أكد فريق الاتحاد الدستوري بمجلس المستشارين أول أمس الثلاثاء على أن ملف تدبير الرصيد العقاري الوطني يطرح عدة تساؤلات وقضايا شائكة، ترتبط في مجملها بالاستثمار، وبتحقيق النمو والتشغيل، و على أن السياسة العقارية تعتبر محددا رئيسيا لتحقيق التوازن الاجتماعي، والتصدي للاختلالات الاجتماعية، و قال الفريق إن الإشكالية العميقة في العقار بالمغرب تتمثل في تعدد الأنظمة القانونية، وتعدد أشكال الملكية، من ملك خاص وملك الدولة الخاص، والجموع والجيش ثم الأوقاف والأحباس، كما أن الأنظمة القانونية معقدة ومشتته بين نظام التحفيظ العقاري للملكية الفردية والتمديد الإداري، و بين نظام المشاع، والنظام التقليدي مما يطرح إشكالات قانونية وتشريعية. ولم يخف الفريق الدستوري - خلال الجلسة الشهرية العامة المخصصة لمساءلة رئيس الحكومة و التي تمحورت حول السياسة العقارية للحكومة -،كون موضوع العقار أثار سابقا و مازال يثير العديد من الصخب والزوابع التي تنشأ نتيجة الضبابية، وغياب الشفافية في تدبير الملك الخاص للدولة والجموع والأوقاف، و بالتالي فهو يعتبر من اكبر المجالات التي تعاني من غياب مساطر واضحة، وآليات قانونية ومؤسساتية، متسائلا "ما هي سياسة الحكومة لتدبير ملف العقار بالمغرب وتوجيهه وتعبئته لخدمة الاستثمار والنمو؟ وتحويله إلى عامل لتحقيق التنمية الاجتماعية ؟". من جهته اعترف عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة بحدوث اختلالات بالنسبة للسكن الاقتصادي عندما قال "أن السكن الاقتصادي، ولقد وقعت فيه حكايات وإشكاليات، لأنه كان هناك بعض الناس يتصورون أنفسهم فوق القانون وهناك من يحميهم لكنهم يتوهمون فقط، وهذا الكلام لم يعد مسموحا به اليوم ، فالحكومة مسؤولة لمواجهة الفساد والمفسدين ومن يحمي الفساد". ووجه بنكيران اتهاما إلى مؤسسات السلطة بأنها كانت تقوم ب"البيع والشراء" بخصوص السكن الصفيحي. كما تساءل رئيس الحكومة عما يمنع البرلمانيين من اتخاذ القرارات المناسبة لحل المشاكل المتعلقة بالسكن والعقار والفلاحة والسياحة والصناعة عبر سن تشريعات من شأنها أن تحافظ على أملاك الدولة العقارية والجماعية والغابوية وتحصينها من الاستنزاف والسطو. وتعقيبا على جواب رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، أشار عبد الحميد أبرشان عضو فريق الاتحاد الدستوري إلى أن فريقه يعتبر "أن تدبير العقار هو الأساس لتحقيق الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي، وتحفيز الاستثمار، والمبادرة الحرة، وإنتاج فرص الشغل" وقال "بالفعل، لقد ساهم هذا القطاع في دعم النمو وتنشيط الاقتصاد، سواء في مجال إنتاج السكر أو المناطق الصناعية، وحتى الاستثمارات الفلاحية الكبرى والمتوسطة، لكن الملاحظ هو أن المغرب لم يستثمر مقومات وإمكانات هذه الثروة الوطنية، نظرا لمجموعة من المعيقات، منها الاجتماعي والتشريعي والتاريخي والمؤسساتي والتدبيري". وأبرز عبد الحميد أبرشان أن بلادنا تعاني "من تعدد التشريعات وتنوع أشكال الملكية الشخصية والمشاعة والسلالية، وأملاك المخزن والجموع والجيش والأوقاف، مؤكدا على أن "هذا التعقد والتعدد يطرح جملة من الإشكاليات التي تستوجب حلول مستعجلة، تشارك في بلورتها كل الجهات والفعاليات المتدخلة في القطاع، وان اقتضى الامر حوارا وطنيا في أفق تحقيق إجماع وطني حول المبادئ العامة لتدبير هذا الملف، وضمان الشفافية والوضوح في تعبئة الرصيد العقاري للدولة، ليكون في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفق مبادئ تكافؤ الفرص والشفافية والمنافسة الشريفة لتعزيز الإنتاجية والابتكارية" منبها إلى "أن غياب هذه المبادئ يضيع على بلادنا فرصا تاريخية، لأنها تنتج حالة من العطالة، بفعل النزاعات والاحتجاجات والخلافات، وكثرة الملفات بالمحاكم، وعرقلة الاستثمار، وعدم تثمين هذا الرصيد العقاري، بل وأكثر من ذلك يحرم خزينة الدولة من مداخيل مهمة ما أحوج ميزانيتها إليها في هذه الظروف الصعبة، بالإضافة إلى تحجيم قدرة المنعش العقاري على المساهمة في سد النقص الحاصل في مجال إنتاج السكن والمناطق المعدة للأنشطة الاقتصادية" و قال "إن مدنا كثيرة أصبحت محاصرة بأملاك الأوقاف والجيش، ولم يعد لديها الرصيد العقاري للتوسع العمراني" متسائلا عما "هي الإجراءات التي تعتزم الحكومة القيام بها لإيجاد حلول موضوعية لتعبئة العقار التابع للأوقاف والجيش والأملاك المخزنية لتوسيع المدن والحواضر؟". و أوضح عبد الحميد أبرشان أن السكن يعتبر "من المطالب الأساسية للمجتمع، وفي هذا الاتجاه نرى أن الدولة تخلت عن هذا الحق لصالح الخواص، وجعلت طالبي السكن وخاصة الاقتصادي والاجتماعي رهائن لدى الشركات الكبرى التي تحتقر فئة كبيرة من المجتمع المغربي" و قال "إننا نجد أن كبريات الشركات التي تشتغل في ميدان الإنعاش العقاري تحقق أرباحا طائلة تفوق في بعض الأحيان 60 بالمائة وتستفيد من 5.4 مليارات درهم كإعفاءات جبائية، لذا نسائلكم السيد رئيس الحكومة عن التدابير المتخذة لقطع الطريق عن مستغلي فئة عريضة من الشعب ؟" مقترحا عدة تدابير لهذا القطع "أولا: الإعفاء المباشر للمستفيدين من السكن الاجتماعي، وثانيا: إعفاء نسبي بالنسبة للشركات التي لا تستفيد من أراضي الدولة، وثالثا: دعم المقاولات المشغلة التي هي السبيل الوحيد لتنشئة زبناء قادرين على تسديد القروض، ورابعا: بما أن الدولة لا تتوفر على احتياطي من العملة الصعبة فعليها أن تتخذ تدابير استعجالية للمقاولين الأجانب الذين يستفيدون من تدابير أصلا كانت لأصحاب الاستثمارات في الميدان الصناعي (تحويل الأرباح بالعملة الصعبة إلى الخارج)، وخامسا: استعمال حق الدولة في حماية اقتصادها ومنع استيراد كل ما يصنع محليا من زليج، رخام، أبواب ونوافذ جاهزة إلى غير ذلك" مطالبا "بتصالح عام قبل الشروع في مناقشة مشروع القانون الضريبي" مشيرا إلى أن فريق الاتحاد الدستوري يؤمن "بأن السياسة الحكومية في هذا المجال، يجب أن تتجه نحو هدفين رئيسيين، الأول هو اتخاذ كل الإجراءات القانونية والمؤسساتية الكفيلة بضمان سكن في متناول فئات الشعب المغربي بأسعار مناسبة، وذلك لأن التضحية بالمداخيل الجبائبة، تضحية بأموال عمومية يتم هدرها دون نتائج تذكر على المواطن، و الثاني هو إقرار مبادئ الشفافية في تفويت الأراضي، خصوصا أراضي الدولة والجموع والأوقاف الموجودة بالمدارات الحضرية، ولا يمكن أن يبقى السكن الاقتصادي امتيازا محتكرا من طرف شركات معنية، بل كل الشركات والمقاولات الوطنية لها الحق في اقتناء الأراضي للمساهمة في السكن الاقتصادي، ولماذا لم يتم إشراك الجماعات المحلية بتفويت أراضي الأملاك المخزنية والجموع لفائدة الجماعات الترابيةّ، لتهيئتها وتعبئتها للاستثمار الخاص مما سيمكن هذه الجماعات من مداخيل إضافية تمكنها من لعب دورها الاقتصادي والاجتماعي داخل مجالها الترابي". لأن السكن الاقتصادي باعتباره الركيزة الأساسية للسياسة الحكومية، أسعاره مرتفعة الآن وهامش الربح فيه كبير جدا، وبإمكان السيد رئيس الحكومة الرجوع الى الجزاء لمعرفة التكلفة الحقيقية للسكن الاقتصادي، نحن نريد وبغيرة وطنية أن يتحقق للمواطنين سكن اقتصادي بجودة مقبولة وبأسعار في مدن الصفيح والسكن العشوائي، ولتحقيق مبدأ الشفافية في التفويت.