في هذا الحوار الساخن، يفصل القيادي الاتحادي مبادرته بالدعوة إلى تأسيس جبهة وطنية للدفاع عن الديمقراطية، ويقترح أرضية حد أدنى للعمل داخل هذه الجبهة إلى أن تنتقل إلى أعلى صيغة من صيغ اشتغالها وهي المطالبة بالإصلاحات السياسية والدستورية، ويوضح موقف حزبه من إعلان حزب الأصالة والمعاصرة توحيد فريقه مع فريق حزب التجمع الوطني للأحرار قبل الدخول السياسي، ويعتبر أن الأغلبية وكذا المنهجية الديمقراطية قد استهدفت بهذه الخطوة السياسية، كما يناقش موقف حزبه بتفصيل من الوافد الجديد، ويكشف في الأخير الآليات التي توافق عليها الحزب لتدبير مؤتمره في محطته الثانية. دعوتم في برنامج مباشرة معكم إلى جبهة وطنية للدفاع عن الديمقراطية، كيف جاء سياق هذه الدعوة؟ وكيف تتصورون آليات تنزيلها على مستوى الواقع؟ أولا، أود أن أذكر أننا اليوم في الاتحاد الاشتراكي في لحظة ديمقراطية لا حدود لها، وكل مؤتمري الحزب من حقهم أن يتقدموا بما يرونه مناسبا من تحاليل وبرامج ومشاريع. ثانيا: نحن منذ سنة خلت، كان خلصنا بعد مداولات مطولة، سواء تعلق الأمر ببلاغ المكتب السياسي الأخير، أو تعلق الأمر بتقرير لجنة تقييم الانتخابات في المجلس الوطني، إلى أن الانتقال الديمقراطي بالمغرب والذي بدأت تحضيراته الأولى مع منتصف التسعينيات قد وصل إلى مداه، وما يؤكد استنتاجنا هو النكوص والتراجع الذي عرفه المسلسل الديمقراطي خاصة في امتحانات السابع من شتنبر .2007 ثالثا: ما جرى خلال هذه السنة، والذي وصل إلى المستوى الذي جعل المكتب السياسي للحزب يعبر فيه عن موقفه الواضح، جعلنا حقيقة أمام مخطط يروم أن تكون للدولة حزبها، وقد ظهر ذلك من خلا ل العديد من الممارسات ومجموعة من التجاوزات، بل وبعض الأشكال والأساليب التي عرفها الحقل الحزبي سواء قبل الانتخابات الجزئية أو أثناءها من قبيل دفع أحزاب إلى الانخراط في دعم مرشح حزب معين، أو الضغط على أحزاب كبيرة بعدم تقديم مرشحيها في الدوائر المتنافس حولها، أو من قبيل تبخيس القوة التنظيمية لأحزاب عريقة. ويحضرني هنا حزب الاستقلال بمراكش، فلا يخفى أن مراكش تعتبر من القلاع الرئيسة لحزب الاستقلال، فهي مدينة الأمين العام السابق محمد بوستة أطال الله في عمره، وهي المدينة التي سيرها حزب الاستقلال في الانتخابات الجماعية السابقة، وهي المدينة التي أفرزت العديد من القيادات الاستقلالية، والغريب أن حزب الاستقلال رغم كل ذلك، لم يستطع أن يحصل فيها في الانتخابات الجزئية الأخيرة حتى على ما يساوي عدد أصوات أعضائه ومنخرطيه، وهو ما يطرح تساؤلا كبيرا لا سيما وأن حزب الاستقلال تصدر نتائج الانتخابات التشريعية وهو الذي يقود الأغلبية اليوم، بل إن هذا يطرح أسئلة على المشهد الحزبي ككل ببلادنا: هل هناك إرادة لتبخيس العمل الحزبي؟ هل هناك إرادة لوأد المسلسل الديمقراطي الذي دشنته القوى الديمقراطية بالبلد مع منتصف التسعينيات؟ هل هناك إرادة لتأكيد ما لمسناه من تراجعات في المسلسل الديمقراطي؟. والحقيقة أن الأمر صار لا يعني حزبا ما بعينه داخل الحقل الحزبي، أو أصحاب هذه المرجعية أو تلك. الأمر أصبح يهم كل الحقل الحزبي يمينا ويسارا. ولذلك، فالقضية الأساسية في هذه المرحلة باتت تفرض اصطفافا معينا داخل المشهد الحزبي. المشكلة الأساسية اليوم هي من مع الديمقراطية ومن ضدها. لم تعد المبررات السابقة حول المرجعيات أو حول المحافظة والحداثة تفرض نفسها اليوم. الامتحان الأول اليوم للمرجعيات هو الديمقراطية، وبطبيعة الحال فالحداثي لا يمكنه إلا أن يكون ديمقراطيا. وهذا يفترض أن تشكل جبهة وطنية مفتوحة على كل المناصرين للديمقراطية وكل المستعدين للدفاع عنها. هذه فكرة دعونا إليها، وسنسعى إلى بلورتها وإيجاد الإطار الذي يجمع كل من له استعداد للانخراط فيها. وهذا بطبيعة الحال لن يكون إلا بالتشاور مع الفاعلين السياسيين وبالتنسيق معهم والإنصات إليهم، بل إن من حق هؤلاء أن ينظروا إلى الصيغ والأساليب التي تمكن من تنزيل هذه الفكرة إلى أرض الواقع. وفي اعتقادي أن هذه الفكرة يمكن أن تصير موجودة ولها برنامج، فمن بين ما يحضرني كحد أدنى من الصيغ الممكنة لتحقيق هذه الفكرة التنسيق على مستوى مكاتب التصويت في الانتخابات القادمة، فمن المشاكل الكبرى التي تعاني منها أحزابنا التي عندها تواجد حقيقي هو مسألة المراقبين خاصة وقد وصلت مكاتب التصويت في بعض الدوائر إلى أكثر من 400 مكتب تصويت، فلو استطاعت هذه الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية التنسيق على الأقل على مستوى المراقبين ليكون لها حضور في كل مكاتب التصويت لحصلت أحزابنا على نسخ لكل المحاضر، وهو إنجاز ليس بالسهل في مسار ضمان شفافية الانتخابات. نتحدث جميعا على استعمال المال الحرام في الانتخابات، ألا يمكن لهذه الجبهة الوطنية أن تفكر في تشكيل لجان لليقظة والحذر تبث في كل الأحياء والدواوير للمساعدة على تطبيق القانون خاصة وأن لدينا قانونا في هذا الشأن، ولا ينقص سوى مواجهة الفاسدين ووضعهم تحت طائلة هذا القانون. هذه بعض المقترحات والصيغ التي يمكن أن نفكر فيها، وهي المنطلقات الأولى للتنسيق إلى أن يصل إلى مستوى انخراط هذه الجبهة في قضية الإصلاحات السياسية والدستورية. قام الوافد الجديد بإدماج خمسة أحزاب في حزب الأصالة والمعاصرة، وأعلن أنه في خطوة ثانية سيتحالف مع الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري، ثم في خطوة ثالثة مع التجمع الوطني للأحرار، لكنه بعد فشله في الانتخابات الجزئية قام في خطوة سريعة ومفاجئة بالإعلان عن فريق مشترك مع التجمع الوطني للأحرار في غرفتي البرلمان، كيف تقرأ هذه الخطوة؟ ينبغي أن نتريث قليلا قبل الحكم على الأشياء، فالحديث عن الفشل من عدمه هو سابق لأوانه، وأعتبر أن التقييم الموضوعي لمسار هذه الظاهرة لم يكتمل بعد، لكن هذا لا ينبغي أن يجعلنا ننتظر حتى يحقق المشروع أجندته الكاملة، فلا بد من الحيطة والحذر، لأننا كأحزاب وكديمقراطيين وكمواطنين أيضا معنيين، فالبلاد حققت مكاسب في العقد الأخير في مسلسل الانتقال الديمقراطي، ولا بد أن نسعى نحن من جميع مواقعنا إلى تحصين هذه المكتسبات. ولذلك لا بد أن نتعامل مع هذه الظاهرة بالحذر واليقظة المطلوبة. بالنسبة إلي، وحتى لا نطيل في الحديث عن هذا الوافد الجديد ونعطيه أكثر مما يستحق في الموضوع، إن ما وقع مؤخرا من تحالف أو من الإعلان عن تأسيس فريق مشترك داخل المؤسسة التشريعية يعني الإعلان عن تأسيس تحالف بين فريقين، وكونه وقع على المستوى المؤسساتي يعني أن الاندماج وشيك لحزب التجمع الوطني للأحرار في حزب الأصالة والمعاصرة. واختيار الفريقين لهذا الشكل هو بدون شك حقهم المكفول لهم، لكن أنا كفاعل سياسي موجود في هذا المشهد، من حقي أيضا أن أطرح العديد من التساؤلات: إذ ما الداعي إلى كل هذا الاستعجال خاصة وأننا على أبواب الدخول السياسي الذي يتميز بالخطاب التوجيهي لصاحب الجلالة والذي يحدد فيه السياسات العامة للبلاد؟ وما الهدف من هذا الإسراع باتخاذ هذه الشكل داخل المؤسسة التشريعية؟ إن الإعلان اليوم على أن توجها سياسيا أصبح له ما يقرب من ثلث مقاعد البرلمان ومن نصف الأغلبية الحكومية يطرح تساؤلا حقيقيا حول الهدف من اتخاذ هذا الشكل في هذا التوقيت بالذات أخذا بعين الاعتبار الهشاشة التي تم التعامل بها مع المنهجية الديمقراطية، فهل هناك إشارة سياسية بخصوص المنهجية الديمقراطية يراد أن نستقبلها قبل الدخول السياسي الجديد؟ وهل هذا التحالف هو محاولة لخلط الأوراق في المشهد الحزبي خاصة داخل الأغلبية الحكومية؟ ألا يطرح هذا الشكل أسئلة حقيقية على مكونات الأغلبية التي لم تستشر في الموضوع وهي معنية به، لأن انخراط فريق مؤسس من خمسة أحزاب ومن شخصيات كانت على رأس هذه الأحزاب، ألا يطرح ذلك تساؤلات على مكونات الأغلبية. نحن في الاتحاد الاشتراكي مثلا، لم يستشر معنا أحد، وهو ما يعني أننا غدا يمكن أن نعتبر أنفسنا في حل من شأن لم نستشر فيه. فنحن من الصعب أن نتواجد مع لاديمقراطيين في نفس الخندق. فمما لاش ك فيه أن هذا الحدث سيخلق ارتباكا في الدخول السياسي، وسيطرح السؤال أيضا على حزب الاستقلال الذي يقود الأغلبية خاصة وأن الفريق المشكل صار يتجاوز فريقه بضعف المقاعد. هل يمكن أن نعتبر هذه الخطوة التي أقدم عليها الحزبان محاولة لترتيب مرحلة خروج أو إخراج الاتحاد الاشتراكي من الحكومة خاصة وأن على مؤتمر الاتحاد أن يجيب عن هذا السؤال الصعب في مؤتمره؟ أنا أكتفي بطرح السؤال: ما الهدف من هذا الاستعجال، إذ من الصعب أن يتحول السياسي إلى عراف. فالجواب عن هذا السؤال إما سيجيب عنه هؤلاء، وإما سيظهر في الأسابيع القليلة القادمة. لو فرضنا أن الأمر يتعلق بخروج أو إخراج الاتحاد الاشتراكي، هل المشهد السياسي الراهن، خاصة وأن الأغلبية بدون اتحاد اشتراكي ستزداد هشاشة على ما كانت عليه من قبل، يتحمل معارضة يكون على رأسها الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية؟ حتى لا نستبق الأحداث، في اعتقادي أن المشكلة اليوم هي داخل الأغلبية، ولا شك أنها ستحتاج إلى مشاورات داخلها حتى يتضح الأمر. ووقتها لاشك أن أجهزة كل حزب ستلتئم وستتخذ القرار المناسب. ما هو مؤكد اليوم أن فعلا سياسيا استهدف الأغلبية الحكومية، بل واستهدف أيضا المنهجية الديمقراطية. ألا يمكن أن نعتبر هذا الحدث مؤشرا على تعديل حكومي وشيك؟ كما قلت لك من الصعب على السياسي أن يتحول إلى عراف، نحن نرصد الظاهرة ونتعامل معها، ونحاول أن نستنبط منها الدلالات ونقرأ الإشارات السياسية، لكننا لا نريد أن نستبق الأحداث، لكن هذا طبعا يدفعنا إلى أن نتحلى بمنسوب أكبر من اليقظة والحذر وأن نتابع مستجدات المشهد السياسي بالدقة المطلوبة وأن نضع الأمور في مكانها وحجمها. اليوم هذه الظاهرة رغم أن الجانب الإيجابي يبدو من ظاهرها في عملية تجميع الأحزاب وتوحيدها، لكن توقيتها ومنطلقاتها تطرح سؤال مشروعا عن أهدافها الخفية وخلفياتها الحقيقية والتي كان الحزب سباقا لإعلان موقفه الواضح منها. فيما يخص الشأن الحزبي، كيف نجح في التوافق الحزب على الآليات الانتخابية لانتخاب الكاتب الأول والمكتب السياسي والمجلس الوطني، وهي القضية التي أثارت نقاشا حادا داخل المؤتمر في شوطه الأول وانتهت به إلى تأجيله؟ لقد عبر الاتحاديون في جميع مسار نضالهم أن حزبهم عصي عن التطويع، وعصي عن أن يدار من خارج هيئاته، وأثبتوا بذلك أن قراراهم الحزبي مستقل. ولذلك أنا لا أعتبر أن المؤتمر في شوطه الأول قد فشل، بل على العكس من ذلك تماما، لقد نجح المؤتمر في محطته الأولى، وأعطى افشارة لجميع الاتحاديين أن حزبهم حزب حقيقي وأن النقاش السياسي داخله هو نقاش حي. والذي يؤكد هذا هو الطريقة التي أدار بها الاتحاديون تناقضاتهم واختلافاتهم خلال المرحلة الفاصلة بين شوطي المؤتمر. لقد كان منطلقا في التوافق الذي وصلنا إليه هو عدم إقصاء أي طرف منا، وعلى اتخاذ إجراءات لا تنأى بنا عن الديمقراطية، وهكذا ارتضينا آليات تجعل الانتخاب انتخابا مباشرا من المؤتمر سواء تعلق الأمر بانتخاب الكاتب الأول أو المكتب السياسي أو المجلس الوطني، فمؤتمرنا نريده أن يكون مؤتمرا حقيقيا ليس فيما يخص انتخاب الأجهزة فحسب، ولكن أيضا فيما يتعلق بمناقشة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية واتخاذ القرارات بشأنها. ومن الأمور التي توافقنا عليها في هذا الصدد أن المجلس الوطني سيتوافق على تصور مشروع البيان العام من خلال نقاش قبلي يسبق المؤتمر على أن تعرض القرارات السياسية على المؤتمر للحسم فيها بالتصويت. ألا يمكن لها أن تعيد إنتاج الخلاف الذي كان في الشوط الأول من هذا المؤتمر بسبب تباين التقدير داخل الاتحاديين لمسألة البقاء في الحكومة أو الخروج منها؟ اتفاقنا في الآليات هو الذي سيجنبنا الخلاف، فنحن حزب ديمقراطي، ولا بد أن نبدأ بتطبيق الديمقراطية على أنفسنا أولا، فبد النقاش الفكري والسياسي حول القضايا الرئيسة سنحتكم إلى آلية التصويت. وكل القرارات التي سيتخذها الاتحاد الاشتراكي ستكون نابعة من المؤتمر ومنبثقة من إرادة المؤتمرين. سنذهب بتوجه عام، سيعرض على اللجنة السياسية التي عليها أن تصوغ الورقة وأن تأخذ فيها بعين الاعتبار المستجدات السياسي التي وقعت في مشهدنا الحزبي والسياسي خاصة تلك التي وقعت مع الدخول السياسي مباشرة، وعليها أن تصوغ هذه الورقة وتوضح فيها مواقفنا السياسية. ومما لا شك فيه أن الاتحاديين متوافقون على القضايا الرئيسة وخلافهم إنما هو في المسائل التفصيلية التي ينبغي على اللجنة السياسية أن توضح الخلاف الموجود داخل الاتحاديين بصددها، وهي القضايا التي سيكون الحسم فيها بآلية التصويت. في نظرك قضية البقاء في الحكومة أو الخروج منها قضية رئيسة أم هي منن التفاصيل؟ المهم بالنسبة إلينا هو تشخيص الوضع السياسي، فإذا كان هناك توافق على هذه المسألة فالبقاء في الحكومة أو الخروج منها هو مجرد تفصيل، وإذا كان الخلاف حول التشخيص ستصير هذه القضية مسألة أساسية. وهل تعتقد أن الاتحاديين متفقون على رؤية واحدة بخصوص تشخيص الوضع السياسي بالبلد؟ أستطيع أن أقول إنه من حيث القناعات الشخصية هناك توافق تام على مستوى التشخيص، لكن نحتاج أن تنتقل هذه القناعات إلى إطارها المؤسسي، وتصير صادرة في شكل مواقف رسمية عن هيئات الحزب ومؤسساته التقريرية. ولذلك أنا أقول، إذا اتفقنا على المقدمات، فقضية الخروج من الحكومة من عدمه أو مسألة التوقيت تبقى مسائل تفصيلية. حاوره بلال التليدي الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية وقوى اليسار كان أول من بادر إلى تثمين دعوتكم لجبهة ديموقراطية الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الأستاذ عبد الإله بن كيران كيف تعاملتم مع إعلانه مساندتكم في هذه المبادرة؟ نحن سجلنا بشكل إيجابي استجابة حزب العدالة والتنمية لهذا المطلب. وهذا يلتقي مع توجه هذا الحزب في مواجهة كل الانزلاقات ومسلسل الإفساد الذي تمر فيه الانتخابات ببلادنا. وكون هذا الحزب هو أول من بادر إلى الرد على مبادرتنا فهذا يثلج صدرنا، لكننا نأمل أن يعم الاستجابة كل الديمقراطيين. فهذا نداء لكل الديمقراطيين في البلاد، واليوم على الاتحاد الاشتراكي أن يعي أن الحزب الذي يطرح القضايا والمطالب بنفس الحمولة ونفس الأسلوب الذي يطرح به الاتحاد الاشتراكي قضايا ومطالبه هو وحزب العدالة والتنمية سواء فيما يتعلق بإصلاح أجهزة الدولة أو ما يتعلق بنزاهة الانتخابات أو ما يتعلق بمحاربة الفساد الانتخابي. اليوم لا بد أن نقول بأن إرادة الإصلاح أو المشاركة في الإصلاح التي يحملها مناضلو الحزبين من أجل النهوض بالبلاد وتطوير الديمقراطية فيه لا يمكن أن يشككك فيها أحد. فالتلاقي بين الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية حول هذه القضايا والقيم النبيلة لا يمكن لأي ديمقراطي إلا أن يدفع في اتجاه تطيره، وكل محاولة لتصوير هذا التلاقي وكأنه تحالف هي مجرد اصطياد في الماء العكر، فمواقع الحزبين مختلفة: الاتحاد الاشتراكي في الأغلبية والعدالة والتنمية في المعارضة، لكن ذلك لا يمنع من الاجتماع على نقاط لقاء متعددة ربما تكون أقوى مما لنا مع غيرنا، ولذلك لا يمكن إلا أن نرحب بالاستجابة الفورية التي عبر عنها حزب العدالة والتنمية، ونعتبر ذلك خطوة إيجابية في الاتجاه الذي يخدم الديمقراطية في البلاد. - هل تتوقعون من قوى اليسار الأخرى أن تلتحق بهذا المبادرة؟ - نحن نعتبر أن مجالنا الطبيعي هو قوى اليسار. ومما لا شك فيه أن هذه القوى اليوم متعددة الأشكال والأصناف، ولربما حتى الموقف مما يجري في البلاد. وقد لاحظت أن بعضها حاول تبرير ظاهرة الوافد الجديد، وهناك من تعامل معها بشكل إيجابي. عمليا، هذا التعامل يجعلني في نقيض مع هذا الطرف من اليسار على الأقل فيما يتعلق بهذه القضية. ولا ننسى أن هناك يسارا مناضلا حقيقيا اتخذ نفس الموقف الذي اتخذناه، بل وناضل وواجه ورفع شعارات مضادة لهذا الوافد الجديد. لذلك نحن نعتبر أن من مسؤوليتنا أن نتوجه إلى قوى اليسار، ونفاتحهم في موضوع هذه المبادرة، ونتصور أن تجاوبهم معها سيكون إيجابيا بحكم أن كل قوى اليسار نصت في أدبياتها وبرامجها السياسية على ضرورة تأسيس جبهة وطنية ديمقراطية، فإن كانت قد أعربت عن رغبتها في تشكيل هذه الجبهة بشكل عام في أدبياتها، فقد جاء السياق السياسي الذي طرحنا فيه هذه المبادرة، ولا أظن أن هذه القوى ستكون ضد ما سبق ونصت عليه في أدبياتها بخصوص هذه الجبهة الديمقراطية، فالمطلوب منها أن تنتقل من العام إلى الخاص، وأن تعجل بالانخراط في هذا المطلب، وأن تتعامل بشكل إيجابي مع تحيين هذه المبادرة. الاتحاد الاشتراكي والهمة ما فتئ فؤاد عالي الهمة يرى ألا وجود لموقف للاتحاد الاشتراكي ضد حركته وحزبه، وأن الرأي الذي يناهض حزبه هو رأي إدريس لشكر فقط، هل كان بيان الاتحاد الاشتراكي الأخير والذي وصف الوافد الجديد بكونه مخططا يروم أن يكون للدولة حزبها بمثابة الرد على هذا الادعاء؟ مؤسسات الاتحاد الاشتراكي وهيئاته هي التي تعبر عن موقفه، وحين نتحدث عن هذه الهيئات، فهي المكتب السياسي، والمجلس الوطني، وكل متتبع لما يصدر عن الاتحاد الاشتراكي لا شك يفهم أن فؤاد عالي الهمة يحاول أن يغلف أو يقلل أو يضلل أو يحاول أن يخلق نوعا من الضبابية حول موقف حزب مسئول من حركته وحزبه. حزب الاتحاد الاشتراكي منذ البداية ما فتئ يحذر من التهديد الذي لحق وسيلحق الديمقراطية بالمغرب، ونبه في أكثر من مناسبة على مخاطره المستقبيلة. لقد اخترنا منذ البداية هذا التوجه، ولو رجعنا إلى تقرير لجنة تقييم الانتخابات والذي عرض على أنظار المؤتمر في شوطه الأول، لاتضح بالملموس أن موقفنا كان واضحا من هذا الوافد الجديد حتى قبل أن يتحول إلى حزب سياسي. أنا أعتقد أن تصريحات الوافد الجديد بهذا الصدد معدودة على رصيد تجاوزاته، وأنه لربما سينطق غدا باسم أحزابنا جميعا، ومن يدري لعله يأتي اليوم الذي يتحدث فيه باسم العدالة والتنمية. لعله كان من تقدير قيادة الوافد الجديد أن الاتحاد الاشتراكي لم ينضح له موقف منه بعد، وأنه بصدد قراءة معطيات الواقع للحسم في هذا الموقف، لكن بعد إصدار المكتب السياسي لبيانه الصريح اتضح له موقف الاتحاد الاشتراكي وهو ما يفسر الرد العنيف الذي رد به على بيان المكتب السياسي، هل توافقون هذا التحليل؟ الظاهرة في بدايتها لم يكن للجميع نفس الوعي بها، بل ربما كان البعض تشكك بأننا نبالغ فيما نقول، وهو موقف لم يكن فقط داخل الاتحاد الاشتراكي، بل كان هذا هو موقف النخبة السياسية ككل. هناك من عاب علينا أننا قمنا بمجرد رد فعل بسبب ما حصلنا عليه من نتائج متواضعة في الانتخابات التشريعية، وأنه وقع بعد ذلك تصحيح الأمر، وهناك من عاب علينا أننا دخلنا في محاكمة النوايا وأننا لا نملك حججا على أن الوافد الجديد يستغل القرب من أعلى سلطة سياسية ويحاول الاستحواذ على الحياة السياسية برمتها، وأن ظاهر الأشياء لا يوحي بذلك، لكن لا شك أنه في مراجعة المقالات الصحفية والتقارير الإعلامية بل تصريحات الفاعلين السياسيين، ستجدون أن مجموعة كبيرة انخرطت في الحكم على أننا بالغنا في تقديرنا لخطورة المشروع الذي جاء به الوافد الجديد على الديمقراطية بالبلاد، لكن مع الأيام تأكد أن ما ذهبنا إليه كان هو التقدير الصحيح، ولذلك إذا أردنا استقصاء الأحزاب التي كانت لها مواقف واضحة من الوافد الجديد، فسنجد الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية والحزب الاشتراكي الموحد، فهؤلاء هم الذين كانت لهم مواقف واضحة وصريحة من حزب الهمة، لكن البعض إما كان من المهرولين الذين يبحثون عن امتيازات ومواقع، وبالتالي ظل يتحين الفرصة، وإما من الذين يحاولون إخفاء الشمس بالغربال، ولذلك لم يغادر هؤلاء أيضا مواقع المجاملة للحفاظ على مواقعهم الخاصة، وكانوا ضدا على التقدير الصحيح للمواقف يتعمدون وصف الظاهرة على غير حقيقتها. لقد كان جسم الاتحاد الاشتراكي برمته، بمناضليه وأجهزته التقريرية، بأقاليمه وجهاته منخرطا في حكمنا على الظاهرة وفي ضرورة مواجهتها وهو نفس الموقف الذي أعلن عنه بين المكتب السياسي، والذي لقي صدي إيجابيا لدى جميع القواعد.