صفق الحضور الكثيف بحرارة ولمدة طويلة، على الكلمة التي ألقاها عميد نقابة المحامين بليبيا «عبدالرحمان علي الكيس»، عندما تطرق إلى «المعاناة التي عاشها قطاع العدل بليبيا، إبان فترة حكم امعمر القذافي الذي تولى الحكم سنة 1969، والذي اتخذ قرارا يقضي بحل نقابة المحامين في ليبيا». وكان النقيب الليبي تابع أشغال المناظرة الوطنية حول إصلاح منظومة العدالة، التي نظمتها جمعيات هيئات المحامين بالمغرب وهيئة المحامين بآسفي، تحت شعار «إصلاح منظومة العدالة رهين بإرادة سياسية حقيقية»، وترأس جلستها الافتتاحية المصطفى الرميد وزير العدل والحريات، وامتدت ليومين. مبرزا أن نظام القذافي هو السبب في العزلة التي ظلت بين المغاربة وإخوانهم الليبيين الذين عاشوا طيلة فترة حكم القذافي «أياما سوداء من خلال الاغتيالات والمحاكمات داخل الدولة التي كانت تعيش الانغلاق».. أسماء وزانة ومعروفة في ميدان القضاء والعدالة حضرت المناظرة. ويتعلق الأمر بالأساتذة إدريس شاطر ممثلا للاتحاد الدولي للمحامين، وعمر زين الأمين العام لاتحاد المحامين العرب، وإبراهيم زعيم النائب الأول لرئيس محكمة النقض، وأحمد سالم ولد بوحبيني رئيس المؤتمر الدولي لهيئات المحامين ونقيب الهيئة الوطنية للمحامين الموريتانيين،وكريستيان لوروا النائب الأول للمجلس الوطني لهيئات المحامين بفرنسا، وغيرهم. وزير العدل والحريات أكد في كلمته أن المناظرة تنعقد في خضم ما تعرفه البلاد من مجهودات الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة، مستحضرا الدور التاريخي والطلائعي لجمعية المحامين بالمغرب وحضورها الدائم والإيجابي والفعال في مجال إصلاح منظومة العدالة ودورها في الدفاع عن استقلال القضاء وعن حقوق الدفاع وصون حقوق الإنسان. وأضاف الرميد أن البرنامج الحكومي جعل من بين أولوياته الإصلاح العميق والشامل لإصلاح القضاء، واعتمادا على الإرادة القوية للإصلاح ووفقا للمنهجية التشاركية، متطرقا إلى مبادرة الحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، من أجل إعداد الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة الذي سيمثل الإطار المرجعي، مضيفا على أن هذا الحوار يهدف إلى ترسيخ رؤية مجتمعية شاملة بإشراك كل الفعاليات لإيجاد الحلول الكفيلة لتلبية تطلعات المواطنين وحاجياتهم في ميدان العدل والحريات، معلنا بصريح العبارة عن منع أي تدخل في سلطة القضاء وكذا منع أي تأثير على سلطة القاضي الذي يبقى مستقلا في اتخاذ قراراته وإصدار أحكامه. وأن القانون سيعاقب كل من حاول التأثير على القاضي كيفما كان نوع هذا التأثير وجهته لأن الدستور أوجب على القاضي كلما وجد نفسه مهددا أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية. حسن وهبي رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب نوه بالروابط التي تربط بين الجمعية ووزارة العدل والحريات، مؤكدا أنه ولو اختلفت الرؤى فيما بينهم، لطالما توحدت الجهود المشتركة لمواجهة القضايا الطارئة. وبعد تقييمه لأشغال أول ندوة للهيئة الوطنية للحوار التي انعقدت بمدينة الرباط يومي 11و12/06/2012، كان تقييم المكتب تقييما سلبيا في مجمله، انتهى فيه إلى اتخاذ قرار بالإنسحاب من الهيئة الوطنية للحوار بعد أن سجل في ذلك المآخذ التالية المتعلقة في كون موضوع إصلاح منظومة العدالة كان دائما في صلب اهتمامات الجمعية منذ خمسة عقود من تاريخ تأسيسها، وأنه بالرغم من اتفاقية الشراكة التي تربط بين الجمعية ووزارة العدل فإن الإعلان عن مبادرة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة تم دون إشتراك الجمعية في أي إعداد أو تشاور مسبق حول هذه المبادرة. مصطفى الشوكي نقيب هيئة المحامين بآسفي أكد أن المناظرة الوطنية لجمعية هيئة المحامين بالمغرب تنعقد في ظرفية خاصة، آملا أن تتخذ المناظرة توصيات تستحضر فيها خطورة الوضع الذي وصل إليه جهاز العدالة بكل مكوناته وذلك على مستوى استقلال السلطة القضائية والكفاءة والنزاهة وارتباط كل ذلك بالأزمة العامة التي تعيشها البلاد، الأمر الذي يقتضي تظافر جهود كل مكونات المجتمع المدني من أجل الخروج من هذه الأزمة العامة بكل تداعياتها وانعكاساتها على سير جهاز العدالة. وأنهت جمعيات هيئات المحامين بالمغرب مناظرتها الوطنية بإصدار مجموعة من التوصيات والمطالب دعت مكتبها إلى العمل من أجل تحقيقها بكل الوسائل المتاحة. وتمثلت هذه التوصيات في مراجعة القانون المنظم لمهنة المحاماة بما يعزز حرية المهنة واستقلالها، ورفع كل الاستثناءات المتعلقة باحتكار المهنة، وتعديل صيغة القسم الذي يؤديه المحامي بما يجعله مهنيا،والحد من مجالات تدخل النيابة العامة في شؤون المهنة،وإشراك هيئات المحامين في تشكيل الهيئات التي تبت في الطعون المتعلقة بالشؤون المهنية. كما طالبت جمعيات هيئات المحامين بالمغرب بإعادة النظر في تشكيل مجالس الهيئات بما يراعي مقاربة النوع، وإعادة النظر في شروط الولوج إلى مهنة المحاماة،وإخراج مؤسسة التكوين إلى حيز الوجود،وإعادة النظر في المرسوم المتعلق بالتعويض عن المساعدة القضائية،وسن نظام ضريبي يراعي خصوصية مهنة المحاماة،ودعم أنظمة التكافل الاجتماعي والتقاعد للمحامين، وإعادة النظر في شروط الولوج إلى القضاء. المطالب تضمنت أيضا إشاعة ثقافة حقوق الإنسان في البرامج التكوينية للقضاة،ومراجعة المنظومة القانونية في الميدان الجنائي بما يضمن المحاكة العادلة، وتسهيل ولوج المواطن إلى القانون والعدالة، وتوسيع اختصاصات ومهام الجمعيات العمومية بالمحاكم، وتوسيع دائرة المشاركة بها بإحداث مؤسسات لتكوين موظفي كتابات الضبط ومنتسبي المهن القانونية، وإحداث شعب بالجامعات لتكوين أصحاب هذه المهن، وربط إصلاح القضاء بإصلاح باقي المهن القانونية، إضافة إلى تحسين الأوضاع المادية لكل المنتسبين لمؤسسات العدالة.