آسفي اليوم:عبدالرحيم اكريطي صفق الحضور الكثيف الذي تابع أشغال المناظرة الوطنية حول إصلاح منظومة العدالة التي نظمتها مؤخرا جمعيات هيئات المحامين بالمغرب وهيئة المحامين بآسفي تحت شعار"إصلاح منظومة العدالة رهين بإرادة سياسية حقيقية"والتي ترأس جلستها الافتتاحية المصطفى الرميد وزير العدل والحريات والتي امتدت ليومين اثنين بحرارة ولمدة طويلة على الكلمة التي ألقاها الأستاذ عبدالرحمان علي الكيس عميد نقابة المحامين بدولة ليبيا الشقيقة عندما تطرق إلى المعاناة التي عاشها قطاع العدل بليبيا إبان فترة حكم الطاغية امعمر القذافي الذي تولى الحكم سنة 1969والذي اتخذ قرارا يقضي بحل نقابة المحامين في ليبيا،مبرزا على أن نظامه هو السبب في العزلة التي ظلت بين المغاربة وإخوانهم الليبيين الذين عاشوا طيلة فترة حكم القذافي أياما سوداء من خلال الاغتيالات والمحاكمات داخل الدولة التي كانت تعيش الانغلاق بسبب الافكار المسمومة للقذافي،مبرزا على أن الثوار الليبيون تمكنوا في آخر المطاف من الإطاحة بالقذافي وبالضبط يوم 7 فبراير لتعود ليبيا إلى أحضان إخوانها العرب،مقدما تحياته لكل من قام بإنجاح النضالات وبالضبط في منظومة العدالة والأمن القومي في العديد من الدول العربية. أسماء وزانة ومعروفة في ميدان القضاء والعدالة حضرت هاته المناظرة ويتعلق الأمر بالأساتذة إدريس شاطر ممثلا للاتحاد الدولي للمحامين،وعمر زين الأمين العام لاتحاد المحامين العرب،وإبراهيم زعيم النائب الأول لرئيس محكمة النقض،وأحمد سالم ولد بوحبيني رئيس المؤتمر الدولي لهيئات المحامين ونقيب الهيئة الوطنية للمحامين الموريتانيين،وكريستيان لوروا النائب الأول للمجلس الوطني لهيئات المحامين بفرنسا،وعبدالرحمان علي الكيس عميد نقابة المحامين بليبيا،وممثل الهيئة الوطنية للمحامين بتونس،وجون شارل كريبس النائب الأول لرئيس الاتحاد الوطني لصناديق الكاربا بفرنسا،وجون فرنسوا بلوندان مدير صندوق الكاربا لهيئة المحامين بباريس،ودون كريستوف بارجون الكاتب العام لصندوق الكاربا لهيئة المحامين بباريس،والمصطفى اليرتاوي وكيل الملك بابتدائية آسفي وحسن وهبي رئيس جمعية هيئة المحامين بالمغرب،والمصطفى الشوكي نقيب هيئة المحامين بآسفي. المصطفى الرميد وزير العدل والحريات الذي وقف الحضور دقيقة صمت ترحما على روح شقيقته التي وافتها المنية الأسبوع الماضي أكد في كلمته بالمناسبة على أن المناظرة تنعقد في خضم ما تعرفه البلاد من مجهودات الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة،مستحضرا الدور التاريخي والطلائعي لجمعية المحامين بالمغرب وحضورها الدائم والإيجابي والفعال في مجال إصلاح منظومة العدالة ودورها في الدفاع عن استقلال القضاء وعن حقوق الدفاع وصون حقوق الإنسان،منوها بالتعاون البناء بين جمعية المحامين بالمغرب ووزارة العدل والحريات،مشيرا إلى أن هناك إرادة سياسية قوية وحقيقية لإصلاح منظومة العدالة الإصلاح العميق والشامل وهي الإرادة التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك محمد السادس على اعتبار العناية الخاصة التي ما فتئ يوليها لمجال العدالة والعاملين بها والتي يتمركز ورشها في صدارة الأوراش الإصلاحية الاستراتيجية الكبرى للمملكة، وأضاف الرميد أن البرنامج الحكومي جعل من بين أولوياته الإصلاح العميق والشامل لإصلاح القضاء تعزيزا لمكانة هذا الأخير في الدستور الجديد للمملكة والذي ارتقى بالقضاء إلى سلطة قضائية مستقلة،واعتمادا على الإرادة القوية للإصلاح ووفقا للمنهجية التشاركية،متطرقا إلى مبادرة الحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة برعاية ملكية سامية حيث نصب الملك الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح العدالة والتي مثلت بها هيئة المحامين برئيس جمعيتها الوطنية من أجل إعداد الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة والذي سيمثل الإطار المرجعي،مضيفا على أن هذا الحوار يهدف إلى ترسيخ رؤية مجتمعية شاملة بإشراك كل الفعاليات لإيجاد الحلول الكفيلة لتلبية تطلعات المواطنين وحاجياتهم في ميدان العدل والحريات،معلنا بصريح العبارة عن منع أي تدخل في سلطة القضاء وكذا منع أي تأثير على سلطة القاضي الذي يبقى مستقلا في اتخاذ قراراته وإصدار أحكامه،وأن القانون سيعاقب كل من حاول التأثير على القاضي كيفما كان نوع هذا التأثير وجهته لأن الدستور أوجب على القاضي كلما وجد نفسه مهددا أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية،وأن العمل من أجل إحياء وتطوير وتعزيز استقلال السلطة القضائية يعني حسب وزير العدل والحريات وضع حد لكل أشكال التدخل في السلطة القضائية وإحداث قطيعة مع كل الممارسات التي تمس هذا الاستقلال الذي أسس لفائدة المتقاضي الذي هو في حاجة إلى الثقة الكاملة في قاضيه،ملتزما بشكل علني امام الحضور بعدم تدخل وزير العدل والحريات في القضاء بأي وجه من الوجوه وإرادته الراسخة في عدم السماح لأي أحد بالتدخل في القضايا المعروضة على القضاء،متطرقا إلى الإرادة الحكومية المتعلقة بالنهوض بالأوضاع المادية للقضاة بالرغم من الظرفية الاقتصادية الصعبة للبلاد من أجل تحمل الأعباء الجسيمة للقضاة وأداء رسالتهم السامية بما يسهم في التحصين الواجب، وبخصوص الدور الحيوي لمهنة المحاماة فقد عبر وزير العدل والحريات عن أسفه للأضرار الفادحة التي كبدتها الإضرابات المتوالية والتي أثرت سلبا ليس فقط على المتقاضي ولكن أيضا على مهنة المحاماة،ولم تفت الفرصة الرميد دون التطرق إلى احتجاجات كتاب الضبط مبرزا في شأنهم على أن هؤلاء حققوا امتيازات ومكاسب هامة خلال سنة 2011وهو ما يتطلب من كتابة الضبط الالتزام بالواجب،مؤكدا أمام الجميع أن وزارة العدل والحريات متمسكة بالحوار مع مختلف التمثيليات النقابية العاملة بالقطاع لحل كل المشاكل وأنها عازمة على الاستمرار في تنفيذ قرار الاقتطاع تبعا لقاعدة الأجر مقابل العمل المعمول بها في كافة الدول الديمقراطية. الأستاذ حسن وهبي رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب نوه بالروابط التي تربط بين الجمعية ووزارة العدل والحريات،ومما زاد من أهمية هذه الروابط تقلد الوزارة إلى جانب مهامها التقليدية مسؤولية الحرية التي هي من صميم عمل المحامين وفي مقدمة اهتمامهم،تلك الروابط التي امتدت على مدى عقود من الزمن في جو تطبعه الشفافية والتجرد والوضوح والإستقلالية،مؤكدا أنه ولو اختلفت الرؤى فيما بينهم،لطالما توحدت الجهود المشتركة لمواجهة القضايا الطارئة،وفي نهاية المطاف كان يتحكم الجميع لما يفرضه الواجب،وتدعو إليه المصلحة العليا للوطن،متطرقا إلى الاجتماع المنعقد في ضيافة هيئة المحامين لدى محكمتي الإستئناف باكادير والعيون بتاريخ 16 يونيو2012،مبرزا على أنه وبعدما استعرض مكتب الجمعية سير أشغال الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة الذي أطلقته وزارة العدل،وبعد تقييمه لأشغال أول ندوة للهيئة الوطنية للحوار التي انعقدت بمدينة الرباط يومي 11و12/06/2012،كان تقييم المكتب تقييما سلبيا في مجمله،انتهى فيه إلى اتخاد قرار بالإنسحاب من الهيئة الوطنية للحوار بعد أن سجل في ذلك المآخذ التالية المتعلقة في كون موضوع إصلاح منظومة العدالة كان دائما في صلب اهتمامات الجمعية منذ خمسة عقود من تاريخ تأسيسها،وأنه بالرغم من اتفاقية الشراكة التي تربط بين الجمعية ووزارة العدل فإن الإعلان عن مبادرة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة تم دون إشتراك الجمعية في أي إعداد أو تشاور مسبق حول هذه المبادرة،وبمشاركة باقي مكونات السلطة القضائية،تعزيزا للانتماء وتحفيزا للمشاركة وتوضيحا للرؤية نحو الأهداف المرجوة،وأن تشكيلة الهيئة العليا إلى جانب إغراقها بالعديد من المؤسسات الرسمية للدولة لم تراع فيها أية مقاييس موضوعية موحدة،ما يمكن معه الجزم بأن العديد من التعيينات إنما تمت بناء على مقاييس ذاتية بالنسبة لبعض أعضائها،وبقصد إرضاء البعض الآخر،وبمبررات غير مقنعة على الإطلاق بالنسبة للبعض الآخر،كما أن حضور مكونات السلطة القضائية وهيئة الدفاع وممثلي المهن القضائية فيها كان باهتا،وأن جل المحاور المطروحة للنقاش أمام هيئة الحوار الوطني لا تلامس الموضوعات الكبرى للسلطة القضائية من قبيل ما يتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة إسهاما في تتزيل المقتضيات الدستورية بشأن السلطة القضائية،ليقرر مكتب الجمعية حسب رئيسه الأستاذ حسن وهبي انسحاب الجمعية من هيئة الحوار الوطني،كما أوصى جميع هيئات المحامين بالمغرب بمقاطعة أشغال هذه الهيئة وعقد مناظرة وطنية حول إصلاح منظومة العدالة من أجل بلورة موقف الجمعية من عملية الإصلاح المنشود،مضيفا على أنه إذا كانت الجمعية قد قررت تعليق قرارها بالانسحاب من هيئة الحوار الوطني بعد استجابة وزير العدل لأغلبية المطالب خاصة المتعلق منها بتمثيلية هيئات المحامين وبطريقة اشتغال هيئة الحوار الوطني في ندوتها الجهوية فإن مكتبها قد واصل إعداداته لعقد هذه المناظرة تنفيذا لمقرره،موضحا أنه تنفيذا لذلك تنعقد اليوم هذه المناظرة الهامة والتي يشارك فيها أعضاء مجلس الجمعية الذي يشكل أعلى هيئة تقريرية في أجهزتها المقررة بعد رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب الأستاذ مصطفى الشوكي نقيب هيئة المحامين بآسفي أكد في كلمته على أن المناظرة الوطنية لجمعية هيئة المحامين بالمغرب تنعقد في ظرفية خاصة يجتازها العالم العربي وما عرفه من حراك،آملا أن تتخذ المناظرة توصيات تستحضر فيها خطورة الوضع الذي وصل إليه جهاز العدالة بكل مكوناته وذلك على مستوى استقلال السلطة القضائية والكفاءة والنزاهة وارتباط كل ذلك بالأزمة العامة التي تعيشها البلاد، الأمر الذي يقتضي تظافر جهود كل مكونات المجتمع المدني من أجل الخروج من هذه الأزمة العامة بكل تداعياتها وانعكاساتها على سير جهاز العدالة،مضيفا أن المناظرة تعلن مساندتها لكل الجهود كيفما كان مصدرها الرامية إلى استقلال السلطة القضائية ومواجهة الانحراف داخل جهاز العدالة والرفع من مستواها كفاءة ونزاهة واستقلالا،مؤكدا على أن الآمال معلقة على هذه المناظرة وعلى توصياتها كمحطة للحوار الوطني للإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة،ورسم آفاق المستقبل الواعدة،وهو الاتجاه الذي يتعين على الجميع أن يعمل فيه لصنع مغرب الغد بإرادة قوية وبحزم وتبصر،مبرزا أن دولة الحق والقانون لا يمكن أن تتأسس مهما توافرت من شروط إلا عبر سلطة قضائية مستقلة تحظى بمصداقية كاملة وثقة تامة وقادرة على حماية حقوق المواطنين والمؤسسات،وتأمين ممتلكاتهم ومشاريعهم من البطش والسلب والنهب مهما كانت مصادرها،مسجلا الرغبة الأكيدة في إصلاح عميق وشامل لمنظومة العدالة انطلاقا من الخطابات الملكية إلى التصريح الحكومي الواعد إلى مشروع الإصلاح الذي تقدم به وزير العدل والحريات والذي رغم تسجيل جمعية هيئات المحامين بالمغرب لبعض الملاحظات والتحفظات بشأنه وذلك لعدم إشراك الجمعية وباقي مكونات منظومة العدالة في أي مشروع من مشاريع الإصلاح،وأن إعداد جميع هذه المشاريع سواء المتعلقة بالمنهجية أو بمخطط الإصلاح هيمنت عليها وزارة العدل والحريات،الأمر يضيف الشوكي الذي يولد الحيرة وضعف الأمل لدى المحامين أو القطاعات المرتبطة بها،مشددا في ختام كلمته الترحيبية على ضرورة الإجابة على سؤال جوهري واضح:"هل هناك فعلا حوار وطني ؟ هل هناك إرادة سياسية للإصلاح ؟وأيهما أولى ؟ إصلاح القضاء أم إصلاح منظومة العدالة"،على اعتبار أن المرحلة الحالية حاسمة في مسلسل الإصلاح،وأن جمعية هيئات المحامين بالمغرب كانت لها الجرأة في الجهر بالقول أن هناك فسادا في جميع مكونات العدالة ولا يمس القضاء فقط،ومن تم فأي إصلاح لا بد له من إرادة سياسية حقيقية،ومع ذلك يظل مشروع الحوار الوطني للإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة مشروعا ملما بواقع العدالة،مقترحا الحلول والبدائل في أفق التخليق والتكوين والتأهيل والانفتاح على تجارب الغير والتحديث وتنظيم التواصل بين مكونات العدالة،وأن إصلاح منظومة العدالة كان دائما في صلب اهتمامات الجمعية منذ تأسيسها سنة 1962،وعلى الجميع الإدراك الواعي أن مجرد طرح شعار"إصلاح منظومة العدالة " لا يكفي وأن التضامن والنضال الجاد هو المصدر الحقيقي والعامل الأساسي والمسؤول المباشر عن تغيير المجتمع والتاريخ. هذا وقد توزع المشاركون والمشاركات من المحامين والمحاميات الذين حضروا من مختلف مدن المملكة على ثلاث ورشات توزعت بين ورشة الدفاع وورشة السلطة القضائية وورشة المهن القضائية والتي تمخض عنها إصدار مجموعة من التوصيات همت مراجعة القانون المنظم لمهنة المحاماة بما يعزز حرية المهنة واستقلالها،ورفع كل الاستثناءات المتعلقة باحتكار المهنة،وتعديل صيغة القسم الذي يؤديه المحامي بما يجعله مهنيا،والحد من مجالات تدخل النيابة العامة في شؤون المهنة،وإشراك هيئات المحامين في تشكيل الهيئات التي تبت في الطعون المتعلقة بالشؤون المهنية،وبإعادة النظر في تشكيل مجالس الهيئات بما يراعي مقاربة النوع، وإعادة النظر في شروط الولوج إلى مهنة المحاماة،وإخراج مؤسسة التكوين إلى حيز الوجود،وإعادة النظر في المرسوم المتعلق بالتعويض عن المساعدة القضائية،وسن نظام ضريبي يراعي خصوصية مهنة المحاماة،ودعم أنظمة التكافل الاجتماعي والتقاعد للمحامين،وإعادة النظر في شروط الولوج إلى القضاء،وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان في البرامج التكوينية للقضاة،ومراجعة المنظومة القانونية في الميدان الجنائي بما يضمن المحاكة العادلة،وتسهيل ولوج المواطن إلى القانون والعدالة،وتوسيع اختصاصات ومهام الجمعيات العمومية بالمحاكم،وتوسيع دائرة المشاركة بها بإحداث مؤسسات لتكوين موظفي كتابات الضبط ومنتسبي المهن القانونية، وإحداث شعب بالجامعات لتكوين أصحاب هذه المهن،وربط إصلاح القضاء بإصلاح باقي المهن القانونية،إضافة إلى تحسين الأوضاع المادية لكل المنتسبين لمؤسسات العدالة. الصورة لوكيل الملك وهو يتوسط محامين حضروا من دولة فرنسا.