تحقيق: إيهاب شوقى / لاخلاف ان التيارات الإسلامية تشكل جانبا كبيرا من المشهد السياسى ولديها شرائح لايستهان بها فى المجتمعات العربية, وفى ظل الأنظمة الإستبدادية تم إقصاء كبير لهذه التيارات كغيرها من التيارات الأخرى القومية واليسارية والليبرالية, إلا فيما ندر من بعض قوى سياسية وافقت على شروط اللعبة وارتضت ان تكون جزءا من (الديكور) السياسى مقابل بعض المكاسب الشخصية.وبعد قيام ثورات الشعوب العربية, تغيرت المعادلة, ولم يبق فى الصورة إلا القوى التى لها تمثيل حقيقى فى الشارع, وكذلك القوى الكامنة والتى عزفت عن المشاركة ثم وجدت الفرصة سانحة فبدأت فى النزول الى الساحة, إضافة الى القوى الثورية المستجدة والتى اكتسبت شرعيتها من شرعية الثورات ونجاحها فى الإطاحة برؤوس الإستبداد وإعادة صياغة قوانين المعادلة السياسية . ونظرا لان التيار الإسلامى به العديد من التباينات وربما المتناقضات مما يجعل لفظ (تيارات) هو الأدق فى التعبير, فهو يحتوى على فرق يصل حجم الخلاف بينها إلى درجة تكفير الأخر, نظرا لاختلاف المرجعيات الفكرية والدينية, فإن هذا الإختلاف ينعكس على أرض الواقع فى صورة إختلاف فى اّليات العمل وطبيعة التنظيمات وممارساتها. وفى محاولة للتحليل والإستكشاف لمستقبل هذه التيارات, فإننا نجد الصورة لازالت ضبابية ولم تكتمل جوانبها بعد, كما يقول “هانى ماضى” – امين عام الجمعية المصرية لدراسات الوحدة الوطنية – حيث يرى أنه لا توجد مؤشرات على هيمنة قوى بعينها, ولكن هناك اصطفاف لبعض القوى السياسية ومنها الإسلامية, وهناك مؤشر يحمل دلالات هامة وهو انتخابات الاتحادات الطلابية والتى اكتسحت فيها قائمة الثوار النتائج ولم تتعد نسبة التيار الاسلامى وعلى رأسه الإخوان نسبة 30% على الاكثر بعد سيطرتهم فى السنوات الماضية على هذه الانتخابات ممايؤكد نظرية التصويت العقابى ضد الحزب الوطنى والتى كانت تصب فى مصلحتهم, وبرغم اختلاف وعى الشريحة الطلابية عن الشرائح العامة فى المجتمع والمنوط بها التصويت فى الشارع المصرى الا ان هذا المؤشر فى انتخابات الإتحادات الطلابية يجب ان يتم وضعه فى الحسابات, ويرى أيضا “ماضى” أن الحركة الإسلامية تتمتع بدرجة كبيرة من التنظيم والتغلغل فى الشارع المصرى ولها بعدها الزمنى وخبرتها, ولكن الصورة ليست وردية بهذا الشكل , فهناك انشقاقات وفضائح تمويلية والمزاج العام فى مصر مزاج مدنى واقرب مايكون للوسطية والبعد عن التزمت, وإذا حافظ الجيش على ان يكون ضامناّ لتداول السلطة فهناك فرصة كبيرة للتيارات السياسية وفى قلبها التيارات الاسلامية ان تكون مشاركة فى الحياة السياسية المصرية بشرط ان تفرز مشروع وطنى حقيقى وان يكون لها كوادر نضالية قادرة على تنفيذ هذا المشروع. بينما يرى الدكتور”محمد أبو الغار” ان هناك خطورة حقيقية على الثورة من الغرباء عنها كالسلفيين الذين ظهروا بكثافة بعد أن كانوا يعلنون انهم لا علاقة لهم بالسياسة ويحرمون الخروج علي الحاكم وتواجدوهم بهذه الكثافة ليس له تفسير الا الطمع فى السلطة, وبالطبع فالمقصود ليس السلفيين العاديين بل المقصود زعمائهم , ويضيف الدكتور “ابو الغار” الى التخوف من السلفيين , التخوف من كل التيارات الدينية، لأن الحكم الديني دائما فى رأيه نهايته الظلام والكوارث والتاريخ يؤكد ذلك لأن فترة الحكم الديني في أوروبا سميت بعصور الظلام ويوجد حكام في التاريخ الإسلامي قهروا الشعوب عندما حكموا باسم الدين , وأكبر الأخطار تتمثل في أن هذه الثورة قام بها 12 مليون مصري , وهؤلاء جميعاّ يجب أن يشاركوا في صناعة مستقبل مصر وفي برلمان مصر وفي رسم السياسة المصرية، ولو لم يحدث هذا سيظل عدم الاستقرار مستمرا وعلي المجلس العسكري إدراك ذلك ولابد أن تؤكد القوانين الدستورية والانتخابات توزيع السلطة علي كل من شارك في الثورة. فيما يرى “جمال عبد الجواد” – مدير مركز الأهرام للدراسات السياسيه والإستراتيجيه، أن الإخوان المسلمين والتيار الإسلامى هم المستفيدون من الموافقه على التعديلات الدستوريه و سيلعبون دورا كبيرا على الساحه السياسيه خلال الفترة المقبلة, وهذه التيارات ليست الأغلبية, وإنما لها نصيب فى المجتمع المصرى فقط , ولذلك فإن على القوى السياسيه التى صنعت الثورة ان تنظم نفسها . ويتفق مع الرأى السابق “وحيد عبد المجيد” – الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسيه والإستراتيجيه، حيث يرى ان السلفيين سيكونون هم المستفيدون من الموافقه على التعديلات الدستوريه وربما سيكون لديهم القدره على الهيمنه على البرلمان, وسيكون البرلمان القادم أغلبيته من الإسلاميين ومعظمهم من السلفيين وفى المرتبه التاليه الإخوان وربما يقل وجود الإخوان عن البرلمان السابق إذا لم تتدخل الأحزاب والقوى السياسيه بمافيها الإخوان والأحزاب الجديده وإئتلافات الشباب ككتله موحده . ويشارك ايضا فى هذا الرأى, ” نبيل عبد الفتاح” – الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسيه والإستراتيجيه- حيث يرى أن الأحزاب القديمه لاوزن لها وضعيفه جدا وبالتالى فإن هذه الأحزاب وكذلك الأحزاب الجديده التى نشأت بعد ثوره 25 يناير ليسوا مهيئين لخوض الانتخابات البرلمانيه القادمه , ويضيف “نبيل” أن المستفيدون من الموافقه على التعديلات الدستوريه , هم الاخوان والجماعات الإسلاميه والسلفيه والحزب الوطنى والقواعد الإجتماعيه التى كان يتأسس عليها الحزب الوطنى السابق وجماعات المصالح فى الأرياف والمدن ورجال الأعمال . أما “حسن نافعة” – أستاذ العلوم السياسيه بجامعه القاهره – لا يرى ان جماعة الاخوان ستكون هى القوى المؤثره على الساحه السياسيه, ولاسيما, بعد دورهم الواضح فى حث المواطنين على قبول التعديلات الدستوريه , كما أن قوه الاخوان الحقيقيه غير معروفة, حيث لم تختبر فى انتخابات نزيهه فى ظل وجود تعدديه حزبيه, إضافة إلى أنه لا توجد قوى منظمه حقيقيه على الساحه. ويقول الدكتور “عبد المنعم أبو الفتوح” – القيادى المعروف بجماعة الإخوان المسلمون – أنه يتوقع أن التيار الاسلامي سينتهي إلى حزب وسط وحزب يمين وحزب يسار, و أن الحزب الوسطي هو الذي أعلن عن تأسيسه أبو العلا ماضي، أما الجناح اليساري في التيار الإسلامي فهو الذي اقترحه الدكتور حسن حنفى, وأكد ” أبو الفتوح على ضرورة بقاء – ما أسماه – هيئة قومية وطنية للإخوان كجماعة بعيدا عن المنافسة. وعلى صعيد الشباب, يقول “محمد القصاص” – ممثل جماعة “الإخوان” داخل ائتلاف شباب الثورة- أن العشرات من كوادر الجماعة لا يلبى الحزب الجديد (الحرية والعدالة) طموحاتهم، مما أدى إلى تقدم عدد منهم باستقالاتهم من الجماعة وطرحهم مشروعا لإنشاء حزب جديد يترأسه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، إضافة الى ان هناك توجه لدى شباب الإخوان للدفع بعدد من الرموز الإخوانية من أمثال الداعية عمرو خالد لتأسيس أحزاب تعبر عن الشباب، بعيدأ عن سيطرة مكتب إرشاد الجماعة، معربا عن خوفه الحقيقي من حدوث انشقاقات حادة داخل الجماعة. وعلى الصعيد التونسى, اشار الشيخ ” راشد الغنوشى” – رئيس حركة النهضة التونسية – مؤخراّ إلى أن الفرصة أصبحت الآن في يد الإسلاميين من أجل تحقيق آمال وتطلعات الأمة الإسلامية, و أن الاعتراف بحركة النهضة الإسلامية ضمن الأحزاب السياسية التونسية سيسهم كثيرًا في إنجاح عملية التحول الديمقراطية و بناء دولة على أساس ديمقراطي حقيقي يقضي على الفساد والظلم . كما يقول الدكتور”عبد الجليل النزير الكاروري” – إمام وخطيب مسجد الشهيد أن سيطرة التيار الإسلامي على الساحة العربية أمر ليس مستبعدًا. وقد أشار الدكتور”عمرو الشوبكى”, إلى ان الثورة فى تونس قد نجحت فى أن تحد من الخوف من الإسلاميين، ومعها النظرة الاستئصالية التى تبنتها معظم النخب العلمانية، خاصة المرتبطة بالنظام السابق تجاه التيارات الإسلامية، مشيراّ إلى تأكيدذلك الرأى عبر” صلاح الدين الجورشى”، رئيس “حركة الإسلاميين التقدميين”، والذى كان من مؤسسى حركة النهضة الإسلامية واختلف مبكرا مع راشد الغنوشى وأسس حزبه المستقل . بينما يؤكد “كمال بن يونس” – رئيس تحرير مجلة دراسات دولية، ورئيس منتدى ابن رشد المغربى- أن هناك حالة خوف من الإسلاميين فى الشارع التونسى، ويبررهذا الخوف بالخطاب الدينى لحزب النهضة الذى يترأسه الشيخ راشد الغنوشى ,و رغم أن خطاب الغنوشى يبدو مطمئنا, إلا أن هناك حالة من الخوف من كل ما هو إسلامى خاصة بسبب الخوف من المتطرفين المستترين خلف التيار الإسلامى المعتدل الذى قد يمثله الشيخ الغنوشى، من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن النخبة المثقفة تعلن بشكل واضح تخوفها من الإسلاميين. بينما يقول ” الكاتب الصحفى”أسامة خالد”, انه وبالرغم من إبداء العلمانيين فى تونس تخوفا من المد الإسلامى ويعتبر اللائكيون أن هذا المد خطر عليهم، وبعيدا عن خوف الإسلاميين على مستقبلهم السياسى والاجتماعى فى تونس, فإن الشارع التونسى، الذى يشهد زخما سياسيا كبيرا وحركة سياسية أكبر – حيث تمت الموافقة مؤخرا وبعد الثورة على 35 حزبا بين علمانيين وإسلاميين ليصبح عدد الأحزاب التونسية 44 حزبا وهناك حوالى 50 طلبا آخر لإنشاء أحزاب تحت الدراسة ورفضت منها بشكل نهائى حوالى 7 مؤخرا أغلبها لاعتقانها أفكارا إسلامية متطرفة – يرى الآن الأفضل له حاليا هو الإسلام المودرن، الإسلام المتسامح، حيث يعتنق التونسيون المذهب المالكى وتفضل الأغلبية من التونسيين الهروب من قيود الدين المتشدد. أما “محسن مرزوق” – رئيس مركز الكواكبي للتحولات الديموقراطية- فإنه يرى أن الخارطة السياسية غير واضحة المعالم الآن , ويبدو وسط ذلك أن التيار الإسلامي هو الجهة الوحيدة المنظمة، فضلا عن امتلاكه لعدة كوادر كانت تعيش في المهجر عادت لتونس بعد أن اكتسبت عدة خبرات”, ومن المتوقع ظهور تيار آخر من وسط اليمين يضم المختلفين مع اليسار الراديكالي من جهة والحركة الإسلامية من جهة أخرى.