يسلط أحمد الخريف، المستشار البرلماني، وكاتب الدولة سابقاً في الخارجية، في الحوار التالي مع جريدة Rue20 الإلكترونية، الضوء على مستجدات القضية الوطنية الأولى، بعد صدور قرار مجلس الأمن الأخير الذي مدد مهمة بعثة المينورسو لسنة إضافية، وعلى ضوء الخطاب الملكي الأخير بمناسبة تخليد الذكرى ال46 للمسيرة الخضراء. ويؤكد عضو مجلس المستشارين، على أهمية الدبلوماسية الموازية، خاصة الدبلوماسية البرلمانية في الترافع عن مغربية الصحراء والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة... ما هو تقييمكم للمسار الذي قطعته القضية الوطنية الأولى؟ قضية الوحدة الترابية للمملكة تسير، بكل تأكيد، في الطريق الصحيح. هناك عدة مؤشرات، بل هناك وقائع حدثت في الشهور الأخيرة، تثبت ذلك. لقد شكل الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء منعطفا حاسما بالنسبة إلى ملف الصحراء، عزز مكاسب المغرب في ما يتعلق بوحدته الترابية، وكرس مغربية الصحراء، وأربك حسابات أعداء الوحدة الترابية للمملكة. هذا الاعتراف جاء من طرف دولة عظمى، دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي التي تصوغ مشاريع القرارات التي تحال على مجلس الأمن. هناك، ثانيا، المقترح المغربي القاضي بمنح الحكم الذاتي للأقاليم الحنوبية، وهو المقترح الذي يحظى بتأكيد واسع و متزايد من قبل المنتظم الدولي. و حظي بالإشادة من قبل مجلس الأمن من خلال قراره الأخير . فهذا المقترح يحظى بالمصداقية والواقعية، ويشكل قاعدة متينة للمفاوضات الهادفة إلى التسوية السياسية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. هناك ثالثا، ما يمكن أن نسميه بدبلوماسية القنصليات، حيث أن عددا متزايدا من الدول تفتح قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة، وقد بلغ عدد القنصليات التي جرى افتتاحها 24 قنصلية. وتتجلى أهمية فتح هذه القنصليات في أنها تجسد اعترافا ضمنيا بمغربية الصحراء من طرف هذه الدول. وهذا الاعتراف يسهم في توطيد علاقات المغرب مع الدول المعنية على كافة الأصعدة. ولابد من أن نسجل هنا أن الأمر لا يقف عند فتح قنصليات، إذ أن العديد من الدول التي فتحت تمثيليات دبلوماسية لها قي الحواضر الجنوبية، تنخرط في أنشطة اجتماعية وثقافية ورياضية، وقد رأينا كيف إن دولة مثل الغابون انخرطت في هذه الأنشطة، في سياق احتفالها بعيد الاستقلال. كيف تلقيهم شخصيا القرار الأممي الأخير بشأن الصحراء المغربية؟ يمكن القول أن القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن، يشكل المحطة الأخيرة ضمن محطات الانتصار الذي تحققه الدبلوماسية الرسمية، فقد. تمت الإشادة بالمقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية، كما دعا القرار كل الأطراف إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات، بما فيها الجزائر التي كانت دائما تدعي أنها غير معنية بشكل مباشر بالنزاع المفتعل حول الصحراء، فالقرآن الأممي يعتبر الجزائر طرفا أساسيا في هذا النزاع، وهو ما لا تتقبله الحزائر. فالقرار كان لصالح المغرب، وهو ما يفسر ردود الفعل المتشنجة لأعداء الوحدة الترابية للمملكة، الذين أحبطهم القرار. كيف تستشرفون مستقبل القضية؟ المطلوب اليوم هو تحصين المكتسبات والمضي قدما في الترافع عن مغربية الصحراء والدفاع عن السيادة الترابية للمملكة المغربية، في إطار استراتيجية واضحة المعالم، وذلك لمواجهة التحديات المطروحة والتي ستطرح مستقبلا. هذه الاستراتيجية تتطلب تقوية الجبهة الداخلية وتعزيز التنسيق بين الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الموازية: البرلمانية، والحزبية، ورجال الأعمال، والمجتمع المدني... وشخصيا أدعو الوفود من الأقاليم الجنوبية إلى التعبئة والتجند للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، خاصة أن الخطاب الملكي الأخير بمناسبة تخليد الذكرى ال46 سنة للمسيرة الخضراء، شدد على أن منتخبي الأقاليم الجنوبية هم الممثلين الشرعيين للصحراويين. تساهمون بشكل لافت في الدبلوماسية البرلمانية، بعدة زيارات عمل لدول أمريكا اللاتبنية، كيف ساهمت هذه التحركات في التعريف بالقضية الوطنية الأولى في هذه المنطقة. و ما هو تقييمكم للدور الذي يلعبه البرلمان في مجال الترافع عن مغربية الصحراء؟ لقد عدت للتو من كولومبيا، طبعا زرت عددا كبيرا من البلدان في أمريكا اللاتينية ويجب أن نشير إلى أن الرأي العام في بعض هذه البلدان لديه أفكار خاطئة عن الواقع في الأقاليم الحنوبية، فالدعاية التي قامت بها البوليساريو في فترات سابقة لصالح الطرح الانفصالي ساهم في تضليل الرأي العام هناك، وفي تشكيل تمثلات خاطئة حول النزاع المفتعل في الصحراء المغربية. فالفكرة السائدة، يُضيف الخريف، عند فئات عريضة من الناس في بعض الدول في أمريكا اللاتينية، هي أن أبناء الصحراء يوجدون في الطرف الآخر، أي يصطفون مع أعداء الوحدة الترابية للمملكة، وهذا بفعل التضليل الإعلامي الذي مارسه الانفصاليون في أوقات سابقة. نحن أبناء الصحراء، ونحن هم الممثلون الشرعيون للصحراء، ولم نمنح البوليساريو التفويض ولا الحق في أن يمثلوننا ، إنهم لا يمثلون إلا أنفسهم، ولا يمثلون المواطنين الصحراويين المتشبثين بمغربية الصحراء وبوحدة أراضي المغرب. الأمور بدأت تتغير في السنوات الأخيرة لصالح الطرح المغربي. لقد ساهمنا كبرلمانيين في إعطاء الصورة الحقيقية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، لكن قبل ذلك تجدر الإشارة إلى أن الزيارة الملكية لدول أمريكا اللاتينية في عام2004، شكلت بحق نقطة تحول في موقف دول ومجتمعات أمريكا اللاتينية. وشكلت الزيارة الملكية بداية صفحة جديدة في علاقة المغرب بدول أمريكا اللاتينية، حيث فتحت المجال لتوطيد العلاقات المغربية مع هذه البلدان، وتعزيز الروابط السياسية معها، كما ساهمت في تغيير مواقف العديد من البلدان في أمريكا اللاتينية التي جمدت أو سحبت اعترافها بالجمهورية الوهمية، وبدأت تدعم الموقف المغربي.