دشنت مصر اليوم الخميس قناة السويسالجديدة التي تم إنجازها في زمن قياسي لم يتجاوز عام واحد لتضيف مجرى ملاحيا جديدا بموازة المجرى القديم لقناة السويس. ويشمل مشروع “قناة السويسالجديدة” حفر قناة بطول 35 كيلومترا، إضافة إلى توسعة وتعميق مسافة مماثلة تقريبا في المجرى القديم الذي يبلغ طوله نحو 190 كيلومترا. ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى زيادة في أعداد السفن المارة في المجرى الملاحي الذي يربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط. واستغرق العمل في القناة الجديدة نحو عام، وبلغت تكلفة المشروع 8.2 مليار دولار تقريبا من أموال المصريين المساهمين في المشروع الحلم الذي مثل انجازا تاريخيا يندر أن يتكرر فيي زمن قياسي كالذي أنجز فيه. وتتوقع هيئة قناة السويس أن ترتفع عوائدها إلى 13.23 مليار دولار سنوية بحلول عام 2023 نتيجة للمشروع الجديد. وبلغت عوائد قناة السويس خلال العام الماضي 5.3 مليار دولار. ويمر بقناة السويس الأصلية، التي افتتحت عام 1869، سبعة في المئة من التجارة العالمية، وهي أكبر مصادر العملة الصعبة لمصر. ومن المتوقع أن تقلل القناة الجديدة مدة رحلة السفن عبرها من 22 ساعة إلى 11 ساعة. وتدشن القناة الجديدة رسميا في حفل يحضره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومن المتوقع أن يشارك أيضا عدد من القادة العرب والأجانب وكما كان يحدث لدى افتتاح المشروعات الكبرى في عهد ملوك الفراعنة.. يفتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الخميس مشروعا طموحا بهدف زيادة حركة المرور والعائدات وإقامة منطقة صناعية ودعم شرعية حكمه بعد عامين من عزل سلفه محمد مرسي. وتسمح قناة السويسالجديدة بمرور السفن في الاتجاهين بجزء من القناة التي تربط بين البحرين المتوسط والأحمر. كما يتضمن تعميق وتوسيع أجزاء من القناة القديمة. واكتمل المشروع في عام واحد فقط بدلا من خمس سنوات في التصورات الأولية. والمشروع الذي أشرف عليه الجيش المصري وبلغت تكلفته ثمانية مليارات يورو يعطي صورة مغايرة مثيرة للإعجاب فيما يتعلق بالسرعة والكفاءة في الأداء مقارنة بخطط مشروعات كبرى أخرى في مصر إما لا تزال حبرا على ورق أو تأخر إنجازها كثيرا أو وقعت في شرك الروتين والبيروقراطية. والقناة الجديدة مبعث فخر وطني في بلد تلقى اقتصاده -الذي يجد صعوبة بالغة في إطعام 92 مليون مواطن- ضربات متكررة بسبب عدم الاستقرار السياسي وسوء الإدارة منذ الإطاحة بحسني مبارك في 2011. وقد أولت حكومة السيسي افتتاح قناة السويسالجديدة أقصى دعاية ممكنة. وأعلن اليوم الخميس أجازة عامة وزينت القاهرة بلافتات تحتفي بالقناة الجديدة وتصفها بأنها “هدية مصر للعالم” وبأنها “من أم الدنيا .. لكل الدنيا”. وسيكون الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند -الذي زود مصر بمقاتلات رافال متطورة في إطار تحركات باريس الدبلوماسية والعسكرية في الشرق الأوسط- ضيف شرف للحفل وهو ما يذكر بمشاركة الإمبراطورة أوجيني زوجة نابليون الثالث في حفل افتتاح القناة الأم. ولا يخلو الأمر من تساؤلات منها على سبيل المثال: هل هناك إقبال كاف على الملاحة لتحقيق الهدف الطموح المتمثل في مضاعفة حجم المرور وزيادة العائدات من 5.3 مليار دولار سنويا حاليا إلى 13 مليار دولار عام 2023؟ وهل ستشارك شركات القطاع الخاص في المنطقة الصناعية المخطط إقامتها إلى جانب المجرى الملاحي الجديد؟ وهل ستوفر كما من فرص العمل قرب المليون وظيفة المأمولة؟ تتحمس شركات ملاحة كبيرة مثل (ميرسك) و(سي.إم.إيه-سي.جي.إم) للمشروع لكنها لا تخطط لزيادة سفنها العابرة للقناة هذا العام. وهناك أيضا منافسة من قناة بنما التي تم توسيعها وممرات ملاحية أخرى من المزمع مدها في أمريكا الوسطى. ومع تباطؤ الاقتصاد الصيني.. ستنمو التجارة العالمية بمعدل أبطأ بكثير من ذلك الذي يمكن أن يدر العائدات المرجوة من قناة السويس. وهناك مشروعات أخرى كبيرة يمكن أن تحسن وبشكل فوري حياة المصريين مثل “العاصمة الإدارية الجديدة” لكنها تعاني من التأجيل المتكرر. وتعافت السياحة إلى حد ما بعد أن انهارت خلال الاضطرابات التي صاحبت حكم جماعة الإخوان المسلمين الذي انتهى بعزل مرسي في 2013 لكنها لا تزال دون مستوى السنوات الأفضل. ويتوقع أن تضمحل المنح الخليجية الضخمة التي عززت حكم السيسي هذا العام. وتواجه الحكومة متشددين إسلاميين في سيناء واكتسب الأمر طابعا دراميا أمس بنشر جماعة ولاية سيناء ذراع تنظيم الدولة الإسلامية في مصر تسجيل فيديو لرهينة. لكن لا يبدو أن هذا الأمر يشكل تهديدا للقناة المؤمنة جيدا. وسيكون اليوم يوما تاريخيا بالنسبة للسيسي ويوم فخر وطني لمصر .. إلا أن التوقعات على المدى الأطول لا تحمل نفس القدر من التفاؤل.