يبدو أن أحداث مسلسل الطاوسي خرجة آخذة في التطور، وربما ستشكل العنوان الأبرز خلال الفترة الفاصلة بين يومنا هذا وتاريخ الإعلان الرسمي عن انطلاق كأس أمم إفريقيا 2013. جنوب إفريقيا ستستقبل منتخبا مغربيا يقوده مدرب اسمه رشيد الطاوسي، وقد يغيب عنه عميده منذ سنوات الحسين خرجة، ما لم تقع تدخلات تعيد لاعب العربي القطري إلى مكانه في وسط الملعب، أو تزيد الطين بلة، فينشغل المنتخب ومعه جمهوره بخلاف، إن صح الوصف، من المفروض أن يكون حله سهلا وحاسما في الوقت نفسه. من اليسير جدا أن نتوقع جميع السيناريوهات الممكنة في هذه الحالة، بل والتنبؤ بما سيقال في العلن وسيحاك في السر. وسواء كان ما نقرأه أو نسمعه أو نراه بهذا الخصوص مجرد "أخبار بريئة" نرى أنه من حق المتلقي الاطلاع عليها، أو بالفعل تسريبات موجهة ومقصودة للنفخ في جمر قرار يتحمل المدرب في الأخير مسؤوليته، فليس من الغريب أن تقع "حوادث" بهذا الشكل في هذا الوقت بالذات. ما يقع الآن هو الضبط إعادة تركيب لمشاهد ألفها الجمهور المغربي. ما نعيشه الآن إعلاميا، سبق أن عشناه مع الزاكي بادو ونورالدين النيبت في 2005، وطلال القرقوري وهنري ميشال في 2008، ومحمد فاخر ومجموعة مصغرة من لاعبي أوربا في السنة ذاتها، دون الحديث عما وقع في بوركينافاصو سنة 1998، ومالي 2002. من يعرفون كواليس الكرة، مقتنعون بأن هناك أشياء ممكنة الحدوث داخل فريق تتعدد وتتباين فيه العقليات والشخصيات والأمزجة، تحت قيادة شخص واحد مدربا كان أو ناخبا. وبما أن "مالين" الكرة "مولفين" على مثل هذه الأشياء، فإن المشكل لا يكمن في حدوثها، بل في طريقة حلها، وهو ما كانت تفتقده للأسف الجامعة. في حالة الزاكي بادو مع النيبت، كانت الحكمة تقتضي أن نحمي منتخبا بأكمله عوض أن ننتصر للاعب على حساب مدرب، لم تكن شخصيته الصلبة تساير نزوات بعض المسؤولين. وفي حالة فاخر مع بعض اللاعبين، قررت الجامعة إيفاد بعثة رسمية إلى فرنسا ودول أخرى، من أجل إقناعهم بالعودة إلى المنتخب وهم الذين كانوا على خلاف مع فاخر. وكل هذا على حساب مدرب له شخصيته هو الآخر، التي قد لا تناسب البعض. ورغم أن فاخر قاد باقتدار مجموعته إلى بلوغ نهائيات كأس إفريقيا 2008، فإنه أزيح من منصبه لقدم الأسود هدية إلى محظوظ اسمه هنري ميشال. هناك اختلاف في المكان والزمان لكن الأحداث تتشابه. الطاوسي من حقه أن يبعد من يراه لا يدخل في حساباته، لكن من الواجب عليه أن يعلن عن ذلك صراحة، وخرجة من حقه أن يتأسف، لكن ينبغي عليه أن يتقبل القرار بكل روح رياضية ويسلم شارة العمادة إلى نادر المياغري في كل هدوء. هذا إذا كان بالفعل قرر الطاوسي الاستغناء نهائيا عن خرجة، فمن يدري ربما تحمل الأيام المقبلة جديدا قد يشبه ما تحدثنا عنه من حالات سابقة. ما هو أكيد أن الأمة التي لا تعرف تاريخها لاتُحسن صياغة مستقبلها.