أصبحت المشاهد الهامة و الاخبار و الاحداث الجارية بكافة دول و عواصم العالم كثيرة بل و كثيرة جدا و متلاحقة دون توقف، و لكن هناك مشاهد يجب ان نقف امامها كثيرا و نفهم ما يدور حولها و تداعياتها على أمننا القومي، و كي نفهم من خلالها العلاقة المعقدة بين دول الاقليم . و كان أبرز تلك المشاهد و الاخبار بالشهر الجاري هو خبر نقل يهود اليمن الى تل أبيب، و هنا يجب ان نتوقف قليلا و نقراء ما خلف ذلك العنوان و تداعياته . أولا لتنفيذ عملية مثل تلك فبالتأكيد كان هناك تنسيق عالى مع من يسيطر على سماء اليمن فى ظل عاصفة الحزم، و هو امر لست مندهش له فى ظل زيارات قيادات امنية خليجية كبيرة لمطار بن غوريون مؤخرا، و فى ظل اقتراحات موشى يعالون و العديد من قيادات جيش الاحتلال الصهيوني نحو التحالف السني الاسرائيلي بعد تأكيدهم أن الصراع بالمنطقة هو صراع سني شيعي لا صراع عربي اسرائيلي، و هو الامر الذى جعل الجميع يستشعر ان تموز 2006م قد يتكرر فى ظل تمهيد الاقليم لهذا الامر بعد تأملت اسرائيل وضع الجيش العربي السوري المنهك و أدراج دول مجلس التعاون الخليجي و جامعة الدول العربية حزب الله كمنظمة أرهابية فى الوقت الذى رفضت فيه دول اوربية تصنيف حزب الله كمنظمة ارهابية تحت ضغوط شديدة من اسرائيل و المنظمات الصهيونية بالعالم، و هو الامر الذى أستدعى الامين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله لكي يرسل رسالة مباشرة لاسرائيل عبر قناة الميادين و يصرح ان صواريخ حزب الله تطول اى مكان فى اسرائيل و أن اى حرب على لبنان ستكلف العدوان تكلفة باهظة . ثانيا هل عملية نقل يهود اليمن و التى تمت بمساعدة الاردن بعد ان هبط يهود اليمن فى مطار الملكة علياء بعاصمة المملكة الهاشمية عمان قبل أن يتجهو الى اسرائيل يسير مثلها تعاون بالتوازى أيضا تجاه ما يحدث على حدودهم مع سوريا، و أذا كان هناك بالفعل تعاون فكيف تكون خريطة الصراعات المشتعلة بين الاطراف المسلحة بتلك المناطق السورية حاليا و اي تنظيم سيكون مدعوم منهما و من خارج الحسابات . ثالثا هل يدرك القارئ و الانظمة و الحكومات العربية مدى خطورة تصفية الدول العربية من اقلياتها، هل ترى تلك الانظمة و الحكومات ما هي الخطوة التالية بعد تفريغ الشرق العربي من اقلياته فى ظل تنامي الفكر الاصولي من المحيط الى الخليج، و فى ظل تفريغ الدول العربية من جزء أصيل من حضارتها و تاريخها بعد ان رحل يهود اليمن بما حملو من مخطوطات تحمل تاريخهم كما حدث مع يهود العراق، لا يسعني القول الا انه امر أشبه بالكابوس . رابعا عمليات نقل يهود اليمن التى تمت على مدار شهور و لم تكن عملية واحدة فى مشهد يعكس لنا نشاط الوكالة اليهودية للهجرة بالتنسيق مع الموساد يذكرنا بكيف كانت عناصر الموساد تعمل فى العراق بعد الغزو الامريكي لها عام 2003م سواء لنقل يهود العراق الى اسرائيل او لتصفية كافة علماء الذرة العراقيين و سرقة تاريخ و اثار العراق فى مشهد عكس لنا أنتقام اليهود من مملكة بابل و لحظة ثأرهم التى أنتظروها من قرون بعيدة جدا . و كيف أستغل الموساد اضطرابات اوكرانيا الاخيرة فى نقل يهود اوكرانيا الى تل أبيب فى مشهد قالت فيه الدولة العبرية لكافة يهود الارض هنا تل أبيب هنا الملاذ الامن الوحيد لكم بالمسكونة . فأذا كانت أسرة الحاخام اليمني سليمان يعقوب النهاري التى كانت تسكن منطقة خارف بمحافظة عمران هم أخر يهود اليمن التى تم نقلهم الى تل أبيب فهل من عمليات اخرى تستعد لها أسرائيل فى ظل سعيها لاستغلال فرص الربيع العبري بالمنطقة . فادى عيد الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط