من المؤكد أن الخارجية المصرية ستخسر شخصية بحجم الدكتور نبيل العربى وزيرها الحالى بعد فوزه بمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلا أن المتوقع، أو المأمول فى ظل التوجه الجديد للإدارة المصرية، أن يكون مبدأ إختيار شاغلى المناصب السياسية، أو الوزارية والإدارية عموماً، من منطلق الإستحقاق والكفاءة الشخصية التى تؤهل صاحبها للعمل من خلال أطرٍ محددة وعنواين رئيسية واضحة تمثل وتعبر عن التوجه العام للدولة وخطوطها الحمراء وسياساتها الداخلية أو الخارجية المعلنة والمعتمدة، وبالتالى فمن المفترض أن يأتى المسئول الجديد، فى أى موقع عموماً، إستناداً لكفائته، ليكون أداة جيدة لتفعيل منظومة سياسة الدولة بصرف النظر عن إسمه أو شخصه. فقد عانينا، وعانت مصر، كثيراً من المجاملات واختيار أهل الثقة دون النظر الى الكفاءة، ثم ترك الحرية لهم فى اتخاذ القرار حسب رؤيتهم دون إلتزام بالمرجعية الشاملة لسياسة الدولة وثوابتها، على فرض أنها كانت موجودة !، وبالتالى تحول الأمر، وتحولوا معه، الى مجموعة من "الجزر المنعزلة"، أو الى قوارب ضعيفة تُرِكَ حبلها على الغارب لتبحر بعشوائية، أو ليفعل "المراكبى" بها ما يشاء كما يشاء دون محاسبة أو توجيه. وقد أشرت الى "المأمول" آنفاً لأن طريقة إختيار أغلب الوزراء أو المحافظين أوشاغلى الشبكة العنكبويتة من أصحاب المناصب الأصغر المسئولين الحقيقيين عن إدارة الدولة، وهم الأخطر بالمناسبة، ما زالت كما هى نفس الطريقة التى قادتنا الى ما نحن فيه الآن، والتى تؤدى الى اعتراضات جماهيرية كثيرة وكبيرة تابعناها جميعاً فى عملية تعيين المحافظين الجدد مؤخراً على سبيل المثال، خاصة مع غياب استبيانات الرأى العام وعدم استطلاع اتجاهات الرغبة الجماهيرية، أو ربما عدم الإهتمام حتى الآن بجدواها والإقتناع بأهميتها كأحد العناصر الرئيسية لأمن الوطن واستقراره، التى تؤدى فى النهاية الى اتخاذ قرارٍ مقبول يدعمه اقتناع جمهور كل مجتمع، بعد أن يعرف مبررات إختيار شاغل المنصب وكيف أنه جاء لأن الإدارة تعرف مشاكل ذلك المجتمع فانتقت الرجل المناسب لمواجهتها والتعامل معها، إذ لا جدال أن أسس الشفافية المنشودة والمشاركة الفعلية والحرص على استقرار الدولة، يقتضى جميعه أن يعرف الشعب لماذا جِىء بفلان أو لماذا أُبقِى عليه أو لماذا سيذهب ؟! بل إنه فى الحقيقة يتعدى ذلك الى حقه فى معرفة مبررات إتخاذ أى قرار، وربما تتجاوز الأحلام الى حق الشعب فى مناقشة القرار قبل إتخاذه، كما تفعل دول العالم التى تحترم شعوبها. الشاهد أن مصر فى حاجة الى منظومة مؤسسية ثابته لا تتغير بتغير الشخوص والأمزجة، شأنها شأن أى دولة متقدمة، أو حتى شبه دولة كالعدو الاسرائيلى، منظومة تُعنَى بإختيار المسئول السياسى وتحصر مهمته فى إدارة مؤسسته وفق سياسة ثابتة وخطوط محددة لتوجهات الدولة، ومن خلال أطرٍ معلنة تُفَعِّل ثقافة "لماذا" التى غابت عنَّا عقوداً طويلة، وقتها لن يعنينا إن جاء زيدٌ أو ذهب عمرو! ضمير مستتر: يقول تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } فاطر10 علاء الدين حمدى