إن الحكامة الرشيدة في تدبير الشأن المحلي بآسفي، تقتضي أول ما تقتضيه إعادة صياغة العقلية المسيرة/المدبرة للمجال الترابي وفق رؤية إستراتيجية شمولية تجعل من تراب الجماعة / كل تراب الجماعة ( شمالا ووسطا وجنوبا) محور عملية تنموية مستديمة، تستهدف إحلال سياسة القرب ( بالمفهوم الخدماتي اليومي وليس الشفوي) وبالتالي فكل تدبير للشأن المحلي في أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية ( أي التنموية عموما ) لا يؤسس لنسق جديد من العلاقات والتدخلات لتذويب الفوارق الترابية للجماعة الحضرية لآسفي ، ويؤسس للقطيعة مع التجارب الجماعية السابقة، التي أهملت كليا المجال الترابي لأحياء جنوبآسفي ( باستثناء تجربة جماعة آسفي الزاوية رغم تحفظنا على بعض أوجه التسيير بها ) لايكون تدبيرا رشيدا أو سديدا، فكيف يعقل مثلا أن مجالا ترابيا بكامله كان يشكل فيما مضى جماعة مستقلة ( آسفي الزاوية سابقا ) على مساحة أكثر من 33 كلم وساكنة تفوق بكثير 120 ألف نسمة بدون مكتب صحي وبدون مصلحة للتزيين، ويتم إلغاء سوقه الأسبوعي المتنفس الاقتصادي المهم للمدينة، لصالح أسواق عشوائية وعربات مجرورة ، ومقابر بدون تسوير وشوارع بدون تشوير وطرقات متآكلة ومحفرة وغياب حدائق ومنتزهات للأطفال، وغياب فضاءات محترمة للرياضة والثقافة، ومسار حافلات للنقل الحضري تسلك طريقا وحيدا منذ عشرات السنين، رغم توسع المجال الترابي والتزايد السكاني، ونقصد بالضبط شارع بوعودة حيث الاكتظاظ عن آخره، فكيف يعقل أن شارعا بمسار واحد في الاتجاهين (ذهاب وإياب) تتجاور فيه حافلات النقل الحضري بحافلات نقل ocp بالعربات المجرورة بكافة أنواعها (كارو، كوتشي، كارويلة...) والعربات المدفوعة يدويا بالطاكسيات بالسيارات بالإضافة إلى الراجلين، في حين أن شارع مقاطعة القليعة يبقى فارغا مع أنه يؤدي إلى نفس الاتجاه (القليعة، كاوكي، أموني)فأين لجنة السير والجولان ومقرراتها؟ ولماذا لا يتم توسيع شارع دار بوعودة وردع احتلال الملك العمومي؟، ولماذا لا يتم استغلال شارع المقاطعة العاشرة (حافلات النقل الحضري) خصوصا وأن الميثاق الجماعي أعطى للمجالس صلاحيات واسعة لتنظيم المجال الطرقي . أيضا من أوجه الهشاشة والاختلالات البنيوية احتلال فاضح للملك العمومي دون حسيب أو رقيب، سوق يومي من أكبر أسواق المدينة سوق كاوكي بدون صنبور مياه وبدون رقابة حيث السرقة والنشل والذبيحة السرية ..خزانة بلدية يتيمة يكتظ فيها 20 موظفا بدون كراسي ولا رفوف ولا كتب جيدة..أليس من العيب في القرن الواحد والعشرين وبعد أكثر من تسعين سنة من العمل الجماعي بالمدينة منذ (1918) وفي زمن اللامركزية والحكامة الجيدة والتنمية المستدامة أن تطالب ساكنة جنوبآسفي بمكتب صحي لتدفن أمواتها في صمت واحترام ، وأن تطالب بتدخل صارم لمهزلة عربات النقل المجرورة التي توجد فقط في أحياء جنوبالمدينة دون غيرها، لقد أكدنا فيما سبق وفي مقالات صحفية سابقة، أن من مرتكزات الحكامة المحلية الرشيدة في تدبير الشأن المحلي لمدينة آسفي محاربة الفوارق البينية بين أحياء المدينة ومجالاتها الترابية عبر صياغة مشروع / مخطط تنموي شمولي يستهدف كافة الأحياء والساكنة، ويقطع مع ثقافة الواجهة وتلميع المركز/ وسط المدينة على حساب باقي أحياء المدينة، وهذه أمور لا تحتاج إلى مكاتب دراسات أو لجان متخصصة تنبه المجلس إلى الاختلالات الموجودة والحاجيات المفقودة بجنوبآسفي، بل فقط تحتاج إلى رؤية شمولية تؤمن بأن التنمية هي مشروع مجتمعي يجب أن يستهدف الساكنة (شمالا ووسطا وجنوبا) ، وأعتقد جازما أن النخبة المسيرة والمدبرة للشأن المحلي بآسفي، تمتلك من الخبرة والغيرة والشفافية الشيء الكثير، وتؤمن بأن نجاعة ونجاح المشروع التنموي للجماعة رهين باستهدافه لأكبر عدد من الساكنة ( أحياء الجنوب تشكل أكبر كثلة ناخبة وأكبر تجمع سكاني..) وتؤمن بأن المشروع التنموي للمدينة هو في نهاية الأمر محصلة لالتزامات ووعود تم تقديمها للساكنة (كل الساكنة) ووجب الوفاء بها.