الصمت العربي / قطاع غزة يشتعل ويلتهب لليوم الثالث على التوالي في عدوانٍ إسرائيلي غاشمٍ جديد، يستهدف كل شئ، ولا يستثني من عدوانه أحداً، بينما الأنظمة العربية صامةٌ تتفرج، أو عاجزةٌ تترقب، فلا تحرك ساكناً، ولا تصدر صوتاً، ولا تبدي حراكاً، ولا تقوى على الاعتراض أو التنديد، أو مطالبة المجتمع الدولي بسرعة التحرك، لوقف اعتداء الكيان، وكف آلته الحربية عن قصف القطاع وقتل مواطنيه، وتخريب المخرب فيه، وتدمير المدمر منه، وكأن الذي أصابها خرسٌ أو شلل، أو أنه عجزٌ وفشل. لا شئ قد تغير في البرامج التلفزيونية العربية التي بقيت على حالها، وكأن شيئاً لم يحدث، أو أن عدواناً لم يقع، أو كأنهم لا يعرفون أن العدوان الإسرائيلي ضد غزة، وأنه لا يقع في الجوار قريباً منهم، بل إنه يستهدف بقعةً نائية، وشعباً بعيداً، لا تربطهم بهم جيرة ولا علاقة، ولا شأن لهم به، رغم أنهم يسمعون أصوات القصف، ويرون ألسنة اللهب المتصاعدة، وسحائب الدخان الكثيفة، علماً أن الوصول إليه أقل بكثير من مسافة السكة، ولكنهم يتعامون ويتجاهلون، ويسكتون ويصمتون، أو ربما أنهم يتعاونون ويتآمرون. لم نسمع مسؤولاً عربياً يستنكر، ولا حاكماً يدعو إلى سرعة التحرك ووجوب التضامن، رغم أنهم يقفون على المنابر كل يوم، ويتحدثون في كل المناسبات، ويتناولون مختلف القضايا، وتنقل وسائل الإعلام تصريحاتهم وأقوالهم، وتغطي أنشطتهم وفعالياتهم، وزياراتهم وافطاراتهم، ولكن محنة الفلسطينيين لم تصلهم، وانتفاضة القدس والضفة لم تحركهم، وثورة الأهل في الجليل والمثلث لم تشجعهم، وأنهم لم يروا من الأحداث سوى اختطاف المستوطنين الثلاثة، وهم جنودٌ غزاة، وقتلة عتاة، بينما تجاهلت عيونهم صورة الفتى محمد أبو خضير، الخارج من صلاة الفجر، وهو يصطلي ناراً، ويحترق حياً. لا أريد أن أصدق أحداً من الإسرائيليين فكلهم كاذبين ولو صدقوا، وإن هم تحدثوا فلن يقولوا إلا ما ينفعهم ويضرنا، وما يسرهم ويسيئ إلينا، فموقع ديبكا الاستخباراتي الإسرائيلي يقول، أن الحكومة الإسرائيلية أعلمت أنظمةً عربية بنيتها الهجوم على قطاع غزة، وأن قادةً عرباً يتفهمون مبررات الحملة الإسرائيلية، وأنهم أعطوا الموافقة المبدئية على العدوان، إذ أنهم يعتقدون بصدق الرواية الإسرائيلية، ويسمعون لشكواهم، بأن المقاومة الفلسطينية هي التي جرت الكيان الصهيوني إلى هذا الإجراء، وأنها بعملياتها قد حشرته في الزاوية، فما كان أمامه إلا أن يخرج للدفاع عن نفسه، وحماية شعبه. مسؤولٌ إسرائيليٌ آخرٌ، مشهودٌ له بالكذب، ومعروفٌ بينهم بالتطرف، يقول بأن بعض الأنظمة العربية فرحة لما يجري في قطاع غزة، بل إنها تحبس أنفاسها، وتنتظر بفارغ الصبر إنهيار حركة حماس، وتفكك قوتها، وانتهاء عصرها، وأفول نجمها، وقد أعياهم تفكيكها، فلا سبيل لإسقاطها بغير القوة، فقد أرهقهم وجودها، وأتعبهم صمودها، وأحرجهم ثباتها، وأزعجهم انتماؤها، فكان رحيلها هو الخيار الأفضل، والحل الأمثل. الإسرائيليون أعداؤنا، يكذبون ولا يصدقون، ويكرهوننا ولا يحبون، ولكنهم يقولون أحياناً ما لا يقوى غيرهم على قوله، أو يسقط من بين كلماتهم ما يفضح، ويبين من ثنايا حديثهم ما يكشف، فلا يوجد من الأنظمة العربية اليوم من يقف إلى جوارنا، وينتصر لنا، ويستعد للدفاع عنا، أو يعمل لوقف العدوان الإسرائيلي علينا، فهم إما صامتون أو يتآمرون، وساكتون أو يتعاونون، وعاجزون أو يدعمون، وفرحون أو يشمتون. الأربعاء 12:00 الموافق 9/7/2014 قاعدة زيكيم البحرية أياً كانت نتائج عملية اقتحام قاعدة زيكيم البحرية الإسرائيلية، من قبل عناصر كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، فإنها تعتبر بكل المقاييس العسكرية عمليةً نوعية، واختراقاً خطيراً لأمن الكيان، وعمليةً جديدة مبتكرة، أربكت العدو وأحدثت في مستوياته القيادية السياسية والعسكرية اضطراباً، وجعلته يتحسس الضربات من كل مكان، ويتوقعها من حيث لا يحتسب، وقد اعترف قادة جيش العدو بهذا الخرق، وسلموا بقدرة المقاومة على تجاوز الخطوط الحمراء، وتحدي كل الإجراءات الأمنية. إذ تمكنت المقاومة الفلسطينية من التسلل خلف خطوط النار، واقتحام واحدة من أكبر القواعد البحرية الحربية الإسرائيلية، في عمليةٍ جديدةٍ غير مسبوقة، ومغامرة ناجحة مدروسة، قامت بها ثلةٌ من مقاومة البحرية، التي كانت تعمل بصمت، وتعد وتجهز بليل، ولا تسلط الضوء على أعمالها، ولا تفضح خططها، ولا تكشف عن نواياها، حتى كانت عمليتها الأولى التي بينت للعدو الصهيوني أن بنك أهداف المقاومة كبير، وأنه يزخر بالأهداف الحيوية والخطيرة، وتلك التي يظنها محصنةً ومنيعة، وعنده الكثير مما رصدته وحددت مكانه استخبارات المقاومة العسكرية، وعينت احداثياته بدقة، ووضعت له الخطط المناسبة، قصفاً أو اقتحاماً، في الوقت المناسب، والظرف المواتي. قاعدة زيكيم الحربية تقع قريباً من قطاع غزة، وتبعد عن حدوده الشمالية خمسة عشر كيلو متراً، وهي قاعدة تخضع لإجراءاتٍ أمنية مستحكمة جداً، وتحميها طائرات استطلاع، ومناطيد مراقبة، ودورياتٌ راجلة وأخرى محمولة، وهي القاعدة التي تشرف دورياتها الأمنية، وزوارقها الحربية على أعمال التمشيط البحري، وملاحقة الصيادين الفلسطينيين، وإغراق مراكبهم، واعتقالهم والتضييق عليهم، وحرمانهم من حقهم الصيد، وما زالت تضيق عليهم، وتقلص المسافة المسموح للصيادين بدخولها إلى ثلاثة أميالٍ بحرية. نجاح فرقة الكوماندوز البحرية الفلسطينية في اقتحام قاعدة زيكيم العسكرية، لا تدل على القدرة والكفاءة التي باتت تتحلى بها المقاومة، ولا تشير إلى نوعية العملية وخطورتها، والتحدي الكبير في تجاوز تحصيناتها، والنجاح في الدخول إليها والاشتباك مع عناصرها، وتسجيل إصاباتٍ حقيقية في صفوفها، قتلاً أو إصابة، رعباً أو فزعاً، وغير ذلك مما يمكن أن يقال في وصف عمليةٍ نوعيةٍ ناجحة، تمت خلف خطوط النار ولكن تحت النار، في وقت ذروة الاستنفار، وقمة الجهوزية والاستعداد. لكن هذه العملية تحمل معها رسالةً واضحة إلى الكيان الصهيوني والعالم كله، أن الفلسطينيين لن يتوقفوا عن المقاومة، ولن يكفوا عن التفكير في وسائل مختلفة، وسبل إبداعية جديدة، من أجل كسر العدو وإلحاق الهزيمة به، وتحرير الأرض واستعادة الحقوق، فهذا وعدٌ قطعه الفلسطينيون على أنفسهم، ولن يضعفهم بطش الاحتلال، ولا غزارة نيرانه، ولا آلياته ودباباته وطائراته، ولن يتمكن باعتداءاته وحروبه من كسر إرادة هذا الشعب الجبار، ومنعه من استمرار المقاومة، ومواصلة الجهاد، حتى يتحقق وعد الله لهم، بالعودة والتحرير، وإنه لجهادُ نصرٍ أو استشهاد. الأربعاء 14:20 الموافق 9/7/2014 إسرائيليون يعترفون ... لقد تضررنا كثيراً يعترف كثيرٌ من الإسرائيليين أن حروب جيش كيانهم القديمة قد ولت وانتهت إلى الأبد، وأنه لم يعد جيشهم يقاتل على أرض العدو، بعيداً عن مواطنيه ومصالحه، فيلحق خسائر في صفوف خصومه، بينما تكون جبهته الداخلية هادئة مطمئنة، لا تعيش الخطر، ولا تصلها الصواريخ، ولا تلحق بها شظايا المعارك، بل لا تشعر بالحرب، ولا تسمع بها إلا عبر وسائل الإعلام، وتستمر جبهته الداخلية متماسكه، تمده بالقوة، وتشجعه على المزيد من العدوان. لكن الحسابات الإسرائيلية قد انقلبت في هذه الحرب التي شنها العدو الإسرائيلي على قطاع غزة، وفي الحروب التي سبقتها، حيث بدأ المواطن الإسرائيلي يئن ويصرخ، ويرفع صوته شاكياً متذمراً، مطالباً حكومته وقيادة الجيش بالكف عن العبث، والتوقف عن المغامرات، والاعتراف بحقيقة الواقع الجديد. فالمقاومة اليوم تختلف عن حالها قديماً، فقد اشتد عودها، وقسي قوسها، وعظم سلاحها، وأصبحت قادرة على الأذى والإصابة، ولم تعد تقبل بأن تكون الحرب على أرضها فقط، بل أصبحت قادرة على نقل المعركة إلى أرض الخصم، وإطلاق الأفاعي في حجر العدو، ليعاني ويقاسي، ويخاف ويرتعد، ويطالب قيادته بسرعة التوصل إلى هدنةٍ واتفاق، تعيد الهدوء إلى الجبهات، وتمكنهم من استعادة الأمن الذي أفقدهم إياه جيشهم وحكومتهم. المحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هرئيل، يدرك هذه العيوب، وينتقد جيش كيانه ويقول بأنه بات أعمى لا يميز، وكالثور يضرب في الهواء، فليس لديه أهداف يقصفها، ولا يملك أي معلوماتٍ تساعده على تحديد أماكن منصات إطلاق الصواريخ، أو التعرف على مطلقيها واستهدافهم، ولهذا بدأ يستهدف البيوت السكنية، والأهداف المدنية، الأمر الذي تسبب في مضاعفة أعداد الضحايا المدنيين في القطاع. بينما تتهم مذيعة في القناة الإسرائيلية الثانية حكومة وجيش كيانها بأنهم ضللوا الجمهور الإسرائيلي، عندما أوحوا لمواطنيهم بأن غزة ستكون وحدها، وأن العالم سيكون مشغولاً عنها بالمونديال، ولن يصل صراخ غزة إلى أسماعهم، ولكن الحقيقة أن إسرائيل هي التي تقصف، بينما العالم لا يسمعها لانشغاله بالمونديال. أما صحيفة هآرتس فهي تقول بأن هناك أضراراً اقتصادية هائلة قد لحقت بالكيان الإسرائيلي، بسبب تواصل إطلاق الصواريخ على كل مدنها انطلاقاً من غزة، وتتساءل عن حجم الأضرار الاقتصادية التي من الممكن أن تلحق بكيانهم في حال استمر إطلاق الصواريخ عليهم، علماً أن تأثير الصواريخ المتساقطة بدأ يظهر بوضوح على البورصة الإسرائيلية. وتضيف الصحيفة بأن مناطق كثيرة في البلاد بدأت تدخل سوق القصف، بعد أن أصبحت صواريخ المقاومة تصل إلى كل مكانٍ، دون تنبيهٍ مسبق، أو توقعاتٍ معقولة، فكل "إسرائيل" أصبحت في مرمى نيران صواريخ القسام، بينما فشلت القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ التي أطلقت على مناطق جنوب ووسط وشمال البلاد، بينما كان المواطنون يظنون أنها ستمسك كل الصواريخ، وأنها أحداً منها لن يفلت من المنظومة. وتواصل الصحيفة انتقادها للحكومة الإسرائيلية التي أنفقت مليارات الدولارات على أبحاث القبة الحديدية، وأعمال المراقبة والمتابعة والرصد، وفي النهاية جاء الحصاد ريحاً، وتساقطت الصواريخ كالمطر على كل البلدات، بل إنها خلقت واقعاً مغايراً عما سبق، وأخطر مما كان. تضيف الصحيفة أن نصف البلاد مهدد، وثلاثة ملايين إسرائيلي لا ينامون في بيوتهم، ولا يمارسون حياتهم الطبيعية، بعد أن فقدوا الثقة في تطمينات حكومتهم، وجهود قادة جيشهم، وهم الذين يغطون نفقاته وأبحاثه من جيوبهم، ومن الضرائب التي تجبى منهم لجلب الأمن لهم. هذا ما يقوله الإسرائيليون أنفسهم عن الواقع الجديد الذي خلقته المقاومة، والذي صنعته صواريخها، وما أوردناه ليس إلا نزراً يسيراً مما يقولونه في السر والعلن، وفي الخفاء وأمام العامة، إنهم يألمون ويتوجعون، ويشكون ويتذمرون، "إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً". الخميس 03:00 الموافق 10/7/2014 البنيان المرصوص البنيان المرصوص هو الاسم الذي أطلقته سرايا القدس، الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، على عمليات المقاومة الفلسطينية في مواجهة عملية الجرف الصامد، وهو الاسم الذي أطلقه العدو الإسرائيلي على عملياته العدوانية في قطاع غزة. لعل سرايا القدس قد أطلقت هذا الاسم القرآني تيمناً بقول الله عز وجل "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ"، فالله يمنح نصره للمتعاضدين المتكاتفين، والمتعاونين المتراصين، وللموحدين المتفقين، ولمن اتحدت كلمتهم، واتفقت إرادتهم، وصفت نفوسهم، وسمت أرواحهم، وتعالوا على كل خلافٍ واختلاف، لكن نصر الله بعيدٌ عن المختلفين، وممنوعٌ على المتخاصمين، وصعبٌ على المتنازعين، ولا يكون للفرقاء المتشاكسين، ولا للأخوة المتعارضين المتناكفين. الجرف الصهيوني العدواني على قطاع غزة يؤكد صدقية معركة البنيان المرصوص، ويوجب عليها أن تكون كذلك، إذ لا سبيل لصد العدوان بغيرها، ولا قدرة على مواجهته بدونها، لذا فإن فصائل المقاومة الفلسطينية قد اتفقت جميعها على الهدف، والتقت على وجوب مواجهة العدوان الإسرائيلي، وعدم الالتفات إلى أي خلافاتٍ قد تؤخر المواجهة، أو تمنع الصد، أو تؤثر في الرد، فالشعب الفلسطيني في حاجةٍ إلى جهود الجميع، وقدرات كل القوى والفصائل. تأكيداً على هذه التوجيه والنصح الرباني، فإن الميدان في قطاع غزة مفتوحٌ لكل القوى، وجاهزٌ لاستقبال كل الفصائل، ويستوعب كل الطاقات والقدرات، فهذا يومها الذي يجب أن تتنافس فيه وتتبارى، وأن تعطي وتقدم، وأن تخرج ما عندها، وأن تستخدم أقصى ما لديها، وألا تدخر جهداً في مواجهة العدو وصد عدوانه، ففي مثل هذا اليوم نري الله أعمالنا، ويشهد على صدقنا وإخلاصنا بعد الله شعبُنا وأهلُنا. معاً كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وسرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، وكتائب شهداء الأقصى الجناح المسلح لحركة فتح، وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح المسلح للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكتائب الشهيد أبو الريش التابعة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وألوية الناصر صلاح الدين الجناح المسلح للجان المقاومة الشعبية، وغيرهم من الألوية والقوى والكتائب والمجموعات العسكرية. هذه معركة البنيان المرصوص، والله عز وجل يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، وإننا نقاتل في سبيل الله، ونبغي وجه الله، ونتطلع إلى صد الاعتداء، وكف البغي والعدوان، والدفاع عن شعبنا المظلوم، ورد الأذى عنه، والعمل على استعادة حقوقه، وتحصين حدوده، وإعلاء أسواره، لئلا يعتدي عليه العدو من جديد، وحتى يعلم أن كلفة غارته عالية، وفاتورة اعتداءاته كبيرة. ولنعلم أن العدو الصهيوني ماضٍ في توحشه، ومصرٌ على همجيته، وهو مدعومٌ من حلفائه، ومسكوتٌ عن سياساته، وأنه سيواصل عدوانه، وسيستمر في غاراته، ولن يتوقف عن هجماته، إلا إذا شعر أنه يواجه صخرةً صماء، ويستهدف جبلاً أشماً، وأن كل قوته لا تكفيه لتحقيق النصر، أو كسر الخصم، فلنكن نحن بوحدتنا الصخرة التي تتكسر عليها معاوله، والجبل الذي يصده ويمنعه من شعبنا. أيتها الفصائل والقوى، وأيتها الكتائب والألوية، هذا يومٌ من أيام الله المجيدة، يومٌ سيحفظه التاريخ، وستكتب فيه أعمالكم بمدادٍ من دم، وستبقى صفحات المقاومين سطوراً من ذهب، ناصعةً يخلدها الشعب، وتحفظها الأمة، فلا تخذلوا شعبكم، ولا تخيبوا رجاءه، وكونوا على قدر الآمال المنوطة بكم، والأماني المتعلقة بأعمالكم، وأروا الله خير جهادكم، وعظم مقاومتكم، وكونوا صفاً واحداً في مواجهة العدوان والغطرسة، ونسقوا جهودكم، ووحدوا عملكم، وتبادلوا الخبرات، وقدموا لأنفسكم المساعدات، إذ بوحدتكم نفل حديد العدو، ونعطل دباباته، ونفشل غاراته، ونمزق جمعه، ونشق صفه، ونؤذيه ونؤلمه، ونوجعه ونكسره. الخميس 14:40 الموافق 10/7/2014 بنك الأهداف الإسرائيلية يكاد يكون بنك الأهداف الإسرائيلية خلال عدوانه المسمى "الجرف الصامد" خالياً من أي أهدافٍ عسكرية، إذ على الرغم من التفوق التقني والتكنولوجي الإسرائيلي، الذي يسخره في مراقبة ومتابعة كل شئ داخل قطاع غزة، ويمكنه من رصد المتحرك والساكن، والغريب واللافت، والجديد والمتغير، والمموه والعادي، وذلك من خلال عمليات تصويرٍ دقيقةٍ على مدى الساعة، أو عبر مجساتٍ وتقنيات استشعار عالية الدقة، تجعل من جغرافيا قطاع غزة صفحةً مكشوفةً له. إلا أنه على الرغم من عمليات التصوير والمراقبة التي تنفذها طائرات بدون طيار، ومناطيد كثيرة موجهة ومسلطة على قطاع غزة، إلا أن بنك الأهداف الإسرائيلية يكاد يكون قد أفلس، إذ بعد مضي اليوم الثالث على العدوان الغاشم، ما زالت حصيلة الاعتداءات الإسرائيلية تقتصر على المنازل السكينية، والبيوت الآهلة بالسكان، والمقاهي ومناطق التجمعات المدنية. بلغة الأرقام فقد دمرت الطائرات الإسرائيلية عشرات البيوت، وشردت أهلها وأخرجت سكانها، وخربت آثاتها، وبعثرت محتوياتها، وقتلت عشرات المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، ومن غيرهم ممن لا علاقة لهم بالمقاومة، إذ بلغ عدد الشهداء حتى الآن خمسة وثمانون شهيداً، وناهز عدد الجرحى الخمسمائة وخمسون جريحاً، وجلهم من المدنيين الذين هدمت بيوتهم، ودمرت منازلهم، وأكثرهم ينتمون إلى عائلاتٍ واحدة، نتيجة قصف بيوتهم التي يتحصنون فيها، الأمر الذي رفع عدد شهداء العائلات، مثل كوارع وحمد وشعبان، والحاج والأسطل وغيرهم كثير. يدعي الإسرائيليون أن جيشهم هو واحدٌ من أكثر الجيوش أخلاقيةً في العالم، وأنه يتمتع بمناقبية عالية، وأنه لا يخرق قوانين الحرب، ولا ينتهك قواعد القتال، ولا يعتدي على البيوت الآمنة، ولا يستهدف المدنيين في دورهم، ولا يغدر بهم، وأنه يحترم حرمتهم في حال كونهم غير محاربين، وأنه لا يستخدمهم دروعاً بشرية، ولا متاريس للقتال، ولا يقاتل في أماكن تجمعهم، وأنه لا يستخدم في قتاله ضدهم أسلحةً محرمة، ولا يعتمد وسائل قتالية غير مشروعة، وأنه لا يستخدم القوة المفرطة، وأنه يفرق بين المدنيين والمقاتلين، وأنه يتعمد تنبيه المدنيين وتحذيرهم، ليتجنبوا الخطر في مناطق الأعمال الحربية. الحقيقة هي عكس ذلك تماماً، فجيش الكيان الصهيوني يستهدف المدنيين الآمنين، ويستخدم ضدهم القوة المفرطة ويبالغ فيها، ويستخدم الأسلحة المحرمة والممنوعة دولياً، بل إنه يجرب الأسلحة الجديدة، ويختبر قدراته الحربية في الميدان، ويتعمد اجتياح المناطق المدنية، التي تكتظ بالسكان، وفيهم أطفالٌ وشيوخٌ ونساء، وهو يحاصرهم ويعاقبهم، ويعتدي عليهم ويقتلهم، وإلا كيف يفسر لنا تدمير عشرات البيوت، واسشهاد عشراتٍ من سكانها تحت الأنقاض وبين الركام. الإسرائيليون غضبوا جداً عندما تم اختطاف ثلاثة من مستوطنيهم، وادعوا بأن الفلسطينيين يخطفون ويقتلون أطفالاً، بحجة أن اثنين من المخطوفين كانوا دون الثامنة عشرة، الأمر الذي يعني أنهما ما زالا أطفالاً قاصرين، ونسي الكيان الصهيوني وحكومته أننا نفاوضه منذ سنواتٍ ليقبل بالتعريف العالمي للطفل، بأنه كل من لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره، إلا أن الحكومة الإسرائيلية، وعلى وجه الخصوص منها مصلحة السجون، ترفض هذا التعريف، وتصر على أن الطفل هو كل من لم يتجاوز السادسة عشر من عمره، ولهذا فهي لا تعتبر نفسها تعتقل أطفالاً، أو تحتجز قاصرين فلسطينيين، طالما أنهم تجاوزوا السادسة عشر. يتبجح المسؤولون العسكريون الإسرائيليون بعملياتهم المخزية ضد الشعب الفلسطيني، ويدعون أنهم نالوا من المقاومة، أو قتلوا مقاومين، وأنهم استهدفوا مخازن السلاح، ومنصات الصواريخ، وقواعد الإعداد والتجهيز، وغير ذلك مما يتعلق بالبنى التحتية للمقاومة، ويضللون جمهورهم بأنهم أضعفوا المقاومة، ووجهوا لها ضرباتٍ موجعة، وأنهم أسكتوا صواريخهم، ودمروا منصاتهم، وأن الساعات أو الأيام القادمة ستشهد استسلامهم وهزيمتهم، وستجبرهم على القبول بالشروط الإسرائيلية، والتخلي عن الهوية والبندقية والمقاومة. لكن الحقيقة هي غير ذلك تماماً، فالواقع يكذبهم، والاحصائيات تفضحهم، وسوابق الأحداث تنفي زعمهم، وتفند أقوالهم، وتعري حقيقتهم، وتثبت دوماً أنهم يكذبون ولا يصدقون. الخميس 17:35 الموافق 10/7/2014