لا تخلو عملية تعيين رئيس الحكومة سعد الدين العثماني لكاتب الدولة خالد الصمدي مستشاراً له في التعليم بعدما طاله إعفاء ملكي من رسائل غير ودية من رئيس الحكومة لأعلى سلطة في البلد. الرسالة الأولى من إخراج الصمدي من الباب وادخاله من النافذة هو معاكسة صريحة للتوجهات الملكية التي انتقدت غياب الكفاءات في النسخة الاولى من حكومة العثماني. ففي اللحظة التي يعفى فيها وزير بسبب ضعف كفاءته بناء على ظهير ملكي يصدر العثماني قراراً وزارياً بتحويل وزير فشل في تدبير مهمته الحكومية الى مستشار وزير . الرسالة الثانية المستخلصة من تعيين الصمدي تتجلى في محاصرة توجهات قانون الاطار المتعلق بالتعليم الذي يدخل حيز التنفيذ رسميا بعد اعتماد القانون المالي ل2020. فالمتتبع للحرب التي أعلنها حزب ‘العدالة والتنمية' على قانون الاطار والامتناع عن التصويت لفائدته ومعارضته من طرف نوابه، يدرك أن الصمدي كان في قلب معركة البلوكاج خصوصا ضد استعمال اللغات الاجنبية، قبل أن يضطر الى تليين مواقفه بسبب توجيهات عليا. واليوم يعطي العثماني لمستشاره سلطة أخرى للقيام بمناورات لارباك تنزيل قانون الاطار من وراء جلباب رئيس الحكومة دون ان تطاله أية مسؤولية سياسية أو قانونية. الرسالة الثالثة التي يحملها قرار تعيين الصمدي تتعلق بإذكاء الصراع حول الحدود المخصصة للوزراء. فبعد فشل الصمدي في مواجهة سعيد أمزازي بصفته كاتب دولة، سيحاول اليوم إستغلال صفة رئيس الحكومة لتصفية الحسابات بعيداً عن علاقة الوصاية. وبدون شك فإن أعين الصمدي كانت دائما منصبة على التحكم في تعيين عمداء ورؤساء الجامعات حيث يحاول حزب ‘العدالة والتنمية' بناء نفوذه داخل فئة الاساتذة الجامعيين من خلال تأسيس نقابة تابعة للبيجيدي يتحكم فيها الصمدي او داخل الطلبة عبر تحويل الجامعات المغربية لمصدر لتزويد الحزب الاسلامي بزبناء جدد. ومن شأن قرار التعيين أن يطلق يد الصمدي في اختيار المسؤولين الجامعيين والتأثير على العثماني لدفعه لرفض من لا يتماشى مع اهوائهم. الرسالة الرابعة من تحويل الصمدي من وزير لمستشار تتمثل في مغازلة تيار عبد الاله بنكيران الذي إستقدم الصمدي في 2012 الى رئاسة الحكومة بعدما كان أستاذاً للتربية الاسلامية في مدرسة للاساتذة بتطوان، وادخاله للمجلس الاعلى للتربية والتكوين قبل أن تتم ترقيته لعضو حكومي. فالعثماني يحاول جاهداً نزع أنياب بنكيران وتحويله الى شخصية معزولة من خلال استقطاب بعض مواليه كما فعل مع محمد امكراز الذي عينه وزيرا للتشغيل.