في هذا الحوار يقيم الدكتور عماد شاهين المتخصص في الحركات الإسلامية وأستاذ الأديان وحل النزاعات بمعهد كروك لدراسات السلام الدولية بجامعة َُُّْم فٍم بالولاية المتحدةالأمريكية يقيم تجربة الاندماج السياسي للإسلاميين، ويرى أنه رغم محدودية نتائجها على مستوى الإصلاح السياسي إلا أنها ساهمت في تحقيق جملة من المكاسب بالنسبة إلى الحركة الإسلامية إذ ساعدتها على إكساب كوادرها قدرة الانفتاح على المجتمع والتواصل والحوار مع المكونات السياسية وامتلاك الخبرة السياسية الضرورية وتعلم مهارات التدبير والإدارة كما ساعدت في التقليص من حدة التخوفات والتوجسات التي كانت تبديها التيارات السياسية الأخرى من نوايا الإسلاميين من السلطة. ويرى عماد شاهين أن الديمقراطية لا يمكن أن تكون بدون إشراك الإسلاميين، ويعتبر أن التضييق على الإسلاميين أو منعهم من المشاركة في العملية السياسية من شأنه أن يوسع من دائرة التيارات الراديكالية المتطرفة. كما يثني على تجربة الحركة الإسلامية في المغرب، ويعتبرها تجربة واعدة وناجحة في التوفيق بين المرجعية الإسلامية وبين الممارسة الديمقراطية. تابعتم من خلال العديد من الدراسات والأبحاث التي أجريتموها قضية الاندماج السياسي للإسلاميين، كيف تقيمون هذه التجربة لاسيما وقد برزت في الآونة الأخيرة انتقادات من داخل التجربة أو من قبل باحثين متخصصين في الحركة الإسلامية يرون أن مشاركة الإسلاميين السياسية في الإجمال كانت ضعيفة الجدوى وأن كلفتها كانت باهظة بالمقارنة مع مردوديتها المحدودة؟ بصفة عامة، وعلى وجه الإجمال، أرى أن تجربة المشاركة السياسية للإسلاميين، على الرغم من عدم ضمان نتائجها، إلا أنها تمثل تجربة إيجابية بالنسبة إلى الحركة الإسلامية لأنها منحتها بعض الميزات والحقوق التي كانت لا تحظى بها قبل تجربة الاندماج السياسي لاسيما بالنسبة إلى الحركات الإسلامية التي دخلت التجربة ضمن أطر وأهداف محسوبة. فعلى سبيل المثال، من أهم ما كسبته الحركة الإسلامية من خلال تجربة اندماجها السياسي أنها أتاحت لكوادرها وأطرها فرصة الانفتاح على محيط المجتمع والتوغل في شرائحه، كما أتاحت لها الفرصة لامتلاك الخبرة الضرورية والقدرة على التفاعل مع التيارات السياسية الأخرى وكذا القدرة على الحوار وامتصاص الخلافات التي كانت سائدة في فترة ما قبل الاندماج السياسي مع غيرها من التيارات السياسية لاسيما منها العلمانية واليسارية. كما أن هذه التجربة أتاحت الفرصة لكوادر الحركة الإسلامية إلى معرفة العديد من مطالب الجماهير على أرض الواقع، أي أن الحركة الإسلامية خرجت من مرحلة الشعارات العامة الفضفاضة ذات الطابع الإيديولوجي إلى مرحلة إدارة الأمور المعاشية للجماهير. وهذا ما أتاح لها فرصة التركيز على الشأن العام والهم اليومي للمواطن، بما سمح لكوادرها بتنمية قدراتهم ومهاراتهم في الإدارة والتدبير. ثم هناك إيجابية لا تقل أهمية عما ذكرنا سابقا وتتعلق برفع الشكوك والتخوفات التي كانت تحيط بالإسلاميين وذلك من خلال المواقف والسلوكات السياسية التي يعبرون عنها على الأرض، إذ أن تجربة الاندماج السياسيين سمحت للتيارات المخالفة أن تقف على حقيقة مواقف الإسلاميين، بدل اتهام نواياهم، وهل لهم نوايا في الانقلاب على السلطة بعد الوصول إليها أم أنهم يتمثلون الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة، وهل لهم نية احتكار السلطة وتطبيق الشريعة أم أنهم يؤمنون حقا بفكرة السيادة للشعب والتداول على السلطة. فالمشاركة السياسية للإسلاميين قلصت من حدة التخوفات التي كانت تبديها التيارات الأخرى من الحركة الإسلامية كما أنها وضعت حدا للتهم التي كانت توجه عادة لنوايا الإسلاميين من العمل السياسي وموقفهم من السلطة. وعلى الجانب السلبي، لا شك أن هناك قضايا كثيرة تحسب في العادة على أنها من سلبيات هذه المشاركة، إذ في الغالب ما تكون مشاركة الإسلاميين ضمن أطر سياسية محدودة إذ لا تتعدى هذه المشاركة السقف أو الخطوط الحمراء المرسومة للعملية السياسية، مما يجعل الأداء العام والحصيلة السياسية للإسلاميين محدودة وغير مؤثرة لاسيما إذا قيست بهدف كبير من قبيل الإصلاح السياسي أو من قبيل تحريك الجماهير وإنهاء حالة الاحتكار الذي تمارسه السلطة السياسية في علاقتها بالجماهير. ولا شك أن القبول بهذه الأطر أو هذه الدوائر المرسومة يجعل أداء الإسلاميين وسلوكهم السياسي محكوما في كثير من الأحيان بالرؤية البراغماتية، وهو ما قد يكون له تأثير على علاقتهم بالشعب، إذ من شأنه أن يضعف في عيون القواعد الشعبية الرصيد الأخلاقي والعقائدي للحركة الإسلامية. أما السلبية الثالثة، وتتعلق بكلفة العمل السياسي والتوجه إلى العمل العام، والذي يفرض الانكشاف التام للحركة الإسلامية ولكوادرها وأطرها واستراتيجيتها وهو ما يساعد السلطة على ضربها أو استهدافها بسهولة. في موضوع الديمقراطية ودور الإسلاميين في الإصلاح السياسي في الوطن العربي هناك خلاف كبير لدى صناع القرار السياسي الغربيين حول موقع الإسلاميين ودورهم في عملية الانتقال الديمقراطي، ففيما يميل طرف إلى الدور المركزي الذي يمكن أن يلعبه الإسلاميون المعتدلون في الإصلاح السياسي، يرى طرف ثان أن الديمقراطية لا يمكن أن تتقدم في ظل هيمنة الإسلاميين وأن الأولوية ينبغي أن تتجه لدعم القوى العلمانية لتقوم بدورها في الإصلاح السياسي، فيما يرى طرف ثالث أن الأولوية ليست لدعم الديمقراطية وإنما هي لرعاية المصالح الاستراتيجية للغرب، مما يعني تأجيل دعم الديمقراطية إذا تعلق الأمر بصعود الإسلاميين وتهديد المصالح الغربية. كيف تقيمون هذه المواقف؟ لا يمكن للديمقراطية أن تتم من غير مشاركة الإسلاميين، لأنها في هذه الحالة ستصير إقصاء واستثناء في حين أن الديمقراطية تعني حق الجميع في المشاركة والتمثيل النيابي. فالديمقراطية تكتسب قوتها من كونها تتيح لكل الأطراف والتيارات السياسية أن تشارك في العملية السياسية وتعبر عن رأيها وتقبل بشروط اللعبة. ولذلك فالاعتراف بكل القوى السياسية هو شرط أساسي في الديمقراطية وكل إقصاء لأي طرف سياسي، سواء كان إسلاميا أو غير إسلامي، هو في الحقيقة يمثل إقصاء وليس ديمقراطية إلا إذا كان الأمر يتعلق ببعض الجماعات التي تحاول أن تقوم بقلب النظام نفسه، أي أنها تحاول أن تنقلب عن النظام من خارج الضوابط والأطر القانونية والسياسية. أما بالنسبة لمواقف صناع القرار السياسي الغربي من الدور المفترض للإسلاميين في الإصلاح السياسي، فدعني أقول لك صراحة بأن الغرب لا يريد أن تؤدي الديمقراطية إلى نجاح الإسلاميين، وما يهمه بدرجة أولى هو تحصين مصالحه الاستراتيجية والحفاظ عليها في المنطقة، وهذا في الحقيقة ما يعكس تردده في دعم الديمقراطية في الوطن العربي، وترجيحه خيار دعم الأنظمة الاستبدادية حفاظا على مصالحه الاستراتيجية اللهم حالة حزب العدالة والتنمية التركي التي نجح فيها هذا الحزب في أن يقدم نموذجا عقلانيا وبراغماتيا أقنع الغرب بضرورة دعمه. حسب تحليلكم، هل مطلوب من الحركة الإسلامية أن تنتج خطابا وتنتهج سلوكا سياسيا يطمئن الغرب على مصالحه ويثبت له أن مشاركة الإسلاميين السياسية وحتى وصولهم للحكم لن يضر بهذه المصالح؟ ليس بالضرورة، إذ ليس مطلوبا من الحركة الإسلامية أن تتنازل عما يمكن أن يدرج ضمن مقتضيات الأمن القومي، إذ أن كثيرا من المصالح الاستراتيجية للغرب هي في حقيقتها تمس الأمن القومي للبلدان العربية ومن ذلك قضية إسرائيل وقضية النفط والقواعد العسكرية والوجود الاستخباراتي. وغيره من القضايا.. ولذلك، أنا أعتقد أن الموقف المطلوب من الإسلاميين هو أن يعبروا حقيقة عن مواقفهم كما هي، وألا يتنازلوا عنها حتى لا يحدث الانفصام بين المبادئ التي يعلنون عنها وبين السلوك السياسي الذي يمارسونه. مطلوب من الحركة الإسلامية أن تقدم اجتهادا سياسيا لا يتنازل عن المبادئ، لكنه في الوقت ذاته، يطور السلوك السياسي بالشكل الذي يجعله سلوكا واقعيا وبراغماتيا. نأخذ مثلا التطور الذي حصل في الخطاب والسلوك السياسي لحركة حماس، إذ انتقلت من النفس العقائدي الشعاراتي العام الذي كان يعتبر أرض فلسطين كلها أرض وقف إسلامي وأنه لا يجوز شرعا التفريط في أي شبر منها ولا يقبل التفاوض ولا الهدنة، إلى قبول الهدنة مع إسرائيل قصيرة أو متوسطة المدى أو هدنة قد تصل إلى خمسة وعشرين سنة، ثم الدخول في الانتخابات التشريعية، والفوز بها وتشكيل الحكومة.. فهذا الموقف الذي طورته حماس أعفاها من قضية الاعتراف بإسرائيل، وسمح لها بتطوير رؤية سياسية واقعية وبراغماتية. وفي اعتقادي، فإن الحركة الإسلامية معنية بتطوير رؤيتها السياسية في كثير من القضايا، فمثلا في مصر، التي ترتبط باتفاقيات دولية بخصوص قناة السويس مثلا، فإن الحركة الإسلامية معنية بتقديم اجتهاد سياسي في الموضوع يظهر رؤيتها للتعاطي مع هذا الموضوع، وهل ستأتي على هذه الاتفاقيات وترفضها جملة وتفصيلا وتعلق العمل بها في حال وصولها للسلطة أم ستقبلها أم ستتكيف معها أم ستعمل على تعديلها ضمن شروط السياسة. وأعتقد أن هذا الاجتهاد هو الذي يكشف مدى قدرة الحركة الإسلامية على تطوير رؤيتها واعتماد الواقعية في العمل السياسي. برزت في الآونة الأخيرة كتابات ودارسات عديدة تشير إلى فشل السياسة الأمريكية في محاربة الإرهاب، كما برزت دراسات أخرى تجعل أي مقاربة لمحاربة الإرهاب من غير اعتماد على دور الفاعل الإسلامي المعتدل ومن غير إدماج واسع للإسلاميين هي مقاربة فاشلة، ما هو تعليقكم على هذه الخلاصات؟ لاشك أن قمع الإسلاميين أو التضييق عليهم أو منعهم من المشاركة السياسية يساهم في توسيع وانتشار الظاهرة الإرهابية لأن الفراغ السياسي الذي ينتج عن إقصاء الإسلاميين أو إقصاء غيرهم تملؤه ، بدون شك، التيارات الراديكالية التي تؤمن بالعنف والإرهاب كأسلوب في التغيير. فإقصاء التيار الوسطي المعتدل، الذي يشكل اليوم التيار الغالب في المجتمعات الإسلامية، يدفع التيارات الراديكالية إلى الانتشار، ولذلك فالحد من هذا التيار يؤدي بشكل طبيعي إلى تنامي التطرف وتنامي التيار السلفي والسلفية الجهادية وتنامي تيار التشيع في المجتمع العربي، فالفراغ الذي ينتج عن إقصاء الإسلاميين وتجميد دورهم في نشر ثقافة الوسطية والاعتدال يتم ملؤه من قبل هذه التيارات. لكن مع ذلك أنا أرى أن فشل السياسة الأمريكية في مكافحة الإرهاب لا يرجع فقط إلى استبداد الأنظمة السياسية، فمقولة بوش التي تقول بأن الإرهاب سببه استبداد الأنظمة صحيح لكنه يخفي الجانب الجوهري في المسألة، والذي يتعلق بالهيمنة الأمريكية على المنطقة ودعمها للأنظمة الاستبدادية، فهذه الهيمنة هي المسؤولة الأولى عن إنتاج الظاهرة الإرهابية. فهذه الظاهرة هي منتج أجنبي قبل أن تكون ظاهرة منبثقة من داخل الوطن العربي. هناك اليوم أطروحات تفسيرية مقاربة للحركة الإسلامية تطرح فكرة ما بعد الإسلاميين أو فكرة تراجع الإسلاميين، وتقدم جملة من المؤشرات التي تدعم أطروحتها، كيف تقيمون خلاصات هذه الدراسات؟ وهل فعلا تتراجع الحركة الإسلامية؟ أم أنها تقدمت وهي تعيش اليوم دورة متجددة؟ أنا لا أعتقد أن الحركات الإسلامية تراجعت، وأعتقد أن الأطروحة التي يجملها كيبل أو غيره بخصوص فشل الإسلام السياسي أو طرح مفهوم ما بعد الإسلاميين يتضمن عطبا أساسيا، يتمثل في المقابلة بين الإسلام واللاإسلام، وبين الإسلام والعلمانية، في حين أن هذه الإشكالات اليوم أصبحت وراء الظهور لاسيما بعد المراجعات التي دشنتها الحركة الإسلامية بخصوص العديد من المفاهيم كالديمقراطية والتعددية والتداول السلمي على السلطة وغيرها. أنا أعتقد أن هناك مرحلة جديدة قد دخلتها الحركة الإسلامية، إذ أنها قامت بالعديد من المراجعات لاسيما ما يخص فكرها السياسي، من قبول للنظام القائم، والقبول بالتعددية بمعنى قبول التعايش مع بقية المكونات السياسية بما فيها التيارات القومية، والمشاركة في العملية الانتخابية، والاعتماد على صوت المواطن ثم الانتقال من تبني فكرة الحاكمية إلى اعتماد مفهوم سيادة الشعب. فكل هذه المراجعات تجعل الباحث المنصف يقر بحدوث تطور كبير في وعيها وخطابها وسلوكها السياسي. في المرحلة السابقة كان الاحتراب كبيرا بين الإسلاميين وخصومهم الإيديولوجيين، اليوم تغير المشهد وصار هناك تقارب في العديد من الأٌقطار العربية بين الإسلاميين وبين قوى اليسار والقوى الديمقراطية والتقدمية في اتجاه النضال من أجل الديمقراطية، هل هذا في نظرك يرمز إلى تطور في الفكر السياسي للإسلاميين أم يؤشر على تطور وتحول في بنية التفكير لدى قوى اليسار، أم يرجع الأمر إلى حصول تطور في التيارين معا؟ هو يرمز إلى تطور لدى التيارين معا، ولا يتعلق الأمر هنا فقط بتطور في الفكر، وإنما يتعلق بالدرجة الأولى بتقاطع المصالح بين التيارين. فسقوط الاتحاد السوفياتي، وسقوط نموذج الحزب الواحد، وانهيار نموذج الاقتصاد المركزي، لا شك أن كل هذا، دفع التيارات اليسارية إلى الاقتراب من الفكرة الديمقراطية. وفي الجانب الآخر، يبدو أنه وقعت مراجعات تمس النظرة إلى الدين، إذ يبدو أنه صار هناك اقتناع أن الدين يشكل المكون الأساسي المؤثر في حياة القطاعات العريضة من الشعوب العربية الإسلامية، وأنه يمثل حافزا أساسيا وراء قيم الفضيلة والمقاومة والمروءة ومكافحة ثقافة الهيمنة، فهذا بدون شك، دفع قوى اليسار إلى إعادة تقييمها للموقف من الدين، ومن القوى التي تؤسس خطابها وسلوكها السياسي من مرجعية إسلامية، ومن جهة الإسلاميين، وقعت أيضا مراجعات أخرى بخصوص علاقة الدين بالسياسة والموقف من الديمقراطية والتعددية السياسية، وهذا ما ساعد على حصول تلاقي على أرض السياسة لمواجهة الاستبداد الذي تمثله الأنظمة السياسية الحاكمة في الوطن العربي. لكن كل هذه المراجعات تحتاج إلى أن تتعزز لدى الطرفين وأن تصير الديمقراطية مطلبا مبدئيا واستراتيجيا وليس فقط مجرد خيار تكتيكي. هل تقصد أن الحركة الإسلامية تتبنى الديمقراطية كتكتيك سياسي للوصول إلى السلطة؟ المطلوب من الحركة الإسلامية وغيرها من القوى التي تطالب بالديمقراطية أن تعكس في سلوكها السياسي المفهوم المبدئي للديمقراطية، وأن لا تكتفي بجعل الديمقراطية ومقتضياتها أساسا للمطالبة بحقوقها فقط دون حقوق الآخرين، فيبدو في بعض التجارب أن الحركات الإسلامية لا تندد بالانتهاكات الحقوقية التي تقع إلا إذا استهدفتها شخصيا في حين لا تعبر عن نفس الموقف المناهض أو تسكت مطلقا إذا تعلق الأمر باستهداف قوى سياسية أخرى، وهذا يعكس نوعا من الفهم التكتيكي للديمقراطية. تقصد أن بعض الحركات تتبنى مفهوما طائفيا للديمقراطية، أي تدافع عن الديمقراطية فقط حين يتعلق الأمر بمصلحتها؟ هذا تحد ينبغي على الحركة الإسلامية أن تجتهد في سلوكها السياسي للإجابة عنه، وأن تتعامل مع المظلوميات بنفس الأسلوب سواء تعلق الأمر باستهدافها أو استهداف غيرها. ثم هناك تحد آخر، يتعلق بحل بعض القضايا الإشكالية، مثل قضية الشرعية والحاكمية، وقضية التمثيل والإقصاء، وقضية المساواة بين أفراد المجتمع، ومسألة غير المسلمين في الدولة الإسلامية، ومشاركة المرأة في الحياة السياسية وغيرها من القضايا. هذه قضايا حصلت بإزائها مراجعات كثيرة، واليوم توجد حركات إسلامية تتبنى مفاهيم جد متقدمة بشأن القضايا التي طرحت وربما الأمر لا يطرح بحدة إلا عند بعض الحركات الإسلامية في المشرق إذ أنها بحكم البيئة التي تعيشها لم تصل بعد إلى درجة تدشين المراجعات التي سبقت إليها مثلا الحركة الإسلامية في المغرب؟ هذا ما أقوله بالضبط، فهناك حركات إسلامية قطعت أشواطا مهمة في المراجعات، وصارت نماذج تحتذى في هذا الإطار، في حين لا تزال حركات إسلامية أخرى تقتات على نفس المفاهيم التقليدية. بشكل عام، ما هو تقييمكم لتجربة الحركة الإسلامية بالمغرب؟ الحركة الإسلامية المغربية لها منهجية مختلفة في التعاطي مع العملية السياسية بالمقارنة مع غيرها من الحركات الإسلامية في المشرق. وإجمالا، يمكن أن نتحدث عن تجربة واعدة وناجحة يتعامل معها النظام السياسي بدرجة عالية من الواقعية والإيجابية، حتى أننا نرى نموذجا يمارس في التوفيق بين الإسلام والممارسات الديمقراطية والحريات، بل إنه يتجاوز معادلة الإسلام والديمقراطية في المجتمع إلى ما هو أهم مما له علاقة بالتنمية ومحاربة الفقر والبطالة وقضايا الشباب والمرأة. وهي تقدم نموذجا متقدما للحداثة الإسلامية.