دق كل من يوسف بن أحمد العثيمين، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، وعبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسسكو) ناقوس الخطر حول ما يتعرض له الأطفال في العديد من دول العالم الإسلامي، خاصة الذين يعيشون في مناطق محاصرة او مناطق تخضع لسيطرة منظمات إرهابية أو متطرفة. وفي هذا الصدد، قال العثيمين في كلمة ألقاها نيابة عنه هشام يوسف، الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية والثقافية والاجتماعية، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإسلامي الخامس للوزراء المكلفين بالطفولة تحت شعار "نحو طفولة آمنة"، اليوم الأربعاء، بالرباط، إن العديد من الدول الأعضاء شهدت "زيادة غير مسبوقة في أعداد النازحين واللاجئين نتيجة لاندلاع الحروب والنزاعات والكوارث"، مشيرا إلى أن ما يزيد عن "ثلثي النازحين واللاجئين في العالم هم من العالم الإسلامي". وبعدما ذكر بأن العالم "تأثر بصورة الطفل إيلان كردي الذي غرق قبل الوصول الى بر الأمان على شواطئ تركيا، وكذا بصورة الطفل عمران الذي نجا من انفجار بيته في حلب، وقبلهما بسنوات باستشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة"، أكد المتحدث ذاته أنه في "كل مرة يشهد العالم تلك المآسي تتعالى الصيحات بحتمية التحرك ضد الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال، ولكن سرعان ما تخفت"، ثم استدرك قائلا "وننتقل من كارثة إلى أخرى ومن قصة مأسوية إلى المزيد منها، وتستمر أوضاع الأطفال في التدهور عالميا وفي العالم الإسلامي بشكل خاص". وتابع ممثل الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أنه في"الاونة الاخيرة شهدت ارتفاعا ملحوظا في انواع واساليب العنف التي يتعرض لها الاطفال، خاصة في فلسيطن وفي العديد من الدول التي تشهد حروبا ونزاعات مسلحة ويتعرض فيها الاطفال لمخاطر التجنيد في صفوف المليشيات او المنظمات الارهابية، أو الاختطاف والاتجار بهم، أو الانتهاك الجنسي او أن يتخذوا ذروعا بشرية، أو تدفعهم الظروف الى النزوح او اللجوء مع اسرهم او الانفصال عنها تحت ظروف قاسية متوجهين الى مخيمات معدمة أو الى إماكن قد لا تكون مؤهلة للعيش الكريم، ويعانون من الحرمان من التعليم وتفشي زواج القاصرات"، منبها أن كل ذلك له "تداعيات كارثية على مستقبلهم ومستقبل دولهم". المتحدث نفسه، وبعد أن أشار إلى أن شعار هذه الدورة "نحو طفولة آمنة"، هو انعكاس لقلق شعوب الدول الأعضاء من الأوضاع الأمنية والاحتماعية والاقتصادية التي تؤثر سلبا على ملايين الاطفال في العالم الإسلامي، أفاد بأن التقارير الدولية تشير الى أن 92 في الماية من الأطفال الذين وصلوا الى ايطاليا سنة 2016 من احد مسارات الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط "كانوا منفصلين عن ذويهم أو غير مصحوبين بهم"، معتبرا أن ذلك يعد "تحديا كبيرا للعديد من الدول الافريقية التي يضطر ابناؤها الى اللجوء للهجرة غير الشرعية"، ويستدعي البحث عن وسائل لمواجهة هذا الخطر. وأكد هشام يوسف، أن مسؤولية حماية الأطفال في العالم الاسلامي هي "مسؤولية كبيرة لا يمكن التقاعس عنها، وتسدعي عملا عاجلا وجادا لانهاء معانتهم، والارتقاء باوضاعهم وضمان كفالة حقوقهم"، مشددا أن الاوضاع الماسوية التي يعيشها الأطفال في بعض الدول تفرض "تعزيز نظم حماية الاطفال، وبذل المزيد من الجهد للوصول الى النازحين واللاجيين خاصة الاطفال الذين يعيشون في مناطق محاصرة او مناطق تخضع لسيطرة منظمات ارهابية او متطرفة"، مع بحث كيفية عودة الاطفال الذين انفصلوا عن اسرهمالى ذويهم، ودعم الاطفال الذين يعانون من صدمات نفسية من هول ما رأوه من مآسي او ما واجهوه من عنف وتشرد". من جانبه، انتقد التويجري، بشدة الظروف الصعببة التي يعيشها أطفال بعض الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، التي قال إنها "تنعكس سلبا على الجهود المبذولة في مجالات التنمية الشّاملة"،مضيفا أن بعض المناطق من العالم الإسلامي، أصبحت شعوبها من بين اكثر شعوب العالم معاناة من جراء تفشي الفقر والأمية، واستفحال ظاهرة العنف والتطرف، ممّا جعل عدد الأطفال الذين يعانون من النزاعات وغياب السّلم والأمن والاستقرار، في تزايد مستمر. وزاد التويجري في كلمته، أن تفاقم معاناة الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة، يشكل "كارثة إنسانية بالغة القسوة، تدعو إلى المبادرة بتقديم الدّعم لهذه الفئات من أطفال العالم الإسلامي، والحرص الى سلامتهم والحفاظ على حياتهم"، مؤكدا أن "مايترتب على حرمان الأطفال من حقوقهم، وبخاصة في مجال الحماية، من تكاليف إنسانية واجتماعية واقتصادية باهضة، يؤدي في بعض الأحيان، إلى تهديد الاستقرار والسلم الاجتماعي وتقويض جهود التنمية الشاملة المُستدامة". وأضاف التويجري أن الارقام الصادرة عن المنظمات الدولية والتي تشير إلى تزايد العنف بكل أشكاله المسجل ضد الأطفال في بعض الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامية، لا تزال "مقلقة إلى حد كبير"، الامر الذي "يجعل العمل على توفير الحماية للطفولة أولى الأولويات". كما انتقد المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربسة وللاموين والعلوم والثقافة، ضعف التقدم المحرز في بعض الدول في التصدي لعدد من الظواهر والمضاكل التي يعاني منها الأطفال مثل العنف والاستغلال، والتشغيل وسوء المعاملة، وضعف الحماية، وتدني مشتوى الخدمات الصحية والاجتماعية، وغيرها من احتياجات الأطفال الأساس، والتي هي من حقوقهم المشروعة، وفق تعبيره. إلى ذلك، اعربت بسيمة الحقاوي، وزيرة الاسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية في كلمة ترحيبية لها عن ثقتها في أن يكون المؤتمر المذكور، والذي ستستمر اشغاله إلى يوم غد الخميس، "فضاء للحوار البناء"، مؤكدة أنه سيتخذ تدابير ملموسة وعملية لترصيد مزيد من الحقوق والحماية لأطفال العالم الإسلامي. وقالت الحقاوي إن "همنا المشترك وسعينا الدؤوب لتوفير بيئة تحقق للطفل العيش بأمان وترعى جميع حقوقه بدون استثناء، سيما في ظل التحولات القيمية والمجتمعية التي تعرفها بلداننا العربية والإسلامية، وما أفرزته من حاجات جديدة ملحة ترتبط أساسا بتحديات الحماية"، مضيفة ان الأطفال هم أولى ضحايا الأوضاع الهشة أو غير الآمنة أو النزاعات والنزاعات المسلحة التي تشهدها عدد من البلدان، والتي تلقي بظلال مآسيها عليهم، مما يتطلب صياغة أجوبة تجابه هذه التحديات الجديدة/القديمة.