تفاعلا مع قرار محكمة العدل الأوروبية حول إلغاء اتفاقيتي الزراعة والصيد البحري مع المغرب، قال رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية و المؤسساتية والباحث السياسي، محمد بودن في تصريح لجريدة زنقة20، إن " قرار محكمة العدل الأوروبية، هو قرار ليست له آثار فورية ومباشرة وليس له مفعول الإلزام بالنسبة للمغرب". و اعتبر بودن في تصريحه أن مسيرة الشراكة المغربية الأوروبية لا تشمل فقط الاتفاقين المتعلقين بالشأن الزراعي والصيد البحري إذ هناك مواقف في الآونة الأخيرة صادرة من طرف رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل وكذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الذين أكدوا على أهمية المغرب كشريك، ومركزه المتميز بالنسبة للاتحاد الأوروبي. كما أكد محمد بودن، أن " السيادة المغربية على الصحراء ليست موضوعا للاجتهادات القضائية من طرف المحكمة الأوروبية وغيرها، ومع الأسف استسلمت المحكمة الأوروبية إلى التسييس، وسمحت لنفسها مجددا بالانجرار إلى طرح مضلل وهذا يضر بشرعية المحكمة". وأضاف بودن أن " هذا القرار يعطي للكيان الوهمي صفة التمثيل وهذا ابتعاد عن الحقيقة لأن ميليشيات البوليساريو ليست سوى أداة وظيفية للجزائر وليست نتيجة لعملية ديمقراطية حتى تكون ممثلة، وأتصور أن الاتحاد الأوروبي يدرك أن الممثل الحقيقي لأبناء الصحراء المغربية هم القاطنين فيها، ولعل انتخابات 8 شتنبر أكدت على أن الصحراء المغربية لها من يمثلها و لها صوتها عبر آلية ديمقراطية تجسدت في المشاركة المكثفة في الانتخابات، إذ عبروا عن تقرير المصير الداخلي للبلاد وهذا هو المعنى الحقيقي لتقرير المصير". وفي سياق متصل، أضاف محمد بودن أنه " لا يمكن لكيان وهمي أن تكون له الأهلية و لا الشخصية القانونية للمثول أمام المحاكم الأوروبية وغيرها، ولا حتى المسؤولية تجاه الاتحاد الأوروبي والنظام الدولي، فالكيان الوهمي لا يتحرك إلا في مساحات من الفوضى وخلق المشاكل، و هذا يعني أن محكمة العدل الأوروبية تذهب وراء مصلحتها، والكيان الوهمي هو أداة لتحقيق ذلك". وأشار بودن أن "المحكمة ليس بإمكانها إصدار أحكام بدون الاستماع إلى الطرف الثاني (المغرب) من أجل إعطاء موقفه السيادي والاستماع لرأي المغاربة في الصحراء المغربية فضلا على أن محكمة العدل الأوروبية لا يجوز لها أن تمتد سلطتها للحديث عن سيادة المغرب والتدخل في ملف يقع في حدود صلاحيات الأممالمتحدة بشكل حصري". وفي ختام تصريحه، أكد رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية و المؤسساتية، محمد بودن أن "محكمة العدل الأوروبية يجب أن تنطلق من القانون و من الواقع، إذا هناك وقائع تاريخية وقانونية أسمى من تلك القرارات". وفي السياق ذاته، قال فؤاد أعلوان، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، إن" قرار محكمة العدل الأوروبية حول إلغاء اتفاقيتي الزراعة والصيد البحري بمبرر أنهما تشملان منتجات قادمة من منطقة الصحراء المغربية يبقى قرارا دون أثر فوري فهو مجرد حكم ابتدائي". وأضاف أعلوان، "بالتأكيد سيسعى المغرب إلى استئناف هذا الحكم، وهذا القرار لن يغير أي شيء من واقع العلاقات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي اللذان أكدا مباشرة بعد صدور القرار عزمهما مواصلة هذه العلاقات وتأمينها بل وتعزيزها، وبالتأكيد لن يأثر هذا القرار على استقرار العلاقات التجارية بين المغرب وأوروبا في مجالي الزراعة والصيد البحري وهو ما أكد عليه أيضا نص القرار الذي اعتبر بوضوح أن الاتفاقات ستبقى بالرغم من إلغاءها سارية المفعول لمدة زمنية معينة حددها في شهرين وذلك حفاظا على الأمن القانوني ووفاء بالتزامات الاتحاد الأوروبي في المجال الدولي". من جهته قال عبد العالي الرامي، فاعل جمعوي ومهتم بالشأن السياسي في نفس السياق، إن "هذا القرار يندرج ضمن سياسة ممارسة نوع من الضغط على المغرب لخلق توازن في العلاقات والمصالح، خصوصا بعدما أصبح المغرب يتوجه لتنويع شركائه ويتحرر بشكل تدريجي من التبعية الاقتصادية للاتحاد الأوروبي بتغير شركائه والاعتماد على السوق الإفريقية والآسيوية والأمريكية". وقال أيضا، إن "مغرب اليوم يختلف عن الأمس، وقضية الوحدة الترابية للمملكة لا يمكن التسامح مع أعدائها".