يواجه صندوق التماسك الاجتماعي بالمغرب، الذي أحدث سنة 2012، عدداً من التحديات، أبرزها إشكالية ديمومة الموارد المالية مُقابل ارتفاع نفقاته وتعدد البرامج المستفيدة والفئات المستهدفة، والتي يبلغ تعدادها حوالي 16 مليون مغربي. وحسب تقرير قدمه محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، في اجتماع للجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب اليوم الأربعاء، فإن دخول مجموعة من البرامج المستفيدة من الدعم حيز التنفيذ نتج عنه تسجيل موارد الصندوق لرصيد سنوي سالب. وأحدث هذا الصندوق في عهد حكومة بنكيران، وتُخصَص له سنوياً موارد مختلفة من أجل تمويل كل من برنامج نظام المساعدة الطبية "راميد"، وبرنامج "تيسير" لدعم التمدرس، والمبادرة الملكية "مليون محفظة"، ودعم الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، والدعم المباشر للأرامل في وضعية هشة. وحسب الأرقام التي قدمها الوزير بوسعيد لأعضاء لجنة مراقبة المالية العمومية في البرلمان فإن المستفيدين من برنامج هذا الصندوق في ما يخص "راميد" بلغ حوالي 11.4 ملايين شخص سنة 2017، وبرنامج "تيسير" بحوالي 800 ألف تلميذ، وأربعة ملايين محفظة للتلاميذ. أما المستفيدات من الدعم المباشر للأرامل في وضعية هشة فقد بلغ عددهن نهاية سنة 2017 حوالي 80 ألف أرملة؛ فيما شمل دعم الأشخاص في وضعية إعاقة أكثر من 15 ألف مستفيد، بمشاريع مدرة للدخل والتكوين والتمدرس ومساعدات تقنية موزعة. وأثرت المداخيل السنوية غير المنتظمة للصندوق على رصيده، إذ انتقل من 2.24 مليار درهم سنة 2012 ليسجل أعلى مستوى سنة 2015 ب5.13 مليار درهم، وينخفض إلى 1.78 مليار درهم سنة 2017، بسبب حذف بعض المداخيل المتأتية من إجراءات مؤقتة دون تعويضها. ويتجلى من خلال أرقام وزارة الاقتصاد والمالية أن الصندوق سجل السنة الماضية رصيداً سلبياً ناهز 1 مليار درهم، بعدما بلغت نفقاته 2.67 مليار درهم. ولجأت الحكومة السنة الحالية وإلى غاية شهر ماي إلى رصد مبلغ يناهز 2 مليار درهم، على أن يصل نهاية السنة إلى ثلاثة مليارات درهم. ويواجه هذا الصندوق، الموجه إلى الفئات الهشة، تحدياً كبيراً بخصوص تمويل نظام المساعدة الطبية "راميد"، لكونه يستحوذ على حوالي نصف النفقات؛ وتتعقد المأمورية بصعوبة تقييم الكلفة الحقيقية أمام غياب توفر المستشفيات العمومية على نظام محاسباتي تحليلي للمراقبة. وبالإضافة إلى ذلك تعرف كل البرامج المستفيدة من تمويلات الصندوق ارتفاعاً في التكلفة، مع ارتفاع عدد من المستفيدين؛ ما يستدعي البحث عن تمويلات قارة ومستوفية للنفقات المطلوبة من الصندوق. وأقر وزير الاقتصاد والمالية بافتقار صندوق التماسك الاجتماعي إلى إستراتيجية مندمجة لتفعيل برامج الدعم الاجتماعي تمكن من تحديد الأهداف المتوخاة والفئات المستهدفة ومصادر التمويل، إضافة إلى ضعف التنسيق القبلي بين الجهات المعنية. كما يواجه الصندوق إشكالية الاستهداف في ظل غياب سجل وطني شامل وموحد يمكن من التحديد الفئوي والترابي للفئات التي هي بحاجة إلى الدعم، والتي يجب استهدافها من طرف البرامج الاجتماعية. ولمواجهة هذه التحديات تتجه الحكومة، حسب ما أفاد به الوزير بوسعيد، إلى مراجعة تحسين آليات الاستهداف عبر إعداد وتنزيل السجل الاجتماعي الموحد لتصنيف الأسر حسب المستوى السوسيو اقتصادي من أجل تدبير أمثل للموارد المالية.