فكم تنعم عزيز من أخ عزيز بلحظة أخلت له البال وأيقظت فيه هم الطلب والسعي لنيل الرضوان واتباع العدنان والشوق للحنان المنان. وكم من مبتلى قد تلقفته يد الإخوان وجلبته من يد الشيطان ووضعته على أعتاب الأمان وكان قد احتوشته ردى الأدران وسارت به مع العميان وحطمت منه نوائب الدهر صفاء الجنان وابقت فيه الحيرة والتيهان. وكم من ضائع وسط شرك الهوى قد تلطف به القدر وجعل للإخوان إليه سبيلا فأوقدوا منه لهف القلب إلى المولى، وأحيوا منه موات القلب والنوى. وكم من خاسر أضاع صحبة الخلان واستبدلها بألفة الظالم الخسران، فتاهت به الدنيا وهوى الشيطان، حتى صار صريعا حيران قد انغلق قلبه عن سماع الوعظ والبيان. ألا وإن الإخوان نعمة لمن أحسن الأدب وتلطف، وارخى السمع وتألف، وانقاد بقلبه وتزلف، وعظم حرمة الإخوان وعن أذاهم تعفف. فكن على بابهم واقفا، ولحبهم طالبا راغبا، ولمجالسهم غاشيا راتعا، وعن أحوالهم سائلا، وتزود منهم لغد، وكان لنصحهم بالغ الجهد، وتلطف بمن قصرت همته منهم، وعفا عمن أساء سهوا أو عمدا، وجعل لهم من مجالس دعائه نصيبا.