بعد القرار الذي اتخذته وزارة الصحة بتخفيض أسعار أكثر من 1900 دواء، أفرج أعضاء المهمة الاستطلاعية المؤقتة لمديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة عن تقرير حول مهمتهم في المديرية التي تعتبر المسؤولة عن سياسة الدواء المطبقة في المغرب، تم فيه رصد أهم الاختلالات التي يعرفها هذا المجال. وحسب التقرير، الذي يتوفر "اليوم 24" على نسخة منه، فإن الإشكالية التي يطرحها الدواء في المغرب تتمحور حول أسعاره، ونسبة ولوج الدواء الجنيس للسوق الوطنية، الذي لا يتجاوز 30 في المائة، إلى جانب إشكالية توفير الأدوية بالقطاع العام وعقلنة تدبير واستعمال الدواء. وأشار التقرير إلى مجموعة من المشاكل التي يتخبط فيها قطاع الدواء في المغرب، ومنها غياب سياسة دوائية وطنية برؤية واضحة وأهداف محددة للقطاع، إلى جانب التفاعل الضعيف للمنظومة الوطنية لليقظة والسلامة الصحية تجاه بعض الأدوية والمواد الصيدلية. علاوة على ذلك، أشار التقرير إلى تسجيل انقطاعات المخزون لبعض الأدوية بالقطاعين الخاص والعام . وعلى مستوى عمليات التفتيش، سجل التقرير غيابا تاما لمراقبة مختبرات التحليل الطبي الخاصة، ووجود تأخر في إجراء عمليات التفتيش للصيدليات خاصة بالجهات، إلى جانب انخفاض في مراقبة الصناعة الدوائية للاستعمال البشري وفي مهام التفتيش على العموم. وفي ما يتعلق بقرار تخفيض أسعار الأدوية، أشار التقرير إلى أن هذا الإجراء الذي مكن الدولة من توفير حوالي 400 مليون درهم لم يكن له الأثر المرجو على صناديق التأمين الصحي، وذلك بسبب محدودية عدد الأدوية الأكثر استهلاكا المشمولة بالتخفيض والمعوض عنها، واقتناء الأدوية المكلفة بالسعر العمومي للبيع بدل أسعار صيدلية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، مما قد يكلف هذا الأخير خسائر تقدر بحوالي 47 مليون درهم، وكذلك الطريقة المستعملة لتحديد الأسعار على أساس معدل أسعار 7 دول، التي تم اختيارها أدت إلى ارتفاع كلفة بعض الأدوية. وإلى ذلك، لفت المصدر نفسه الانتباه إلى "التطابق الكلي غير الطبيعي" بين أسعار الأدوية المطلوبة من طرف بعض المختبرات مع الأسعار التي أقرتها المديرية، وعدم الارتكاز على أي معيار لتحديد دقيق لسعر الدواء، الشيء الذي قد يفسر أنه من بين الأسباب التي أدت إلى ارتفاع غير طبيعي لأسعار الدواء في المغرب. ولتجاوز هذه الاختلالات وغيرها، أوصى القائمون على التقرير بضرورة تطوير المرصد الوطني لتتبع أسعار الأدوية في العالم مع تطبيق التخفيض، إلى جانب إحداث مركزية لشراء الأدوية المتداولة في المغرب والتي يناهز رقم معاملاتها 15 مليار درهم بالقطاعين العام والخاص عوض الاقتصار على القطاع العام الذي لا يتجاوز 2,2 مليار، وذلك لتعزيز القدرة التفاوضية من أجل خفض الأسعار على غرار مجموعة من الدول كتونس وألمانيا. وعلاوة على ذلك، أوصى النواب بإحداث وتفعيل الإجراءات التنظيمية المتعلقة بالتفتيش، في ما يتعلق بقطاع الدواء، هذا مع إحداث جهاز مستقل للتفتيش وتخصيص مفتشين متخصصين بالصناعة الدوائية يواكبون التطور العلمي والتكنولوجي لهذه الصناعة لضمان الفعالية والجودة والأمان.