بقلم سعيد البهالي يلاحظ المتتبع للشأن النضالي والنقابي باسفي ظاهرة أصبحت آخذة في الاتساع وتفرض نفسها بقوة على الساحة النضالية الشبابية ألا وهي مسالة التعدد التنظيمي لحركات المعطلين بالمدينة ، حتى أصبح من الصعب على المتتبع التمييز بينها ، فبالإضافة الى الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب فرع اسفي ذات التاريخ النضالي والكفاحي المشهود به محليا ووطنيا ، نجد جمعية المجاز المعطل ، وهما معا تنضويان في إطار تنسيقي يسمى " اللجنة الموحدة للمعطلين باسفي "، وهناك الجبهة الموحدة لجمعيات المعطلين ، وجمعية شباب اسفي المعطل،والجبهة المغربية لخريجي المعاهد المعطلين باسفي ، وجمعية الائتلاف الموحد لأبناء الفوسفاطيين باسفي ، وجمعية إنصاف للمجازين المعطلين باسفي ، وجمعية البديل ،وضحايا فضيحة النجاة ،وتنسيقية المعاقين المعطلين ،وأبناء المقاومين .....وكل جمعية ، بغض النظر عن عدد منخرطيها ،تخوض نضالها بمفردها بمعزل عن باقي مكونات الساحة النضالية المهتمة بملف البطالة ، مما يسهل على الطرف الآخر (السلطة ، الإدارات ...) الاستفراد بها والتلاعب بمطالبها ، هذا في الوقت الذي تتكتل فيه الباطرونا ويتحد فيه المستغلون لتحقيق المزيد من الامتيازات على حساب المقهورين والكادحين (مدونة الشغل ، مشروع قانون الإضراب ،الامتيازات الضريبية ، الاستثناءات في مجال التعمير...) ، وإذا كان التعدد التنظيمي في المجال النقابي أو في الحقل السياسي مقبول نسبيا نظرا لتعدد الأولويات والرؤى والأفكار والأهداف والمنطلقات والغايات ، أو نظرا للإخفاقات المتوالية والمصالح الشخصية والبيروقراطية التنظيمية وغياب الرأي الآخر ....فان هذا التعدد في مجال النضال ضد البطالة غير مفهوم وغير محبذ لأسباب عدة منها : أن هذه الجمعيات تناضل من أجل هدف واحد وهو الشغل ، أي الخروج من حالة البطالة التي تتحمل الدولة وحدها المسؤولية عنها بفعل سياساتها الفاشلة في مجالات التعليم والتكوين والاستثمار والتشغيل ، ووحدة الهدف "التشغيل " عند جمعيات المعطلين تقتضي في نظرنا المتواضع توحيد الجهود وتجميع الطاقات ، فعدالة قضية ما لا تعني أبدا سرعة الوصول إليها ، لذا فخلق ميزان قوى يميل لصالح حركة المعطلين ،وتوحيد النضالات ميدانيا وتوجيهها الوجهة الصحيحة واختيار توقيتها هو الكفيل بتحقيق المطالب ،و إن الاختلاف في الرؤى أو التوجهات لا ينبغي إسقاطه على حركة المعطلين وأهدافها النبيلة . لقد علمنا التاريخ وسنن الكون الصارمة أن التشرذم والفرقة وعدم التنسيق هو الحلقة الأضعف في النضال الجماهيري ،وحركة المعطلين ،باعتبارها حركة شبابية مثقفة وواعية ، ينبغي لها أن تبقى موحدة لأسباب منها ما يرجع لطبيعة الحركة ذاتها (حركة عاطلين عن العمل يناضلون من خارج دائرة الإنتاج ولا يؤثرون فيه)،أو لطبيعة مطلبها المحدود في الشغل أولا وأخيرا ، ومنها ما يرجع للظروف الذاتية (قلة عدد المنخرطين وعدم تمثيلية كل المعطلين ...) أو لطبيعة الجو العام الذي يتم النضال فيه ( تراجع عدد مناصب الشغل محليا ووطنيا ، ورفع الدولة يدها نهائيا من الملف الاجتماعي ...) ، فالمعطلون كمناضلين ،ولست بصدد النصح لأحد ،ليس في مصلحتهم أي تشتت تنظيمي تحت أي مبرر كان ، ومرة أخرى يعلمنا التاريخ أن القوة في الوحدة ،والحتف في الفرقة . إن المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى ، والزمن زمن حراك اجتماعي ومجتمعي ،البحث عن حلفاء وشركاء يتقاسمون نفس الهموم ويحملون نفس التطلعات (طلبة ،نقابات ،حقوقيين ...) من اجل خلق جبهة ولا تهم الأسماء تكون حركة المعطلين نواتها الصلبة ، من اجل النضال ضد البطالة والتهميش و الحكرة والتفقير و الهشاشة .... ومن اجل فضح الخطابات الزائفة حول احتضان الشباب، والمستقبل للشباب ،والحق في الشغل ،والحوار الاجتماعي ،وسياسة القرب ،والتنمية المندمجة ومقاربة النوع الاجتماعي . !!! فالبطالة تنخر كل أسرة ، وتمس كل بيت ، وطالب اليوم هو معطل الغد ، وعامل اليوم قد يكون بدون عمل غدا ،وأجد نفسي مضطرا للاستشهاد ببعض التجارب الناجحة من ماضي حركة المعطلين باسفي التي من شأن إعادة إحيائها أن تعيد الحيوية للنضال الميداني للمعطلين وتخرج نضالهم من روتينيته ، وهنا اذكر الانفتاح على الأحزاب السياسية (المقرات والبيانات ...)والنقابات العمالية (الدعم والمساندة)والجمعيات الحقوقية (المؤازرة ) ،والحركة الطلابية (التضامن الميداني ) والشبيبة المدرسية ... وهيكلة حلقة العائلات وإشراكها في النضال الميداني لإعطائه زخما أكثر، وتوجيه النضال لأطراف أخرى ما تزال لحد الآن في منأى عن نضال المعطلين . حركة المعطلين باسفي اليوم ،وقد سقطت في فخ التعدد المؤدي لا محالة الى التشرذم ، مطالبة ونحن لا نحملها أكثر مما تطيق أن تنبذ فرقتها ، وتوحد صفوفها ،وتفك عزلتها ، وتنسق جهودها على أرضية ملف مطلبي موحد ،وان تفكر في أشكال نضالية وتعابير احتجاجية جديدة ، تعيد للنضال حيويته ، وللمعطل كرامته ، فالشغل حق دستوري والنضال من أجله مشروع لكن الوصول إليه لا يكون بالفرقة والتشرذم .