسهم وبالدين الذى يدرسون تعاليمه عن الخوض فى برك السياسة ومستنقعاتها القذرة . ● وليس بآخر ما سبق لم أقصد من خلاله اتهام أحد أو الدفاع عن أحد او الاعتراض على أحد ، وانما هى خواطر واستفهامات دفعتنى اليها مخاوفى على هذا الوطن المبتلى ببعض ابنائه .. وخشيتى أن تضيع دماء الضحايا بين الساسة والسياسة ، مع الضحايا القادمين وبعد القادمين الذين يدفعون من دمائهم ثمن لعبة الدين والسياسة ، والذين من بعدهم الى أن تعالج جذور المشكلة .. راجيا أن تطمئن النيابة ولا تكتفى باعترافات يدلى بها الجانى قد تأتى على خلاف الحقيقة نتيجة خداعه بوعود أو ما شابه .. آملا ألا يتدخل النظام وحزبه لمواراة المتهم الأصلى أيا كان وتحت أى مبرر وان لم تكشفه التحقيقات الرسمية .. فالقانون وحده هو الذى يجب أن يسود ، لا العرف ولا التوازنات الفاشلة ، التى لن تحقن دماء أو تمنح ضمانات لعدم تكرار الكارثة . ربما أخطأت فى تصورى .. ربما شطح بى خيالى .. وربما وضعت نفسى ، على غير حق أو سند ، على كرسى المحقق الجليل .. ولكن .. الأكيد .. أنها حتى لا تكون فتنة ، وخالص عزائى للوطن !! ضمير مستتر: { إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } المائدة33