طرح إمكانية سماح المغرب بالحكم الذاتي شكوكا حول قابلية تعميمها على بعض الجهات التي تعتبر نفسها تستوفي نفس الشروط التاريخية و الثقافية تلكم ..» لكن جواب جلالة الملك كان واضحا في خطاب العرش 2007 الأقاليم العزيزة التي خصصنا لها دون سواها مبادرة للحكم الذاتي كحل توافقي و نهائي للخلاف بشأنها و الكل في نطاق السيادة و الوحدة الوطنية و الترابية.." لكن تطوير المغرب الحديث و موازاة مع الحكم الذاتي يطرح إمكانية العمل بنظام جهوية أكثر تقدما مما هي عليه الآن و في هذا السياق اعتبر الخطاب الملكي ليوم الخميس 6 نونبر 2008 ، بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين للمسيرة الخضراء.ويعتبر هدا الخطاب من الأهمية بمكان و ذلك بالنظر لكونه يشكل إعلانا لمشروع جديد وكبير يهم التدبير الترابي للمملكة و المزج بين الحكم الذاتي و الجهوية المتقدمة، وينطلق هدا المشروع بداية من مراجعة المفهوم الحالي للتدبير الترابي المتسم من جهة بالمركزية المتحجرة أحيانا لسلطة اتخاذ القرار، سمته لامركزية و عدم تمركز غير مكتملين. ومن جهة أخرى تدبير غير ناجع و غير فعال لسلطة تسيير المجال الترابي والذي من أهم سماته: بعد التقسيمات الترابية من المواطن و خصاص التنمية الجهوية المندمجة. مما يطرح من جديد تفعيل الحكامة الترابية الجيدة عبر تقريب أكثر و توزيع أفضل للوحدات المتوسطة ( العمالات و الأقاليم بالأساس) من المواطن.مع ضرورة مراجعة الدور 2 المحوري للعمال و الولاة على أساس معايير جديدة تقوم على النجاعة في المراقبة و التوجيه و التنسيق. -1 التوزيع الجديد للسلطة: إن احتكار السلطة من طرف المركز بالنسبة للدولة و إداراتها لم يكن في أي وقت من الأوقات إلا وسيلة مؤقتة لتدبيرها في انتظار أن تنضج الظروف لعودة توزيع السلطة بشكل ديمقراطي يسمح لكافة الساكنة من اقتسام السلطة بشكل حضاري يراعي وحدة الأمة و الدولة. وفي هذا لابد من الإشارة لارتباط اللامركزية بالاستقلالية و الديمقراطية المحلية و تعد الجهوية بأشكالها و درجاتها واحدة من أهم آليات اللامركزية و الديمقراطية المحلية، كما أن الحكم الذاتي الذي يحمل طابعا خاصا بالنظر لسياق كل دولة، يندرج في هذا الإطار. والملاحظ أن هذه المفاهيم النبيلة تشكل مسلسلا مستمرا يتطلب المراجعة و الإصلاح المؤسساتي الشامل حسب شروط كل دولة. و قد سبق للمغرب أن أخذ بالتجربة الجهوية الوظيفية في 1971 ، ثم أعلن الحسن الثاني رحمه لله في أكتوبر 1984 أمام المجلس الاستشاري الجهوي للمنطقة الوسطى الشمالية بفاس عن منظور متقدم للجهوية يتم على أساسه تمتيعها بمجلس تشريعي و حكومة محلية و اختصاصات واسعة بل شبهها فيما بعد بالولايات في ألمانيا الفيدرالية "اللاندر". و يبدوا أن هذا كان محددا أن يكون نهاية قطار 47 في 02 أبريل / الجهوية بالمغرب و أن التجربة الحالية بموجب قانون 96 1997 هي محطة استراحة فقط. و أن طرح الحكم الذاتي كان بالأساس بخصوص جهة الصحراء المغربية " لذلك قررنا، بعون للهللهللهلله، فتح صفحة جديدة في نهج الإلإلإلإصلالالالاحات المتواصلة الشاملة التي نقودها، بإطلالالالاق مسار جهوية متقدمة ومتدرجة، تشمل كل مناطق المملكة، وفي مقدمتها جهة الصحراء المغربية، مؤكدين عزمنا الراسخ على تمكين كافة ساكنتها وأبنائها من التدبير الديمقراطي لشؤونهم المحلية ضمن مغرب موحد، سواء بإقامة جهوية واسعة وملالالالائمة، وذلك طبقا لإلإلإلإرادتنا الوطنية، أو من خلالالالال الحكم الذاتي المقترح متى تم التوافق السياسي بشأنه واعتماده كحل نهائي، من طرف المنتظم الألألألأممي": - الحكم الذاتي و الجهوية الموسعة - المرتكزات الجديدة: لقد سبق للمغرب أن قدم مشروعا للحكم الذاتي كأساس للتفاوض وذلك قصد إيجاد حل نهائي ومتفاوض بشأنه لقضية الصحراء، وهو ما طرح ديناميكية جديدة باعتراف المجتمع الدولي و مجلس الأمن بل حتى الجمعية العامة للأمم 3 المتحدة. لكن المطروح اليوم هو الاقتناع أكثر بضرورة ترجمته واقعيا . وهو ما يطرح البحث عن إطار نظري و قانوني مناسب للخصوصية المغربية مع مراعاة الضوابط و المرتكزات المتعارف عليها، وهي كما أشار إلى دلك الخطاب الملكي ثلاث: " ... الوحدة والتوازن، والتضامن." و في هذا السياق تعتبر الجهوية المتقدمة مسارا جديدا للديمقراطية المحلية ".. و في سياق تصميمنا على الارتقاء بالحكامة الترابية قررنا فتح ورش إصلاحي أساسي بإقامة جهوية متقدمة نريدها نقلة نوعية في مسار الديمقراطية المحلية و لهذه الغاية سنتولى قريبا تنصيب اللجنة الاستشارية الجهوية منتظرين منها أ تعرض على سامي نظرنا في غضون بضعة أشهر تصورا عاما لنموذج مغربي لجهوية متقدمة." ( خطاب العرش 2009 ). ذلك لأن الأهم حسب جلالة الملك هو نجاح المغرب في رفع تحدي التنمية المحلية و الجهوية.و هو ما يظل رهينا بتوافر النخب المؤهلة. - عدم التمركز - المرتكزات الجديدة: إن أي سياسة ترابية لا يمكن أن تكون مكتملة و حقيقية ما لم تكن مهيأة بشكل يسمح باتخاذ القرارات ذات المدى المحلي بالسرعة و الفعالية المناسبتين و هو ما يتطلب تجاوز العجز غير المبرر للمصالح الخارجية المنتشرة عبر التراب الوطني سواء على مستوى الموارد المالية أو البشرية أو الاختصاصات القانونية أو على مستوى التأطير الإداري للتراب و المواطنين، لكن تعقد و تداخل المجالات و المشاكل يتطلب تنسيقا أكثر بل خلق أقطاب للقرار المتناسب مع كل مشكل و في هذا الإطار يؤكد الخطاب الملكي على: " إعادة تنظيم الإلإلإلإدارة المحلية وجعلها أكثر تناسقا وفعالية وتقوية التأطير عن قرب". من جهة و من جهة أخرى " إعداد ميثاق وطني لعدم التمركز يتوخى إقامة نظام فعال لإلإلإلإدارة لالالالا ممركزة، يشكل قطيعة حقيقية مع المركزية المتحجرة، نظام يعتمد مقاربة ترابية ويقوم على نقل صلالالالاحيات مركزية للمصالح الخارجية وانتظامها في أقطاب تقنية جهوية: -2 التدبير الجديد للسلطة: - الحكامة الترابية: لقد طرح موضوع الحكامة الرشيدة منذ مدة و أثير حوله الكثير من النقاش لكن يبدوا أن سهولة الاتفاق وحول مرتكزاته الأساسية 4 ( المسؤولية و المواطنة و المحاسبة ) لا يوازيه بالضرورة نفس السهولة في تحديد الآليات اللازمة لترجمتها و توضيحها. و هو ما جعل الخطاب الملكي بعود إليه باعتباره الطموح الكبير " فطموحنا الكبير من هذا الورش الواعد هو ترسيخ الحكامة المحلية الجيدة وتعزيز القرب من المواطن وتفعيل التنمية الجهوية المندمجة، الالالالاقتصادية والالالالاجتماعية والثقافية". - التقسيم الترابي الجديد للعمالالالالات و الألألألأقاليم: مند التقسيم الترابي لسنة 1959 و المغرب يعمل على مراجعته كلما اقتضت السياقات دلك سواء بزيادة في العدد أو تعديل في الحدود و إدا كانت العمالات و الأقاليم تنفرد بكونها جماعات محلية (لامركزية) و كذا مقاطعات ترابية لوزارة الداخلية يترأسها العمال فإنها النقاش أصبح يراهن على هذا موقعها الأخير أكثر من الأول كإطار لمجالية السياسة التنموية و الحكامة المحلية إلى جانب الجهات و الولايات. وبالنظر لكون إحداث أي عمالة أو إقليم جديد يولد حركية ترابية في المناطق المعنية به فيلاحظ المطالبة بإحداثها كمطلب يختزل حاجيات و رغبات الساكنات المحلية في التنمية المندمجة وهذا ما أشار إليه جلالة الملك " إحداث عمالالالالات وأقاليم جديدة، على أن تراعي في ذلك مستلزمات الحكامة الترابية الجيدة وخصوصيات وإمكانات بعض المناطق والمتطلبات التنموية لسكانها". - الموقع الجديد للولالالالاة و العمال: لقد سبق لجلالة الملك أن أعلن عن المفهوم الجديد للسلطة( 1999 ) و التدبير اللامتمركز للاستثمار- كمفهوم جديد للسلطة الاقتصادية-( 2002 ). واللذان يندرجان في إطار رعاية المصالح العمومية الإدارية و الاقتصادية للمواطن، ثم بعد ذلك الاجتماعية من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ( 2005 ). غير أن هناك من يرى أن الحكامة المحلية لا تقتضي التركيز كميا على السلطات التي يتمتع بها العمال و الولاة بقدر ما يجدر البحث عن الآليات النوعية التي تجعل منهم بمثابة " مايستروات" تدفع للفعل أكثر مما تحتكر الفعل. و تقوم على الإشراف و التنسيق بناء على ميثاق متوافق بشأنه حول اللاتمركز الإداري يتضمن حسب الخطاب الملكي " الآليات القانونية الملائمة لحكامة ترابية تخول للولاة والعمال الصلاحيات اللازمة للنهوض بمهامهم، ولاسيما ما 5 يتعلق منها بالإشراف على نجاعة ممارسة اختصاصات أجهزة الدولة وتناسق عمل كافة المتدخلين على المستوى الترابي الإقليمي والجهوي". - إن خطاب العرش 2008 شكل نقطة تحول من خلال الاحتفاظ بالدلالة الهامة للحكم الذاتي للصحراء دوليا كحل سياسي توافقي واقعي و نهائي في نطاق السيادة و الوحدة الوطنية و الترابية. وداخليا كذلك بالعناية بالجهوية المتقدمة كشكل حديث للدولة قابل للتطبيق بشكل متدرج لا يحتاج التفاوض بشأنه مع أية أطراف أخرى خارجية لذلك جاء الخطاب الملكي بمناسبة المسيرة الخضراء 2009 لإطلاق ".. مخطط مندمج للجهوية الموسعة قائم على توجهات خمسة أولها الحرص على أن تكون الأقاليم الصحراوية في صدارة الجهوية المتقدمة المنشودة بما يعزز تدبيرها الذاتي لشؤونها المحلية.." ثم توفير كافة الشروط والبنيات اللازمة و الموارد الكافية و التعبئة السياسية و النقابية و الإعلامية اللازمة لإنجاح هذا النموذج و إعطائه مدلولا ملموسا يعزز العدالة الاجتماعية و الإنصاف الاقتصادي و المجالي .وهذه أهداف نبيلة وسامية يتطلب بالموازاة مع إعلانها اعتماد نهج مناسب و قويم يعطيها مضمونها الحقيقي و يقيها من كل زيغ أو انحراف أو تآمر و هو ما يتجلى عبر الخطب الملكية في النهج المتبع. و هكذا يتأكد بأن مسار الجهوية سواء كشكل للتنمية الجهوية المندمجة للبلاد أو لحل النزاع حول الصحراء المغربية في شكل موسع أو متقدم أو في شكل حكم ذاتي خاص بالأقاليم الجنوبية هو موضوع مصيري و قد يشكل مسا خطيرا بأمن الدولة واستقرارها ووحدتها يجعله خارج الصراعات الانتخابية و الخلافات .." السياسية كما جاء في خطاب العرش غداة الانتخابات في 2007 التنافس حول الاختيارات الكبرى للأمة التي هي موضع توافق وطني و عماد التطور العصري... و الملك هو المؤتمن على استمرارها مهما تغيرت الظرفيات..". مما يجعل الملك هو الذي يقود مساراته و يطبعه بموقعه السامي في الدستور أو باعتباره أميرا للمؤمنين و ملتزم بقسم المسيرة. لكن ذلك لا يمنع من توزيع واضح للأدوار بين المؤسسة الملكية و الأحزاب و باقي المؤسسات في تكامل بين الوطني و الدولي بما يخدم التوجه الملكي في هذا الموضوع. 6 وكشكل لإشراك القوى الحية بالبلاد جاء الخطاب الملكي الأخير في الثالث من يناير 2010 بمناسبة تعيين اللجنة الاستشارية للجهوية و تكليفها بإعداد تصور للجهوية المتقدمة مع عدم الانبهار بالتجارب الموجودة في الدول الأخرى حد التقليد دون مراعاة خصوصيات المغرب. و الانطلاق من المرتكزات الأساسية للتصور الجهوي المناسب للمغرب المتمثلة في الوحدة و التضامن و التوازن و اللاتمركز الواسع، غاية ذلك إيجاد جهات قائمة الذات، تتقوى بالديمقراطية التشاركية و الفعالية التنموية الاقتصادية و الانسانية. مع قابليتها للاستمرار.".. ومن هذا المنظور، فإن الجهوية الموسعة المنشودة، ليست مجرد إجراء تقني أو إداري، بل توجها حاسما لتطوير وتحديث هياكل الدولة، والنهوض بالتنمية المندمجة..".كما جاء في الخطاب الملكي.