في كل يوم تزداد مظاهر فشل الفكر الديني الحديث الذي ينتجه علماؤنا ، ويتبين أنه من الأسباب التي تزيدنا تخلفا و تراجعا لأن علماءنا و بكل أسف يعملون على تقديس التخلف و مأسسته في مجتمعاتنا العربية ، و أود كي لا يفهمني القراء خطأ أن ننبه أننا لا نقصد الإسلام و إنما ما ينتجه بعض العلماء في عصرنا الحاضر من فكر لم يستطع أن يبرح مجال الخوض في التحليل و التحريم انطلاقا من مواقف سياسية أو أخرى شخصية ذاتية تبتعد عن المنطق و تقصي العقل, العلماء " مودرن " لا تقل سخافتهم عن سخافة المسلسلات التركية و المكسيكية المدبلجة ، عودونا على انتظار فتاويهم ، كانتظار الأمة العربية أمام فضائيات فارغة لمشاهدة مغامرات " مهند " التي لا تنتهي ، التشابه بين نجوم المسلسلات و علمائنا يكمن في أننا لا نستطيع أبدا أن نتنبأ بحركاتهم و سكناتهم، أفسدوا الإسلام و قزموا الفكرالإسلامي في فتاوى التحليل و التحريم و سأحكي لكم حكايتين الأولى من المغرب و الأخرى من المشرق وقعتا في نفس الأسبوع. الحكاية الأولى عن التبضع من المحلات التي تبيع الخمر، في أسبوع واحد أفتى عالمان مغربيان بفتوتين متناقضتين ، قال العالم الريسوني أن اقتناء السلع من هذه المحلات حرام و علينا أن نتجنب السقوط في ما حرمه الله ، بعد أيام قليلة من ظهور هذه الفتوى أفتى العالم الزمزمي العضو في البرلمان بفتوى تناقض الأولى و ذكر أن التبضع من المحلات التي تبيع الخمر حلال " الله يطول عمركم ، اتفقوا ، رحنا ما فهامنا والو أ" الحكاية الثانية عن سور مصر الفولاذي ، في أسبوع واحد أفتى عالمان من المشرق يعتبران من أكبر العلماء بفتوتين متناقضتين الشيخ القرضاوي أفتى بتحريم بناء السور الذي سيفصل بين مصر و غزة ، و بهذا كفر القرضاوي كل من يؤيد بناء سور العار ، بعد أيام قليلة خرج الشيخ الطنطاوي عن صمته ، و دفع بالأزهر كي يفتي بتكفير معارضي بناء السور ، و خرجت الفتوى مدعمة بالأدلة الشرعية ، و أضحى كل المصريين يناقشون الفتوتين و كل جهة تخرج ببيان يحرم أو يحلل ، السور يعلو و إسرائيل تضيق الخناق على الفلسطينيين ، و علماء الدين بفكرهم المتخلف قسموا المجتمع المصري كما قسم علماء المغرب المجتمع المغربي ، المحلات التي تبيع الخمر بالمغرب ليست بحاجة إلى فتوى و إنما إلى قانون ينبع من طبيعة مجتمعنا لأن الفتوى في غياب قانون تسئ إلى الدين و المجتمع ، كما أن بناء السور المصري ليس بحاجة غلى فتوى، و إنما إلى الإرادة السياسية و الوعي الشعبي الذي أعياه انقسام العلماء و تكالبهم على موائد السياسيين.