أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريره السنوي برسم سنتي 2019 و 2020، وذلك طبقا للتوجيهات الملكية السامية القاضية بالحرص على قيام المجلس الأعلى للحسابات بمهامه الدستورية، لاسيما في ممارسة المراقبة العليا على المالية العمومية، وفي مجال تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة. المجلس أنجز في إحدى فصول التقرير، مهمة شملت عمالات وأقاليم بالمملكة بصفتها جماعات ترابية، انصبت بالاساس حول تقييم مدى تطبيق النظام الجديد للحكامة الذي أقره القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات و الأقاليم ومدى نجاعة وفعالية هذا النظام. وقد مكنت هذه المهام الرقابية من تسجيل مجموعة من الملاحظات وإصدار عدة توصيات، همت، أساسا، الجوانب المرتبطة بعمل أجهزة الحكامة المحلية وإجراءات المراقبة الداخلية، وبإعداد وتنفيذ برامج التنمية، وبممارسة الاختصاصات وتخطيط المشاريع. وفي هذا اإلطار، فقد تم رصد غياب جزئي للآليات و الأدوات الضرورية لمواكبة العمالات أو الأقاليم لبلوغ حكامة جيدة في تدبير شؤونها وممارسة الإختصاصات الموكلة لها. أما منظومة المراقبة الداخلية فتعرف غياب شروط وضوابط هذه المراقبة وآليات تدبيرها، الأمر الذي قد يشكل خطراً على ممتلكاتها وكذا على المعطيات والمعلومات المتعلقة بتدبيرها. كما لم تعمل العمالات و الأقاليم على إحداث خلية للتدقيق الداخلي و الإفتحاص، ولم تعتمد نظاما للتدبير بحسب الأهداف ولم تضع منظومة لتتبع مختلف الإختصاصات تحدد فيها الأهداف المراد بلوغها ومؤشرات الفعالية المتعلقة بها. وبالنسبة لإعداد برامج التنمية ، فإن هذه البرامج لم تراع، في بعض الحالات، الإختصاصات الذاتية المسندة بموجب القانون التنظيمي المذكور للعمالات و الأقاليم ولا الإمكانيات المادية الحقيقية المتوفرة أو التي يمكن تعبئتها وكذا الإلتزامات المتفق بشأنها مع باقي الشركاء، كما لم تستحضر البعد البيئي ولم تأخذ بعين االعتبار التوجهات الرئيسية للإستراتيجية العمومية لإعداد التراب، ووثائق التعمير بالنسبة للجماعات الترابية المغطاة بهذه الأخيرة. وفضلا عن ذلك، لم ترتكز هذه البرامج على تشخيص دقيق للحاجيات يعتمد معطيات علمية ومضبوطة تسمح بتحديد وترتيب الأولويات وتوطين المشاريع، وفق منهج تشاركي يواكب سياسات واستراتيجيات الدولة ويسعى إلى تحقيق الإلتقائية و الانسجام مع توجهات برامج التنمية الجهوية وبرامج عمل الجماعات. وتفتقر العمالات و الأقاليم، حسب التقرير ، إلى نظام معلوماتي ترابي يقوم بتجميع المعطيات الإحصائية والخرائطية التي تنتجها مختلف القطاعات. أما بخصوص تنفيذ برامج التنمية، فقد عرف ضعفا في نسب الإنجاز، وعدم تفعيل لجن القيادة وغياب التتبع المالي لتنفيذ البرامج، ناهيك عن عدم تحيين هذه البرامج ضمانا للتكامل والإلتقائية مع مختلف السياسات والبرامج العمومية على المستويات الترابية، مع تسجيل ضعف على مستوى منظومة تتبع المشاريع المدرجة بها. ومن جانب آخر، فإن المجهودات المبذولة من طرف مجموعة من العمالات والأقاليم بشأن ممارسة بعض اختصاصاتها تظل محدودة، كما هو الشأن بالنسبة للإختصاصات المتعلقة بالحد من الفقر والهشاشة وتدبير مرفق النقل المدرسي وإنجاز المسالك القروية. وارتباطا بالإختصاصات المنوطة بالعمالات و الأقاليم، فإن مجموعة منها لا تتوفر على الآليات والوسائل الكفيلة بممارسة هذه الإختصاصات، فضلا عن عدم تناسب مجهود الإستثمار مع التوزيع السكاني وإنجاز مجموعة من المشاريع دون القيام بالدراسات اللازمة. هذا، بالإضافة إلى ممارسة بعض العمالات و الأقاليم اختصاصات غير منوطة بها. وتأسيسا على هذه المالحظات، أوصى المجلس الأعلى للحسابات بوضع وتعزيز منظومة المراقبة الداخلية و الإفتحاص بالعمالات و الأقاليم، ومراعاة الإلتقائية والإنسجام مع مختلف برامج الدولة وبرامج التنمية الجهوية لتحقيق تدخالت مندمجة وتفادي ازدواجية المشاريع والبرامج. كما أوصى المجلس أيضا باعتماد نظام معلوماتي ترابي بتنسيق مع القطاعات المختصة يتم تحيينه باستمرار قصد التحديد الدقيق للحاجيات أثناء مرحلة التشخيص التشاركي، فضلا عن تفعيل لجن القيادة وتعيين مسؤولين عن البرامج يتولون السهر على التتبع التقني والمالي للمشاريع المبرمجة وإنجاز التقييم السنوي الدوري للبرامج وعرض التقارير المتعلقة بها على أنظار الهيئات المختصة مع صياغة مؤشرات واضحة وواقعية وموثوقة لقياس الفعالية والنجاعة وكذا أثر المشاريع على الفئات المستهدفة.