كانت تمشي في ليل شديد الحركة والاهتزاز. مختنقة بدخان العربات المتحركة ليلا. لحظة ليست كباقي اللحظات. كانت مختنقة حتى من استنشاق دخان السجائر المنبوذة .كانت مرهقة إلى حد أنها فشلت في أن تنتشل نفسها من الأوهام. نائمة ومغمضة العينين لكنها كانت تمشي متخطية الرقاب تتسلق الجماجم. حاول استردادها إلى وعيها الممزق بين ثنايا الليل المنكسر,لكنها لم تلتفت إليه.فالاهتزازات المتكررة منعتها من سماع صوته. مد يده لانتشالها من عالمها الملوث الغير منتظم .كانت يدا طويلة بعض الشئ, لكنها لم تصل إليها. تمشي مغمضة العينين يناديها افتحي عينك. ابنتي ,ابنتي ربما ترين بصيصا من النور. لم تسمع كلامه وتوسلاته, تستمر في المشي على الجماجم . بقيت على حالتها الأولى فترة من الزمن ثم صاحت,وا أسفاه على ليلتي الحالكة... ظل ممدا يده نحوها ربما يخلصها من كابوسها المزعج الذي زعزع إطراف المكان. نادته يصوت خافت يكاد أن يكون غير مسموع. بابا...بابا ,ساعدني أرجوك لكي أصل إليك, فاني مشلولة. دمعت عينها لشدة الفراق والشوق والحنين كررت الكلمة التي مزقت أحشاءه وجعلته يندفع نحوها بكل ما أتي من قوة وجهد كبيرين. لكنه سقط مغمى عليه, وكانت عيناه مفتوحتان.حاولت ايقاظه, لكنه كان قد فارق الحياة .خاطبته بدمعها الغزير لا ,لا ترحل عني فانا دائمة الانتظار.أغمضت عيناه وودعته في موكب جنائزي إلى مثواه الأخير وعادت لتعيش حرارة الفراق.