في تقرير رسمي للحكومة، أكد وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، اليوم الأربعاء بالرباط، أن استمرارية صندوق دعم التماسك الاجتماعي مُهددة مع تسجيل عجز مالي كبير. الصندوق الذي عمد “عبد الاله بنكيران” خلال ولايته كرئيس للحكومة، الى تفعيله دون أية استراتيجية، أصبح يُهدد ملايين الأسر المغربية بالتشرد، بعدما تم استغلاله انتخابياً لحشد الأصوات. وشدد”بوسعيد”، على أهمية اتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية من أجل الحفاظ على التوازنات المالية والتحكم في نفقات صندوق دعم التماسك الاجتماعي لضمان استدامة موارده. وسجل بوسعيد، في عرض قدمه أمام لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب حول التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات المتعلق ب”صندوق دعم التماسك الاجتماعي”، أن المداخيل الصافية للصندوق لم تبلغ سوى 1.78 مليار درهم إلى نهاية شهر دجنبر الماضي مقابل نفقات تتجاوز 2.67 مليار درهم برسم هذه السنة، أي رصيد سنوي سالب يناهز 1 مليار ردهم. وأضاف أنه أمام استقرار الموارد في 1.78 مليار درهم وتطور النفقات، فإن الرصيد المتوفر حاليا في الصندوق سيتم استهلاكه، مشيرا في هذا الصدد إلى ثلاث سيناريوهات تتمثل في سيناريو مرجعي في 4 سنوات (2022 حيث تطور النفقات ب10 في المائة)، وسيناريو 1 لثلاث سنوات (2021 مع تطور النفقات ب20 في المائة)، وسيناريو 2 في سنتين (2020 مع تطور النفقات ب30 في المائة). ولفت بوسعيد، في هذا السياق، إلى أن التدابير الواجب اتخاذها لضمان استدامة موارد الصندوق تتم أساسا عبر وضع نظام يضمن الاستدامة وذلك من خلال تعزيز موارده (دراسة إمكانية إضافة موارد جديدة للصندوق كاعتماد التمويلات المبتكرة وتوفير مداخيلها لفائدة الصندوق)، والتحكم في نفقات البرامج المستفيدة من الصندوق، والعمل على توسيع دائرة المساهمين، والسهر على توفير الموارد اللازمة لتمويل نظام المساعدة الطبية. وعلى مستوى الحكامة، شدد الوزير على الحرص على ضمان حكامة جيدة لمجموع البرامج المستفيدة من الصندوق، وضبط وترشيد النفقات وتحديد المهام والمسؤوليات والتنسيق بين جميع المتدخلين، ومراجعة وتحسين آليات الاستهداف، وتعزيز الإطار الاتفاقي مع باقي الأطراف المعنية في إطار الدعم المقدم من الصندوق، ووضع نظام معلوماتي مندمج لتتبع وتقييم مدى نجاعة وانسجام وتكامل والتقائية البرامج الاجتماعية، وكذا إعداد برمجة متعددة السنوات للبرامج. واستعرض بوسيعد، بهذه المناسبة، التحديات المرتبطة بالصندوق المتمثلة، إضافة إلى إشكالية ديمومة موارد الصندوق، أساسا في إكراهات في تمويل نظام المساعدة الطبية، والكلفة المالية المتعلقة ببرنامج تيسير، والتطور المهم الذي عرفته كلفة برنامج دعم الأشخاص في وضعية إعاقة، وكذا ضرورة توفير التمويل الأساسي أمام التزايد المضطرد الذي عرفه عدد المستفيدات من برنامج الدعم المباشر للنساء الأرامل. وأشار إلى أن مجموع نفقات صندوق دعم التماسك الاجتماعي بلغ 9.3 مليار درهم خلال الفترة الممتدة من 2014 إلى 2017، حيث يحتل نظام المساعدة الطبية الصدارة من حيث الاعتمادات المرصدة بمعدل متوسط يناهز 52 في المائة من مجموع نفقات الصندوق أي 4.8 مليار درهم، يليه برامج محاربة الهدر المدرسي (تيسير ومليون محفظة) بنسبة 34 في المائة، وبرنامج الدعم المباشر للنساء الأرامل (11 في المائة) ودعم الأشخاص في وضعية إعاقة (3 في المائة). وخلص إلى أن مطلب تحسين حكامة الاستراتيجيات القطاعية والعمل على تناسقها وتحقيق الإلتقائية فيما بينها، مع استحضار محدودية الموارد المالية المتاحة والأولويات الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة، من التدابير الضرورية والعاجلة التي يجب العمل على تحقيقها على أرض الواقع. من جهتهم، سجل النواب أن غياب استراتيجية مندمجة لتفعيل برامج الدعم تمكن من تحقيق الأهداف المتوخاة والفئات المستهدفة ومصادر التمويل التي يتم على أساسها وضع برمجة متعددة السنوات لتخصيص مداخيل الصندوق، مؤكدين على ضرورة وضع “سجل اجتماعي موحد” يروم إرساء نمط استهداف مباشر للأسر من برامج الصندوق. كما طالبوا ببلورة استراتيجية مندمجة لدعم الفئات الاجتماعية تحدد فيها المسؤوليات والإجراءات والمعطيات ومداخيل الصندوق بشكل دقيق، فضلا عن تعزيز أكثر للتنسيق والالتقائية فيما بين الجهات المعنية بتفعيل البرامج الاجتماعية. ودعا النواب، في هذا الإطار، إلى تعزيز آليات الاتفاقات الإطارية بين جل الأطراف المتدخلة في تفعيل برامج صندوق دعم التماسك الاجتماعي مما من شأنه أن يساهم في تحديد المهام وترسيخ قيم الشفافية والحكامة الجيدة. يذكر أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول “صندوق دعم التماسك الاجتماعي” سجل أن وزارة المالية، بصفتها آمرا بالصرف لهذا الصندوق، لا تتوفر على رؤية واضحة للموارد المتوقعة وكذا المعلومات الكافية المتعلقة باستعمال المبالغ المرصودة لمختلف برامج الدعم التي يمولها الصندوق.