أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، لويجي دي مايو، اليوم الجمعة بالرباط، أن بلاده على استعداد لتطوير سبل التعاون مع المغرب لأنها تعتبره بلدا مستقرا وشريكا استراتيجيا في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وأيضا باعتباره بوابة للقارة الإفريقية. وذكر بلاغ لرئاسة الحكومة أن الوزير الايطالي أشاد، خلال المباحثات التي أجراها مع رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني، بالجهود التنموية التي عرفها المغرب ومراكمته لعدة تجارب في مجالات متقدمة، إضافة إلى ما تحقق من تطور في مجال الاستثمار في الطاقات المتجددة وغيرها من القطاعات التنموية الرائدة، مؤكدا استعداد بلاده للتعاون مع المغرب من خلال المشاركة في الاستثمار في مشاريع ذات علاقة بالتقنيات الحديثة والابتكار والبحث العلمي الجامعي. كما نوه دي مايو خلال هذا اللقاء، الذي حضرته على الخصوص سفيرة إيطاليا في الرباط، بالدور الريادي الذي يضطلع به المغرب لمحاربة الإرهاب بمختلف أشكاله، وإسهامه في ضمان استقرار المنطقة. من جهته، قال العثماني إن زيارة العمل التي يقوم بها وزير الخارجية الإيطالي للمغرب على رأس وفد هام يضم عددا من المسؤولين الإيطاليين، تكتسي أهمية خاصة وستساهم في تعزيز علاقات التعاون بين البلدين وتقريب وجهات النظر حول الملفات ذات الأولوية. كما أكد على ضرورة المضي قدما في العمل المشترك لمواجهة مختلف التحديات التي تفرضها العولمة، مشيرا إلى “تسجيل تحسن للعلاقات الاقتصادية المغربية- الإيطالية، مع ضرورة الرقي بها في المستقبل لما لها من انعكاسات إيجابية على البلدين”. وتوقف رئيس الحكومة أيضا عند الإمكانيات التي يتيحها المغرب لمختلف شركائه، مذكرا باهتمام المملكة البالغ باستقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط، وكذا بالتعاون الخاص مع الدول الإفريقية التي يوليها اهتماما خاصا ضمانا لاستقرار أوضاعها ومساعدتها لتجاوز التحديات التي يفرضها انتشار العنف والإرهاب وفق مقاربة تنموية فعالة. وحسب بلاغ رئاسة الحكومة، فقد استعرض الجانبان مختلف جوانب العلاقات المغربية- الإيطالية التي تعكس الروابط التاريخية بين البلدين، والاهتمام المشترك في أفق تعزيز التعاون في عدد من الميادين السياسية والاقتصادية والتنموية وغيرها. وتطرق الجانبان أيضا إلى عدد من القضايا التي تشغل بال البلدين والمرتبطة باستقرار المنطقة، مع التأكيد على القاسم المشترك بين المغرب وإيطاليا بكونهما يرفضان التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان التي تعرف صراعات أو توترات. وفي هذا الاتجاه، يضيف البلاغ، تطابقت وجهات نظر الجانبين بخصوص الأوضاع في ليبيا، إذ أكدا على خيار التسوية السياسية للملف. ووقع المغرب وإيطاليا، اليوم الجمعة بالرباط، إعلان شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد قائمة على الوعي المشترك بأن “الطرفين يمثلان بالنسبة لبعضهما البعض شريكين أساسيين في تدبير التحديات الإقليمية والدولية”. وأشاد هذا الإعلان الذي جرى التوقيع عليه من طرف وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، لويجي دي مايو بالملك محمد السادس، منوها ب “الإصلاحات الكبرى التي جرت خلال العقدين الماضيين بقيادة الملك محمد السادس، وبالجهود المبذولة من أجل تحقيق تنمية سياسية واقتصادية واجتماعية”. كما أقر بالدور “الهام الذي يضطلع به المغرب، البلد الذي ينعم بالاستقرار، في تحقيق السلم الإقليمي، وذلك بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس”. وعبرت إيطاليا والمغرب من خلال هذا الإعلان، عن عزمهما على “العمل المشترك من أجل المحافظة على المستوى الذي بلغته العلاقات الثنائية وتعزيزه، اقتناعا منهما بأن تطوير هذه العلاقات يخدم مصالح البلدين ويساهم في تحقيق التقدم والازدهار لصالح شعبيهما، والتزامهما بإعطاء زخم جديد للحوار السياسي بجميع أبعاده، بغية تحقيق الاستقرار والسلم الإقليمي والدولي”. وأكد الإعلان المؤسس لهذه الشراكة أن البلدين “يظلان على قناعة بأن التسوية السلمية للنزاعات والصراعات التي تعرفها المنطقة، ستضطلع بدور حاسم في تحقيق استقرارها وتنميتها”، مجددا التأكيد على التزام الجانبين ب “تعزيز الحوار السياسي ومسلسل الاندماج مع الاتحاد الأوروبي، في أفق تحقيق شراكة متجددة مع المملكة المغربية تأخذ بعين الاعتبار جميع أبعاد العلاقات مع هذا التجمع الإقليمي”. وتروم هذه الشراكة الاستراتيجية “إرساء حوار مستدام ومعمق على مستوى كافة القطاعات ذات الاهتمام المشترك، وضمان التنسيق بخصوص القضايا الدولية والإقليمية المرتبطة بإفريقيا ومنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط الموسع -بدءا من الملف الليبي-، وتعزيز العلاقة المميزة القائمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي ومنحها محتوى أكثر طموحا”. كما تتوخى آلية التعاون الجديدة هاته تعميق الحوار والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة الدولية، وكذا في المجال القضائي، وتعزيز التعاون في ملف الهجرة، لاسيما من خلال تنفيذ الاتفاق المتعلق بترحيل المهاجرين الموقع بالرباط بتاريخ 27 يوليوز 1998. كما تهدف الشراكة الاستراتيجية إلى توطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية، لاسيما من خلال مشاركة الفاعلين الاقتصاديين، وكذا فرص النمو في كافة المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك قطاعات الأنشطة الطاقية والبحرية والصناعية والخاصة بالبنيات التحتية. ويتعلق الأمر، أيضا، باغتنام فرص التعاون الثلاثي الذي يشرك الشركاء الأفارقة الآخرين، وتعزيز التعاون في مجالات الثقافة، والتعليم والتكوين، والبحث والتنمية المستدامة.