الربيع العربي في رحاب المسار المفقود الربيع العربي في رحاب المسار المفقود
عندما انطلقت موجات التغيير في الوطن العربي التي كانت بدايتها بسقوط أول الطغاة في تلك المنطقة ، هنا بدأوا أعداء الأمة بسَن سيوفهم بعد ابتلاعهم تلك المفاجئة بذاك الحراك ، الذي أدى إلى سقوط تلك الديكتاتوريات العربية الهشة والتي هي أضعف من بيت العنكبوت أمام إرادة الجماهير ، حيث سعوا هؤلاء الكارهين لنا بأن تأخد تلك الثورات مساراً آخر من التفاؤل بالمستقبل إلى إنسداد الأمل بالتغيير للأفضل ، حيث إستغلوا جهلنا و تخلفنا لعقود في عصر الأنظمة القمعية البائدة أو القائمة لهتك شرف تلك الثورات ، بإختزال ذلك الحراك بتسييره و إخضاعه لكل فئة منا دون الإلتفات إلى حاجة الوطن لجميع سواعده من ترميم لمواطنيه على الصعيد النفسي و الإنساني و زِد على ذلك بناء بنية تحتية لكل مؤسسات الدولة من المتخصصين و أهل العلم ، فتركنا كل هذه الأولويات الملحة و ذهبنا لعملية ديمقراطية كانت تسمى إنتخابات رغم أهميتها لكن تأتي لاحقاً كدرة التاج بعد إكتمال البناء الأساسي للمؤسسات الوطنية و غير ذلك يصبح صندوق الإقتراع برميل بارود ينفجر في وجوهنا كمن يطلق النار على رأسه من نقطة الصفر و هذا الذي حصل فعلياً ، كما كان هناك غياب أو تَغييب مدروس لمن قادوا و صنعوا الثورات في تلك المنطقة حتى تُكسر تلك التجربة النبيلة بالتغيير طمساً للحقيقة ، ثم دخول التيار الديني السياسي الذي لا يؤمن بالشراكة السياسية على خط تلك الثورات و ركوبه الموجة الثورية و إستعجاله بقطف تلك الثمار لتعطشه للسلطة و نظرته التكفيرية للآخرين ، ثم الدور الأساسي لمملكات و إمارات الخليج ، التي لا تملك أصلاً برلمانات ديمقراطية ، لتسطوا على هذا الحراك بخلق الفتن بين من أرادوا التغير بدعم و تأنيب فئة على أُخرى بالمال و السلاح ، حتى لا تنتقل تلك الشرارة إليهم و تهز عروشهم ، و كان هناك عامل مهم جداً و هو غياب واضح للمسار الفكري لما بعد الثورات أو أثناء إشتعالها و غياب أو إفتقار تلك الشعوب لنخبها الفكرية و حكماء من لهم البصيرة في قراءة المستقبل و كيفية تجنبنا لمن يتربص بِنَا كشعوب منكوبة على كل الأصعدة من أمية و كرامة مهانة و فقر و إنسداد بالأمل ، و زد على ذلك أمريكا و إسرائيل و من يدور في فلكهما، لذلك أُجهض في مهده هذا الربيع ، الذي كان ينادي بالشيء الطبيعي بإسترداد لكرامة و آدمية تلك الشعوب المشتاقة لإنتزاع إنسانيتها التي سُلبت و ذُبحت منذ عقود ومن أجل مستقبل يمكن أن يكون أفضل ، و لكن المحزن إننا تناسينا أن نُحصن أنفسنا من غدر الأعداء و توجيههم لنا حيث كنا ندري أو لا إلى طريق آخر بقتل الكل للكل بدق الاسافين بيننا و تأليب بعضنا على بعض ، لنرجع و نبكي و نحن على أيام الديكتاتوريات التي مضت ، و كأن قدرنا أن نبقى ظاهرة جغرافية أقل من قطيع خراف ، نُجلد و نُذبح و نُسلخ دون أن يُسمح لنا أن نصرخ من شدة الألم و الظلم اللذين يقعان علينا ، فتصحيح تلك الخطيئة في مسار الثورات العربية هو التمسك بثقة النفس و الأمل معاً بأننا نستطيع أن نكمل الطريق ، ثم الإنتقال مباشرة لتغيير الأنظمة الملكية العربية بكسرها و إستئصالها ، لأنها هي بؤرة الفتنة و رأس الحربة لتخلف و تقهقر أي حراك قائم أو قادم ، لذلك يجب أن لا نيأس في إنتزاع حقوقنا و إن لم ننجح في المحاولة الأولى أو التالية بالتغيير ، سوف نصل حتماً إلى هذا الكنز المفقود من الحرية و العدالة الإنسانية و تنمية حقيقية رغم أنف من لا يحب لنا الحياة ، و بعد ذلك لكل حادثة و مآسي مضت علينا لها حديث بالمستقبل القريب جداً لمن طعن تلك الثورات في بِكارتها ، فإرادتنا أقوى بما لا يتخيله هؤلاء الأعداء في نزع تلك الحقوق اليوم أو غداً فالوصول لذلك الهدف أصبح مسألة وقت و تحصيل حاصل بالنهاية ، لأن الشعوب باقية والطغاة و الغزاة إلى زوال ، فهذه حكمة رب العالميين في خلقه ...