توصلنا من الزميل محمد دهنون بورقة تحليلية حول مشكل الرمال ومقالعها ,حيث التوتر مايزال محتدمة ناره هناك ..الموقع ينشرها تنويرا للحقيقة ومساهمة في النقاش .. حقيقة التوتر الحاصل في رمال الصويرية القديمة..هل أصبحت السلطة تخاف من الريع أم هي تحميه ..؟ السلطة القضائية و الدور المفصلي في حماية الاستقرار .. • محمد دهنون الوضوح اختيار .. النظافة و نقاء الذمة مبدأ أخلاقي .. الاستقامة سلوك صعب في زمن الانحراف ..القوة الأخلاقية سلطة رمزية في مواجهة الرداءة و الفساد و المشبوهية . الفساد في الأنظمة التي تكره الديمقراطية يعادي و يدوس القانون .. و عندما يستشري الفساد يكثر الريع .. و الريع لا يؤمن إلا بمصالحه التي تكون غير مشروعة على الدوام .. الفساد و الريع يضع يده على ثروات البلد.. يستفيد .. يسرق .. يتواطأ .. الرشوة هي فلسفته في الحفاظ على ما تحصل له في غياب التوزيع العادل و الديمقراطي للثروة الوطنية . عندما تعتنق الدولة التغيير يرفض الفاسدون انضباط القواعد الديمقراطية .. يبدأ المواطن البسيط المقهور يصدق أن التغيير وقع.. يريد ممارسة بعض أشكال الثقافة الاحتجاجية دفاعا عن مطالبه.. يبدأ هذا المواطن في الامتعاض و الاستنكار جهرة و بالصوت المسموع .. الريع و صنوه الفساد يلبس "السموكينغ" و ربطة العنق و يضع أمامه ميكروفون .. هدفه التضليل حتى لا يسمع صوت المظلوم المضطهد .. و قد يسلك الريع أساليب أخرى من قبيل استدعاء الأقلام المأجورة و تكليفها بتجيير الحقيقة و قلب الوقائع .. و هذا موضوع آخر يرتبط بطبيعة الصحافة و الأقلام ، سيكون لنا معه و عنه حديث في مستقبل الأيام . الريع لا أخلاق و لا كبد له على البلاد و العباد.. الريع يتغلغل في دواليب أجهزة السلطة ، يملأ البطون الجائعة و يشتري بعض المسؤولين ذوي النفوس الضعيفة ، يضمن صمتهم ، يقيد مسؤوليتهم ، لا يهم .. قد يبدأ من أعلى مسؤول و ينتهي عند آخر درجة في سلم المسؤولية .. ما يهمه هو إسكات الأفواه في الدفاع عن مصالحه.. يستعمل أسلوب الرشوة ، لكل مسؤول مظروفه أو "صاكه" حسب درجة المسؤولية و حجم شراهة المسؤول . المسؤول الذي يقبل الرشوة .. انتهى أمره و فقد مصداقيته إلى الأبد سواء كان في السلطة التنفيذية أو السلطة القضائية .. الريع لما يشتري المسؤول ، يحتقره في العمق، لا يقيم له وزنا .. يعرف أن المال هو الذي سيحسم الكفة لصالحه .. تصريف فعل (أكل ، تاكل ، نأكل ..) .. يكون الفيصل بين الفساد و المسؤولية، عندما ينتهي الريع من "تلغيج" المسؤول و الصحافة يخلو له الجو .. و يستأسد . يقتل ، يسرق، يصبح صاحب القرار .. و الأخطر من كل ذلك ، عندما ينتهي هذا الريع إلى اختراق المؤسسات التمثيلية و التحكم في الخريطة الانتخابية.. تكون المنطقة التي أطلق فيها جذوره و أصابعه الأخطبوطية .. "معفية" من الحساب و المراقبة، شبكات المافيا تقوم بالواجب .. إنهم يتحولون إلى دويلة وسط الدولة ... لماذا هذا التقديم ..؟؟ جرني التفكير في هذا الأمر و أنا أقوم بتحقيق صحفي في جماعة المعاشات و مُتاخِمتُها جماعة الثوابت جنوب منتجع الصويرية القديمة .. تحقيق حاول التقصي في أسباب التوترات التي وقعت و ما تزال تلقي بظلالها على الوضع هناك، حيث السكان خرجوا و يخرجون للاحتجاج ضد ما تفعله بهم الشاحنات العملاقة التي تغرف الآلاف المؤلفة من الرمال هناك وسط دواويرهم و قرب أراضيهم الفلاحية، غير مبالية بأي شيء سوى الحمولات و تحصيل الأموال ، و ليذهب البشر إلى الجحيم. على العموم المسألة واضحة، أرباب المقالع يشتغلون ليل نهار دون ضابط و لا احترام لدفتر التحملات، المشكل بَيِّن لا لبس فيه أو عليه ، و لا يستدعي ندوات صحفية تعقدها جمعية أرباب الريع .. للكذب الصراح و تصوير هذا التوتر و كأنه تصفية حسابات سياسية...!!! أجهزة السلطة تعرف أدق التفاصيل و تعرف أصل المشكل و الداء .. يعلم رجالها السريون و العلنيون أن دفتر التحملات لا يحترم و لو اجتمع لذلك الحكماء و ذوو النيات الحسنة .. و منهم السلطة القضائية التي نعتقد أن دورها مركزي في نزع فتيل التوتر و إحلال العدالة و تمكين المظلوم من حقه. سلطات الولاية مقتنعة بالضرر الذي يقع على ساكنة المنطقة ، لكنها تبدو عاجزة في لجم أصحاب الريع ، لأن القضية على ما يظهر غير مرتبطة ب "السداسي" أو "الخماسي" و لا حتى "السباعي" ( راه شاد الواد في سيدي حساين مول الواد ). هي حذرة متوجسة من الأسماء التي تملك الرخص و لها نفوذ هناك ، هناك في المركز ، و هي لا تريد إغضاب الكبار، و بالتالي تلجأ إلى ليَّ عنق الضعيف و الانتصار للمقاربة الأمنية الاستئصالية مرة أخرى .. تخويف شباب المنطقة ، توريطهم في متابعات مازالت معروضة على القضاء للبت فيها و هي بذلك لا تتورط لوحدها، بل "تورط" السلطة القضائية في نزاع أطرافه نافذة و السيد رئيس الجماعة المستشار البرلماني رئيس الجمعية يوجد فقط في الواجهة.. و لمكر الصدف يصارع اليوم شباب و نساء و سكان دائرته الانتخابية التي تمنحه أصواتها و تدعمه و دعمته ليصبح "شخصية" في عالم المال و الرمال و السياسة الرخيصة التي ركبها و عرفها سياسيو سلال المهملات التي على البال . لماذا أتى الحديث عن السلطة القضائية.. و أقول السلطة القضائية التي يفترض أن يكون دورها مفصليا في هذا الملف .. الدستور الجديد يتحدث عن فصل السلط و خص القضاء و رقاه إلى سلطة .. و وظيفته المثلى و العميقة في السياق الدستوري و السياسي الحالي هو حماية الانتقال الديمقراطي و إشاعة العدالة و حماية الحق و القانون.. لنتذكر الخطب الملكية في هذا المجال . سلطة القضاء و شجاعته.. ذات تاريخ يقارب العقدين و سأحكيها للقراء مثل الأحجية، كان هنا في آسفي رئيس للمحكمة الابتدائية .. اسمه الأستاذ عبد القادر الرافعي ، الله يرحمو .. راه في دار الحق و كان مدافعا عن الحق شجاعا لا يخاف و لا يخضع و لا يساوم .. و كان هناك عامل يتصرف في آسفي كما لو كانت ضيعة أبيه .. لا يحترم المؤسسات و لا البشر، كان بقية المسؤولين "يزقزقون" منه .. و لن نتحدث عن المواجهات التي خاضتها معه قوى اليسار و لا الصحافة الوطنية الملتزمة فضحا و نقدا .. هذا أمر آخر .. المهم أنه قام بطرد مواطن من منزله عنوة ، فقط لأن موظفا تابعا لوزارة الداخلية وراء المشكل ، و في زمن التعليمات و القمع تدخل القاضي المذكور و حكم لصالح المواطن ضد العامل و دمغ الحكم بتوقيعه .. و في ذلك ما فيه من رسائل واضحة . و أصر على موقفه القانوني الشجاع .. هذا القاضي الفقيه كان من أشد المدافعين على استقلال القضاء ، لماذا هذا الكلام و ما علاقته بالذي نتحدث عنه اليوم .. الجواب سهل و بسيط .. القضاء اليوم سلطة ، و أعلى سلطة في البلاد بوأته هذه المكانة ، و في ملف الرمال المتحركة في الصويرية وفي غيره من الملفات عليه ان يكون منصفا وعادلا حتى لايكون سلاحا في يد طرف من الاطراف. اعتقال شباب المنطقة و الزج بهم في أتون المتابعات بدعوى عرقلة حرية العمل .. هو قرار يتساءل المهتمون والحقوقيون عن طبيعته .. بسبب الارتباط القائم بشأنه بين ماهو قانوني وماهو سياسي في ظل واقع لايجب أن يجانب السياق العام للبلاد الذي ينبغي أن يستظل بقواعد ومقتضيات الدستور الجديد..التي مازال النقاش بشأنها خاضعا لاشكالية موازين القوى . و غدا .. قد تتطور الأمور هناك و الحل لن يكون هو السجن و الاعتقال .. الحل يكمن في احترام دفتر التحملات، في احترام كرامة البشر ، في احترام الوثيقة الدستورية التي أولت شقا مميزا للحقوق و الحريات .. الناس هناك لا ينامون ، أطفالهم لا يلتحقون بالمدارس ، ماشيتهم تقضي ، فلاحتهم و غلتهم تفسد ، فقط لأن شاحنات الرمال و المقالع لا تلتزم بالتوقيت و لا تحترم المجال البيئي . رسائل لمن يهمه الأمر .. أولا .. السيد عبد الله بنذهيبة والي الجهة و عامل الإقليم مطالب بتفقد "السطاف ديالو" و "الكتيبة" المشتتة على المجال الترابي لإدارته ، فقد يجد روائح تنبعث منها "تلك الرائحة" .. هو الذي جاء الى المدينة متحدثا عن الإصلاح و التطهير و تأهيل الإقليم و الجهة .. لا أحب القول إنه لحد الساعة مجرد "ظاهرة صوتية" بدون مفعول.. أتمنى أن اكون خاطئا في تقديري و أن يكذب السيد الوالي رؤيتنا للأمور و يواجه الريع انسجاما مع شعارات و توجهات السلطة السياسية المركزية و الحكومة المنتخبة . ثانيا.. جل الأحزاب مستقيلة من هذا التوتر الذي تعيشه بادية الساحل الجنوبي.. دوركم فقط الانتخابات و البلديات و الجماعات.. فيقوا شوية من النعاس .. وبدون استثناء . ثالثا .. الأقلام الصحفية أي بعض المراسلين و معهم بعض أصحاب ما يشبه المواقع الإلكترونية .. النكافات ديال السلطة ، الارتزاق و الانتصار للقوي على الضعيف، تزوير الحقائق ، سلوكات لا علاقة لها بالصحافة و أمانة الكتابة و فضح المنكر.. تأكلون الحرام و تقتاتون من الفتات و تقبلون بمجالسة رعاة الريع و الانتهازيين.. نهايتكم في بالوعة التاريخ .. رابعا و أخيرا.. ملف الرمال لم يعالج بالشكل المطلوب ..وكان بالامكان تغليب أسلوب الحوار والمقاربة التشاركية التي تمتح من أصول الديمقراطية وروح الدستور المغربي و حقائقه ستخرج كما هي.. و سترفع إلى البرلمان و إلى من هم قادرين على مواجهة الفساد و الريع .. أما كيف و متى و أين .. ذلك يتوقف على ما ستؤول إليه الأمور في هذا الملف الذي سقط سهوا خارج سياق المرحلة .