الرباط: سعيد الجدياني يقول مربو الكلاب السلوقية في المغرب، وبالتحديد في منطقة أحمر، جنوب مدينة مراكش، إن منطقتهم هي الموطن الأصلي لهذه الفصيلة النادرة من الكلاب، ومنها انتقلت إلى باقي أنحاء المغرب، مع أن هذه الرواية غير مؤكدة؛ إذ يعتقد مربو «السلوقي» أن تاريخ وجود هذا النوع من الكلاب في المنطقة يعود إلى فترة استقرار القبائل العربية التي جاءت مع يعقوب المنصور الموحدي خلال القرن السادس الهجري في هذه المنطقة من المغرب. عن طريق هذا الاندماج، اكتسب سكان منطقة أحمر كثيرا من عاداتهم وتقاليدهم، ومنها الصيد بالكلاب السلوقية، وهي عادة عربية أصيلة. كلاب من فصيلة " السلوقي " معمربيها ومدربيها " الصورة للشرق الأوسط من ناحية ثانية، يشير بعض علماء الحيوان إلى أن أصل الكلب السلوقي يرجع إلى اليمن؛ إذ ذكر ياقوت الحموي في كتابه «معجم البلدان» أن «سلوق مدينة ينسب إليها الكلاب السلوقية»، وأشار ابن الحايك الهمذاني إلى أن «سلوق كانت مدينة عظيمة في أرض اليمن». ويعتقد القرويون بمنطقة أحمر أن جذورهم تعود إلى اليمن، وأن أصل تسمية منطقة أحمر بهذا الاسم يعود إلى اليمن؛ إذ ذكرها أبو القاسم الزياني في كتابه «الترجمانة الكبرى» فقال إن أصل كلمة «أحمر» يعود إلى قبيلة حميَر باليمن، ويرى كذلك أن عرب اليمن دخلوا برقة وطرابلس (ليبيا) بصحبة عمرو بن العاص ومن هناك انتشروا في منطقة المغرب العربي حتى وصلوا إلى المغرب الأقصى، وهنا توزعوا على مناطق سوس (أغادير) ومنها إلى نواحي الحوز وعبدة قرب مراكش. ومن العادات التي تبلورت في المنطقة، ولا تزال تحافظ عليها، خروج مربي الكلاب السلوقية جماعة إلى الصيد يصطحبون معهم ما بين أربعة إلى تسعة كلاب، وسط طقوس خاصة تعود إلى مئات السنين. ومن القصص التي تروى أن أجدادهم شاركوا بكلابهم في عدة مناسبات بجانب سلاطين المغرب سواء في القنص والحرب.ومن ناحية أخرى، يقال إن سبب وجود «السلوقي» في مدن شمال المغرب يعود إلى عهد السلطان مولاي عبد الرحمن بن هشام؛ إذ عندما تولى الحكم جهز جيشا مؤلفا من قبائل دُكالة وعبدة وأحمر، وحارب به زاوية الشراطة، الموجودة قرب زاوية سيدي الزوين، في ضواحي مراكش، وكان على رأسها المهدي بن عباس. وعندما رجع السلطان العلوي إلى مراكش منتصرا قرر إجلاء أهالي سوس عن منطقة أحمر، فساقهم إلى الغرب، حيث توجد حاليا جماعات منهم بناحية فاس ومكناس، ومن جملة ما نقلوه معهم، الكلاب السلوقية.هذا، ونظرا لمكانة «السلوقي» وما يتعرض له هذا الكلب النبيل من تهجين وجحود، وكذلك من أجل حمايته والتنبيه إلى المخاطر التي تهدده بالانقراض، أسست مجموعة من مربي الكلاب السلوقية «الجمعية المغربية لمربي السلوقي بمنطقة أحمر» وأخذوا على عاتقهم الحفاظ على هذه السلالة والنسل الجيد من السلوقي، بتقديم خدمات بيطرية وعلاجية تشمل ضمن ما تشمله توفير اللقاحات والتطعيم ضد مختلف الأمراض، وتنظيم تمارين وتدريبات على فنون الصيد والمطاردة والمراوغة والسباق والوفاء لصاحب الكلب. كذلك تهدف الجمعية إلى تكاثر هذا النوع النادر من الكلاب في منطقة أحمر والتعريف به داخل المغرب وخارجه.وعن مميزات الكلب السلوقي في هذه المنطقة، يقول عبد الكريم منى، رئيس «الجمعية المغربية لمربي السلوقي» في لقاء مع «الشرق الأوسط» إنها «تتمثل في القدرة على تحمل قسوة الطبيعة والتكيف مع جميع الظروف، لذلك يقاوم الحر وله قدرة على التكيف أيضا مع قسوة البرد». وحول صفات «السلوقي» التي تجعله مختلفا عن باقي الكلاب، أوضح منى: «يتميز الكلب السلوقي برشاقة وبذكاء، وبقوام متناسق. وهو ضامر البطن، حاد النظر، عيناه براقتان صافيتان، كما أنه سريع الجري تصل سرعته عند مطاردته الفريسة إلى 85 كيلومترا في الساعة» ومن خصائصه كذلك حسب منى «أنه يكون أسرع في صعود المناطق المرتفعة عند مطاردة الفريسة، في حين تقل سرعته في المناطق المنخفضة، وهو يجري عشرة كيلومترات دون كلل ولا تتناقص سرعته ولا يتعب».وفي هذا السياق، يعتقد سكان قرية أولاد سالم، في منطقة أحمر، أن الكلب السلوقي المغربي الأصيل هو الوحيد الذي يمكنه اصطياد الأرنب البري في المنطقة. وفي هذه القرية بالذات يفتخر السكان ويتباهون بتربية هذا النوع من فصيلة الكلاب السلوقية ويرتبطون بعلاقة وطيدة مع كلابهم، ومن شدة فخرهم بهذه الفصيلة من الكلاب، يرفضون بيعها مهما كانت الظروف، ويقولون إن هذه العلاقة وطدها الأجداد وحافظ عليها الأحفاد.من جانبه، يقول عبد الرحيم بن مودن، وهو أحد مربي كلاب السلوقي وهو من قرية «المهادي»، في حديث ل«الشرق الأوسط» إن تربية «السلوقي» في منطقة أحمر «تختلف عنها في باقي مناطق المغرب؛ إذ إن الجرو عند الرضاعة يقدم إليه حليب الماعز ليتأقلم مع قسوة الطبيعة، وعند خروجه لتدريبات الصيد يتناول لحم رأس الماعز. وكلب السلوقي لا يأكل اللحم النيئ مهما كان جائعا، كما أنه لا يأكل صيده. بل من المأكولات المفضلة لديه أكلة البلبولة (دقيق الشعير مخلوطا بالسمن أو بزيت الزيتون) وهو يتناول وجبة طعام واحدة في اليوم».تبقى الإشارة إلى أن مربي «السلوقي» يطالبون الجهات المغربية المسؤولة بتعديل قانون يعتبرونه جائرا، ومن ذلك إلغاء العقوبة التي تطبق على صاحب «السلوقي» في بعض الحالات؛ إذ يعاقب كل من يمارس الصيد خارج الأوقات المحددة لذلك (شهران في السنة) بغرامة مالية قدرها 15 ألف درهم (ألفا دولار)، مما يشكل عبئا ثقيلا على مربي «السلوقي» المغربي الذي تتناقص أعداده بالمقارنة مع حال الفصيلة نفسها في إسبانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وكذلك المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.