الرجل على الصورة المرفقة هو الصحفي والمدرس الاستاذ محمد أبو حميد الذي غادرنا إلى دار البقاء يوم 02/02/02 أي ثاني فبراير 2002 ، تاركا بصماته واضحة في مجال البحث في الموروث التراثي الشعبي لمدينة أسفي المغربية وأحوازها . ورغم أنه لم يجمع أبحاثه بين دفتي كتاب ، فإنه يعتبر أول من رسم الخريطة التراثية الموسيقية لمنطقة عبدة رابطا إياها بمرجعيات تاريخية وجغرافية في إطار مشروع علمي انكب على متون القصائد الزجلية المتداولة ، حيث قام بتنقيحها وإعادة تركيب بعضها والتي غمرها النسيان . من خلال هذا المشروع أصبح الأستاذ أبو حميد مرجعا لا يمكن تجاوزه لفهم تراث العيطة ، وإليه يعود الفضل في انتشاله من التهميش وتحقير المجتمع وقدحيته في الوقت الذي كان مجرد الحديث عن الغناء الشعبي أمرا غير مألوف ومغامرة غير محمودة العواقب . بنى الأستاذ أبو حميد مشروعه على ثلاث مراحل : – مرحلة التحسيس بفن العيطة كموروث ثقافي – مرحلة تفكيك القصائد وإعادة بنائها لتنقيتها من الشوائب القدحية – مرحلة التقعيد العلمي لهذا الفن بوضع أوزان وتفعيلات على غرار قصائد الشعر العمودي الفصيح. رحل الأستاذ أبو حميد إلى دار البقاء وهو في غمرة بناء هذا المشروع وإخراجه ، وكان قيد حياته كثيرا ما يتلقى سؤالا حول سبب عدم جمعه لأبحاثه حول تراث العيطة في كتاب ، حيث كان يجيب سائله بأن هذا الموضوع عبارة عن حقل ألغام يحتاج إلى أخذ جرعة عالية من التحري والصدق والأمانة. ورغم رحيله فقد بقي مشروع أبوحميد خارطة طريق لكل من أراد الكتابة في موضوع العيطة واستنطاق الذاكرة التراثية التاريخية لحاضرة المحيط ، ولا يمكن لأي باحث ولوج هذا البحر دون الاسترشاد بمنارة هذا المشروع . ويعتبر الراحل الدكتور علال ركوك أول من تبنى مشروع " أبو حميد " ووضح معالمه وأسراره عبر كتاب (الأستاذ محمد أبو حميد رائد البحث في الموروث التراثي ) الذي ألفه سنة 2011 مع رفيقه الأستاذ محمد بالوز . وجاء مؤلف الاستاذ احمد اشتيوي ( العيطة الحصباوية) لينفخ روحا جديدة في جسم الموروث التراثي العبدي مسترشدا بمشروع الأستاذ بوحميد وبما وصل إليه الاستاذ علال ركوك في كتابه الآنف الذكر من توضيح لمعالمه . وقد ظهر هذا التأثر من خلال العنوان الذي وضعه الأستاذ اشتيوي لكتابه (العيطة الحصباوية – من التأسيس النظري إلى استنطاق النصوص – محاولة في التوثيق ) . من خلال هذا العنوان ورغم المجهود المبذول في اخراج هذا البحث يبقى محاولة في التوثيق ، يظهر عبرها التخوف الحاصل لدى المؤلف من حقل الألغام الذي ذكره الأستاذ أبو حميد ونبه إليه كل والج مجال البحث في الموروث التراثي ** رحم الله الأستاذين الباحثين محمد أبو حميد وعلال ركوك ، وأطال الله في عمر الأستاذين الباحثين محمد بالوز Mohamed Balouzوأحمد اشتيوي Ahmed chtioui لاستكمال مراحل إخراج مشروع "أبو حميد" إلى حيز التحقيق الواقعي /