مدينة أسفي في أمس الحاجة لمن يرد لها الاعتبار لأن إفساد تدبير شؤونها تم حسب متتالية هندسية و الإصلاح يباشر موسميا و حسب متتالية عددية. منذ تفعيل الميثاق الجماعي لسنة 1976( 30 شتنبر ) تحت شعار من الوصاية إلى التعايش و الذي تزامن مع الانتخابات الجماعية و التشريعية ( 12 نونبر 1976 – يونيو 1977 ). منذ ذلك التاريخ تعاقب على تدبير شؤون المدينة عدد من المسؤولين و المنتخبين لا يستهان به، خولهم المشرع صفة آمر بالصرف و صلاحيات أخرى تهم كل جوانب الحياة العامة و وضعت رهن إشاراتهم موارد مالية مهمة . و للتذكير فقط فعددهم كالتالي : العمال 8 – الكتاب العامون للعمالة 7 – رؤساء المجلس الحضري 11 – المجموعة الحضرية 1 – قبل أن تسترجع المدينة وحدتها بلغ عدد المستشارين بالمجالس الثلاثة الحضرية 97 زيادة على أعضاء مجلس المجموعة الحضرية . إذن بعد مرور 34 سنة من التدبير و التسيير، على ضوء الميثاق الجماعي كما تم تعديله و تتميمه، أنجزت * أشغال * همت البنيات التحتية بحكم التوسع العمراني الناتج عن تزايد السكان. المجلس الأخير الذي تزامن مع استرجاع المدينة لوحدتها ورث وضعية كارثية : كم هائل من الموظفين يفوق 2000، فائض مالي كاف فقط لتغطية أجور الموظفين لمدة 3 أشهر. المجلس الحالي بدوره ورث مخلفات تدبير غير سليم. على أي تبقى بعض الأمور دون أي تعليق من بينها على سبيل المثال لا الحصر : - استفحال ظاهرة البناء العشوائي – الترخيص لتجزئات يبقى وضعها الحالي خير دليل على التسيب – احتلال الفضاءات العمومية و بغض المناطق الخضراء – استفحال ظاهرة الباعة المتجولين – تكاثر النقط السوداء في مجال السير و الجولان – الاستغلال العشوائي لعدد كبير من الباحات المخصصة لوقوف السيارات من طرف أشخاص يتميزون بقبعات – غياب صيانة بعض الطرق و الأرصفة - ضعف الإنارة في بعض الأحياء – غياب فضاءات الترفيه بالنسبة للأطفال ، فالحديقة الوحيدة المتواجدة قرب قاعة الأفراح مهملة و تجهيزاتها تآكلت و أصبحت تشكل خطرا بالنسبة لمستعمليها ( الأطفال الأبرياء ) – غياب مراحيض عمومية. أكتفي بهذه الإشارات لأن الفضاء لا يسمح بجرد مفصل و مدقق للثغرات التي يعاينها الخاص و العام رغم أن ما خفي أعظم. و حتى بعض وسائل الإعلام البصرية ساهمت نوعا ما في تهميش المدينة مع إعطائها صورة غير حقيقية و بصريح العبارة استهتارية و تهكمية و في هذا الصدد تجدر الإشارة إلى حلقة برنامج أبواب المدينة المخصصة لأسفي فمنظم البرنامج لم يتسلم إلا مفاتيح الأبواب التي لا تتوفر أقفالها على تركيبة و افتتح برنامجه قائلا : مرحبا بكم بمدينة العيطة .... و السردين... و المعد الثاني لبرنامج مشاريع اختتمه قائلا : مدينتكم مدينة أسفي مشهورة بسمعة...و ابتسم و كانت ابتسامته تطبعها السخرية و الحضور الكريم آنذاك من مسؤولين و منتخبين لم يحركوا ساكنا شأنهم شأن أهل الكهف : '(( تحسبهم أيقاظا و هم رقود )) السبات العميق . المبادرة الوطنية للتنمية البشرية = الأمل خمس سنوات بعد حلول القرن الحالي و أمام هول تراكم البدع في مجال تدبير الشأن المحلي جاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من أجل تصحيح الأوضاع على عدة مستويات. هذه العملية تمت بعد تشخيص ميداني مباشر وضعت على أساسه خطط عمل متكاملة و متوازنة مع تسطير أهداف دقيقة و هي محاربة : - الفقر بالوسط القروي على مستوى 360 جماعة قروية ( 28 في المائة من مجموع الجماعات القروية ) و الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري على مستوى 250 حي. وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى المقتطف التالي من الخطاب الملكي السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى الأمة مساء يوم الأربعاء 18/05/2005: .... و سيرا على هذا النهج، وبعد إمعان النظر فيما استخلصته من وقوفي الميداني الموصول على أحوالك، في مختلف جهات المملكة، فقد قررت أن أخاطبك اليوم بشأن قضية تهم المغاربة جميعا في العمق. قضية تساءل كل المؤسسات، والفاعلين السياسيين والنقابيين، والاقتصاديين، والهيئات الجمعوية. بل إنها تشكل الهاجس الملح لكافة الأسر والمواطنين. إن الأمر يتعلق بالمعضلة الاجتماعية، التي نعتبرها بمثابة التحدي الأكبر، لتحقيق مشروعنا المجتمعي التنموي، والتي قررنا، بعون الله وتوفيقه، أن نتصدى لها بإطلاق مبادرة طموحة وخلاقة، باسم "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية". وتندرج هذه المبادرة ضمن رؤية شمولية، تشكل قوام مشروعنا المجتمعي، المرتكز على مبادئ الديمقراطية السياسية، والفعالية الاقتصادية، والتماسك الاجتماعي، والعمل والاجتهاد، وتمكين كل مواطن من الاستثمار الأمثل لمؤهلاته وقدراته..... نصيب أسفي من المبادرة 2005 – 2010ما دمنا نتكلم عن إقليم أسفي عموما و المدينة بوجه الخصوص من البديهي الإشارة إلى نصيبها في إطار هذه العملية الفريدة من نوعها اعتبارا لأهدافها الإنسانية و الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية. فبرنامج محاربة الفقر بالوسط القروي استهدف 160796 نسمة – برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري استهدفت 28783 نسمة – برنامج محاربة الهشاشة استهدف 18443 نسمة، زيادة على البرنامج الأفقي إقليميا و جهويا. ما يمكن استخلاصه من هذه الأرقام المتعلقة بعدد الفقراء و المقصيين و المهمشين و الذين يعانون من الهشاشة أنها تمثل تقريبا 24 في المائة من ساكنة الإقليم بطبيعة الحال قبل التقسيم الجديد عقب إحداث إقليماليوسفية. هذه البرامج استهدفت في المرحلة الأولى 9 جماعات قروية و 8 أحياء بالوسط الحضري،- برنامج محاربة الفقر بالوسط القروي استهدف 160796 نسمة – برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري استهدفت 28783 نسمة – برنامج محاربة الهشاشة استهدف 18443 نسمة، زيادة على البرنامج الأفقي إقليميا و جهويا. الغلاف المالي المخصص لهذه البرامج في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم أسفي يناهز 160.557.970 درهم كاستثمار ترجمته 346 مشروع موزعة كالتالي : 1/ سنة 2005 برنامجا استعجاليا يضم 9 مشاريع رصد إليه مبلغ 19.050.000 درهم موزعة كالتالي : محاربة الإقصاء في الوسط الحضري و محاربة الهشاشة. 2/ سنة 2006 مبلغ الاستثمار ناهز 75.477.170 درهم موزعة كالتالي: محاربة الهشاشة بالوسط القروي ( 45 مشروع / 12.485.000 درهم ) استهدفت 9 جماعات قروية – محاربة الإقصاء بالوسط الحضري ( 31 مشروع / 24.268.942 درهم) استهدفت 8 أحياء بالوسط الحضري ( أسفي 6 و اليوسفية 2 ) - البرنامج الأفقي على الصعيد الإقليمي ( 74 مشروع- 21.795.000 درهم ) و البرنامج الأفقي على صعيد الجهة هم 21 مشروع بالنسبة لإقليم أسفي خصص له مبلغ 16.928.678 درهم. 3/ سنة 2007 مبلغ إجمالي 66.030.800 درهم موزعة كالتالي : البرنامج الأفقي 60 مشروع بغلاف مالي يناهز 17.049.800درهم – البرنامج القروي 48 مشروع بغلاف مالي 16.606.000 درهم – البرنامج الحضري 25 مشروع بغلاف مالي يناهز 17.000.000 درهم – برنامج محاربة الهشاشة 33 مشروع بغلاف مالي يناهز 15.375.000 درهم. هذا الكم الهائل من المشاريع المتنوعة بطبيعتها و أهدافها و حجمها ما هو إلا مثال حي لما يمكن اعتباره حقيقة عملا جديا يترجم بالفعل نية التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية. هذه المشاريع و التي حصر عددها في 346 كلفت فقط مبلغا ماليا إجماليا يناهز 160.557.970 درهم تمت برمجتها على امتداد 31 شهرا. إلى حدود سنة 2009 بلغ حجم الاستثمارات في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية 27 مليار سنتيم ساهمت فيها هذه العملية بنسبة تقارب 89 في المائة من أجل تحقيق 574 مشروع متنوعة المجال و الأهداف في الزمان و المكان. و برسم سنة 2010 سيبلغ الاستثمار في نفس الإطار مليار و 755 مليون سنتيم تساهم فيه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بنسبة تقريبا 72 في المائة من أجل تحقيق 72 مشروعا. الخلاصة هو أنه في ظرف خمس ( 5) سنوات أي 60 شهرا كانت الحصيلة إيجابية و هذه المدة الزمنية تمثل فقط 15 في المائة من عمر قانون الميثاق الجماعي و هو 34 سنة ( 408 شهر ) و الذي من خلاله خول المشرع ل 1547 رئيس جماعة حضرية و قروية صلاحيات واسعة في المجالات التالية مصنفا إياها كاختصاصات ذاتية : - التنمية الاقتصادية والاجتماعية - التعمير وإعداد التراب - المرافق والتجهيزات العمومية المحلية - الوقاية الصحية والنظافة والبيئة - التجهيزات والأعمال الاجتماعية والثقافية - التعاون والشراكة – و خوله كذلك اختصاصات قابلة للنقل و أخيرا اختصاصات استشارية. (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) رغم عدة إشارات قوية بدءا بالمفهوم الجديد للسلطة و المواطنة و الوطنية الصادقتين و الحث على دعم لأخلاقيات بالمرفق العمومي و اعتماد الحكامة الجيدة و العقلنة في تدبير المال العام و التي تزامنت مع الاحتفال بمناسبات تاريخية ما زالت بعض العينات من المسئولين تتمادى في سلوكات لا يمكن وصفها إلا بالمؤامرة ضد النوايا الإصلاحية. و آخر حالة تدل على تمادي هذه العينات في تخريب البلاد هو ما خلص إليه التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات. فعندما تخوض في الحديث مع أصدقاء بعد الاطلاع على خبر نشر في صحيفة ما يتعلق بحالة فساد من الصنف المشار إليه بطبيعة الحال ترجع بك الذاكرة إلى البيت الشعري التالي : ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا – و يأتيك بالأخبار من لم تزود. بالفعل تسمع ما يندى له الجبين في شان هذا و ذاك من المسئولين و من يدور في فلكهم.إن القيم الأخلاقية و الإنسانية تحتاج إلى من يرد لها احترامها و اعتبارها حتى لا نستمر في رؤية الأقزام يتحولون بين عشية و ضحاها إلى عمالقة رغم أن هاماتهم لا تعلو إلاَ وسط مجامع بشرية مرغمة على السجود و الانبطاح. في هذا الصدد يعتبر إسناد مهام إلى من لا يستحقها فسادا مزدوجا فيه تضييع للمصلحة العامة و عرقلة للسير العادي للمرفق الذي ابتلي بهذه الكارثة و فيه استهانة بالأكفاء. غريب استمرار تواجد بعض العينات من المسئولين بمختلف قطاعات الدولة تتعامل بطرق تخلو من الأخلاقيات. مع حسن الحظ هذا الصنف المخضرم مهدد بالإحالة على التقاعد و هذا شيء طبيعي و ما هو غير طبيعي هو التفرج على منجزاته في مجال خرق حقوق الإنسان و الاغتناء الفاحش على حساب المال العام و لا من حسيب و لا من رقيب. مافيا منظمة و مدعمة و تنهج جميع الأساليب من أجل الاغتناء إلى درجة النفخ في تكلفة المشاريع بمبالغ دينصورية و هشاشتها واضحة. و ما هذه الوضعية إلا صورة حقيقية للفساد الإداري و المالي و ما زاد الطين بله هو إبرامه لاتفاقيات مع أم الكوارث ألا و هي كارثة الفساد السياسي مما انعكس سلبا على الشأن الانتخابي وطنيا و محليا و تمثل في النسبة المرتفعة للعزوف و كذلك الاختلالات التي شهدتها العمليات الانتخابية في عدة محطات. و رجوعا إلى العينات موضوع المقال (بعض الأقزام علت هامتهم بأسفي رغم شرودهم البين ) و حتى يضمن هذا الصنف الخبيث استمرارية فلسفته و العمل بطقوسه المتنافية أساسا مع المفهوم الجديد للسلطة و ثقافة سمو القانون يقوم باستقطاب بعض مرؤوسيه أو زبانيته الذين أصبحوا يتفننون في التقاط اللحظات من أجل تحقير المواطن. أكيد أن خدمة المصلحة العامة عبر التعامل الشفاف واجب تدعمه التربية و الثقافة الحقوقية و الوطنية الصادقة و التشبث بالقانون. على أي ما زال الصراع قائما بين المواطن النظيف و هذه العينة الخبيثة و الخسيسة التي ترعرعت في أحضان الجلادين و سلالتهم. عندما يعاين العام و الخاص في واضحة النهار شرود أجهزة تبدأ التساؤلات حول هذه الحالة المرضية: هل هذا التعامل السلبي مقصود ؟ - هل هناك جهات تعمل في الخفاء من أجل نشر اليأس ؟ - لماذا ترجيح الكفة لصالح ثقافة المناورات و فبركة الدسائس ؟ - لماذا تتوجه بعض الجهات ضد إرادة الدولة في مجال دعم أسس ثقافة حقوق الإنسان ؟ - لماذا الغدر و الباطل و الكذب رسميا بتضخيم النازلات وعبر إخراجات ولت منذ عقود ؟ - لماذا الغلو في الأنانية و العجرفة من طرف عينة من المسئولين فارغين كالبراميل * لا زين لا مجيء بكري * ؟ . كما يقال * عقبة الخير طويلة – و عقبة الشر قصيرة *، و الخير هو العمل البناء بضمير خلاق و روح طاهرة و سلوك تغمره المواطنة الصادقة، أما الشر فأساسه الفساد الخلقي و السوء المدبر و الممنهج. ضرورة دعم الأخلاقيات في المرفق العام دائما مع هذه العينة التي أرخت سدلها بمدينة أسفي فهي لم تكتف فقط بدس كرامة الإنسان بل امتدت أياديها الفاسدة و المفسدة إلى شأن المدينة. و مدينة أسفي كتب عنها المؤرخون و الباحثون و عن أصل كلمة أسفي قيل هي مجرى الماء والماء مصدر الحياة و لغويا كلمة أسفي تعبر عن خيبة الظن و بالفعل خاب ظن الغيورين على المدينة. و قال بعض المؤرخين بأنها استقبلت في القرن السابع عشر ( 682 ) المجاهد العربي الكبير عقبة ابن نافع و استقر بها الشيخ سيدي محمد بن صالح ( 1150-1234 ) و لائحة العظماء طويلة. كما يقال العظماء يغيرون الوظائف إيجابا عكس الضعفاء حسا و معنى و خلقا و سلوكا و ثقافة و فكرا فالوظائف تغيرهم أكثر سلبا و بالتالي ينعكس شرودهم على وضع المدينة و وضعية ساكنتها. و قد أصاب من قال : * كون كان الخوخ يداوي كون داوى راسو من السوسة*. خلاصة القول وجب تفعيل مبادرة وطنية للتنمية الأخلاقية.... الأخلاق تم التعريف بها كما يلي : الأخلاق هي شكل من أشكال الوعي الإنساني يقوم على ضبط وتنظيم سلوك الإنسان في كافة مجالات الحياة الاجتماعية بدون استثناء في المنزل مع الأسرة وفي التعامل مع الناس، في العمل وفي السياسة، في العلم وفي الأمكنة العامة . اليوم و الحمد لله أصبحت الأمور واضحة و الخطاب الإيديولوجي ولى و أصبح متجاوزا بحكم عدة عوامل و على هذا الأساس أصبح المواطن المغربي يميز بين الصالح و الطالح سواء تعلق الأمر بعمل أو بجهات مسؤولة. جولة عبر جميع أطراف المدينة يستخلص منها شرود عدة جهات مسؤولة عابرة و يبقى في خاتمة المطاف المواطن يتخبط وسط حلقة مفرغة و يأتي فريق آخر و تبقى الأمور على حالها. و أخيرا تبقى الأخلاق الوسيلة الوحيدة لدعم كل عمل يستهدف البناء و في هذا الاتجاه يمكن الاستشهاد بمقتطف من الرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك نصره الله إلى المشاركين في الندوة الوطنية حول دعم الأخلاقيات بالمرفق العام. إذ جاء " أن الأخلاق هي أساس من أسس الدولة تقوم بقيامها وتنهار بانهيارها ".