كشف تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة، التي قامت بها لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، خلال الولاية السابقة، إلى مديرية الأدوية والصيدلة، والذي تمت مناقشته، أمس الأربعاء داخل اللجنة المذكورة، عن معطيات مقلقة بشأن وضعية هذا المرفق العمومي التابع لوزارة الصحة، حيث رصد التقرير والعديد من الاختلالات والنواقص. وقال التقرير إنه ب"الرغم من المجهودات التي تبذلها وزارة الصحة لتحسين الولوج وتوفير الأدوية وجودتها وحسن استعمالها بالقطاعين العام والخاص، إلا أن مجموعة من المشاكل لا تزال عالقة سواء تعلق الأمر بالأدوية أو المستلزمات الطبية أو مستحضرات التجميل وتنظيف الجسم". وأشار التقرير إلى أن من بين هذه المشاكل "غياب سياسة دوائية وطنية برؤية واضحة وأهداف محددة للقطاع"، بالإضافة إلى "ضعف تفاعل المنظومة الوطنية لليقظة والسلامة الصحية تجاه بعض الأدوية والمواد الصيدلية"، إلى جانب "غياب منظومة إعلامية مندمجة للإذن للوضع في السوق المعروفة ب"AMM" وشواهد التسجيل للمستلزمات الطبية"، فضلا عن تأخر "إجراء عمليات التفتيش للصيدليات خاصة بالجهات"، و"انقطاعات المخزون لبعض الأدوية بالقطاع الخاص وكذلك بالقطاع العام"، و"ضعف نسبة ولوج الدواء الجنيس للسوق المغربية والتي لا تتجاوز 30 في المائة". وتابع التقرير والذي تتوفر "رسالة 24" على نسخة منه، أن أعضاء المهمة الاستطلاعية حينما زاروا مرافق مديرية الأدوية، وطالبوا ب"فتح مخزن للمنتوجات التجميلية التي أصبحت هي الأخرى من اختصاص المديرية"، عاينوا "صغر مساحة المخزن ومنتوجات متلفة في علب كرطونية دون ترتيب ودون تصنيف، وعدم وجود سجل لتسجيل عينات هذه المنتوجات، كصبائغ الشعر، والمواد العطرية والمواد التجميلية للنساء وعينات من بضائع أخرى متعددة غير مصنفة". وزاد التقرير أنه "من خلال جولة أعضاء المهمة للمرافق الإدارية للمديرية، تم الوقوف بشكل مفاجئ على تسليم عينة من طرف شركة دولية معروفة معبأة في علبة كرطونية"، حيث لاحظ الأعضاء أن "هذا المنتوج الصيدلي، وجب أن يكون في درجة حرارية منخفضة وأن يحمل في ثلاجة كي يحافظ على درجة الحرارة اللازمة". التقرير ذاته، قال إن أهم الاختلالات المسجلة بالمديرية، هي تلك المرتبطة بقسم الصيدلة، والمتعلقة بمنح الإذن بالعرض في السوق، حيث كشف وجود نقائص بخصوص عدم الالتزام بالقانون المرتبط ب"آجال الإذن بالطرح في السوق"، حيث أوضحت الوثيقة أن تأخير منح الإذن بالعرض في السوق لسنوات، بدل 90 يوما المنصوص عليها بالمادة 7 بالمرسوم رقم 2-7-266، "يترتب عنه تأخير في منح السعر، وبالتالي يكرس الاحتكار للأدوية المسوقة، ومعها يسجل ارتفاع تكلفة العلاج على المريض والتأمين الصحي والدولة". الوثيقة ذاتها لاحظت كذلك، أن المختبر الوطني لمراقبة الأدوية "لا يقيم إلا عددا قليلا من المستلزمات الطبية، منها، القفازات والعازل الطبي، فيما يبقى الآلاف من هذه المستلزمات بدون مراقبة، ويتم الاعتماد فقط على ما ينشر حولها من معلومات في الانترنيت أو ما يدلي بها صاحب المستلزم من معطيات، مشيرا إلى أنه وقعت عدة حوادث جراء الغش أو الأعراض الجانبية، بل هناك من تسبب في السرطان على الصعيد الدولي كحادث الثدي الاصطناعي، في حين مديرية الادوية والصيدلة لم تدعوا إلى عقد اجتماع للجنة الوطنية الاستشارية للمستلزمات الطبية"، وفق تعبير التقرير. كما سجل التقرير وجود مشكل مرتبطة بالأسعار، إذ يعرف فوضى عارمة، بحيث أن نفس المستلزم يتراوح الفرق في ثمنه ما بين 10 الى 100 مرة، مؤكدا أن هناك شركات محدودة تحتكر مستلزمات تكلف المواطن أو صناديق التغطية الصحية والدولة تكاليف كبيرة، خاصة في اختصاصا القلب والشرايين والأذن وجراحة العظام وغيرها. وفي هذا السياق، كشف التقرير أن رقم معاملات الأدوية السنوي يبلغ 15 مليار درهم بالقطاعين العام والخاص، حيث دعا في هذا الصدد إلى إحداث مركزية لشراء الأدوية المتداولة بالمغرب بالقطاعين العام والخاص، وليس الاقتصار على القطاع العام الذي لا يتجاوز رقم معاملاته 2.2 مليار فقط، وذلك في سبيل "تعزيز القدرة التفاوضية من أجل خفض الأسعار، على غرار مجموعة من الدول كتونس وألمانيا و غيرها والشيء نفسه ينطبق على المستلزمات الطبية والكواشف". ودعا التقرير وزير الصحة إلى "سن سياسة دوائية تعتمد على الصناعة المحلية وإعطاء أهمية إستراتيجية للدواء الجنيس"، مع "إعادة هيكلة مديرية الأدوية والصيدلة في أفق إحداث وكالة مستقلة ودعمها بالموارد المادية والبشرية الضرورية، وكذا "تطوير المرصد الوطني لتتبع أسعار الأدوية في العالم مع تطبيق التخفيض". كما أوصى ب"ضرورة تفعيل التزامات الدولة الواردة بالعقدة البرنامج 2013 – 2023 لدعم الصناعة الدوائية"، و"احترام الآجال لمنح الأذن بالوضع في السوق وكذلك سعر الأدوية لمحاربة الاحتكار وتشجيع التنافس ومن ثم خفض الأسعار بالإضافة إلى فتح فرص للتصدير . وفي ما يخص التفتيش، أوصى التقرير ب"وضع جهاز مستقل للتفتيش، وتخصيص مفتشين متخصصين بالصناعة الدوائية يواكبون التطور العلمي والتكنولوجي لهذه الصناعة ضمانا للفعالية والجودة والأمان "، وب"عدم الجمع بين مهمة التفتيش و مهمة الاشتغال بإعطاء الأذون للوضع في السوق للأدوية"، مع مراجعة القانون 17.04 والإسراع بإصدار المراسيم التطبيقية والتي لها علاقة بتنظيم الإشهار للأدوية، وزيارات مندوبي المختبرات والمؤسسات الصناعية للأدوية ومراقبة المعلومات الطبية، واليقظة الدوائية.