تباينت آراء ومواقف فرق الأغلبية والمعارضة بمجلس المستشارين إزاء سياسة الحكومة في قطاع العقار الذي شكل محور الجلسة الشهرية لمناقشة السياسة العامة للحكومة، وذلك من خلال طرح موضوع "السياسة العقارية للدولة بين متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإكراهات الواقع". ففي الوقت الذي رأت فرق الأغلبية أن الحكومة تسير في اتجاه تعزيز حكامة تدبير قطاع العقار ومضاعفة الجهود لتوفير العرض السكني ومحاربة السكن غير اللائق٬ اعتبرت فرق المعارضة أن الحكومة تفتقد لرؤية واضحة في قطاع العقار ولا تزال "عاجزة" عن التصدي للمضاربة و"الريع العقاري" .
وفي هذا السياق٬ أبرز الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية الجهود التي تبذلها الحكومة للتغلب على الإشكالات المتزايدة في مجال العقار والعرض السكني ٬ مؤكدا على ضرورة تعزيز جهود الدولة في القطاع من خلال إحداث وكالة وطنية تشرف على تجميع وتدبير عقارات الدولة .
ودعا الحكومة إلى خلق التوازن بين العرض والطلب في مجال توفير السكن وذلك بالاعتماد على سياسة المدن والأقطاب الحضرية الجديدة وتشجيع التعاونيات السكنية لفائدة الفئات المتوسطة٬ مشيرا إلى أن محاربة الاختلالات في مجال التعمير والبناء هي مسؤولية الجميع٬ مواطنين ومنتخبين وسلطات.
ومن جهته٬ اعتبر الفريق الحركي أن قطاع العقار يعتبر أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية ورافعة لجلب الاستثمار العام والخاص٬ مشيرا في نفس الوقت إلى تقادم التشريعات المؤطرة لمنظومة العقار وعدم ملاءمتها للتحولات التي يعرفها القطاع والتي ترتب عنها حدوث عدة إشكالات في مجال تحديد الملك الغابوي وأراضي الجموع والأراضي السلالية.
واقترح الفريق عقد مناظرة وطنية لتدارس مختلف الاشكالات التي يعرفها القطاع والخروج بميثاق وطني وإطار مؤسساتي يشرف على السياسية العقارية وطنيا وجهويا.
ومن جانبه٬ أشار فريق التحالف الاشتراكي إلى الأهمية التي توليها الحكومة لاعتماد سياسة عقارية منسجمة وذات طابع استراتيجي للتصدي للاختلالات والاشكالات في المجال لاسيما ما يتعلق بالارتفاع المهول لأسعار العقار وتحفيظ ملك الدولة مشددا على ضرورة إصلاح الإطار التشريعي المرتبط بمنظومة العقار وتجاوز إشكال عدم توفر السوق العقارية الوطنية على أدوات لضبط ومراقبة القطاع بهدف خلق شروط التنمية المستدامة.
وبالمقابل٬ اعتبر فريق الأصالة والمعاصرة (معارضة) أن الإشكالية العقارية تعد من بين أهم التحديات السياسية والقانونية التي تكبح المسار التنموي للمغرب٬ مضيفا أن هذا المسار التنموي سيظل متعثرا ان لم تمتلك الحكومة الرؤية الثاقبة والشجاعة السياسية لمعالجة الأعطاب والاختلالات.
وأكد الفريق أن الاختلالات في سياسة العقار لخصها تقرير الخمسينية بشكل مكثف حين أكد أن العقار "عوض أن يكون أداة محورية في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية ٬ وقطبا جذابا ورافعة أساسية لخلق فرص الشغل٬ أصبح أحد أكبر المجالات التي تعشعش فيها الفساد والمضاربة وتبييض الأموال ورمزا للسلطة والوجاهة ومصدر إثراء مشروع احيانا وغير مشروع في الكثير من الأحيان".
ومن جانبه٬ أكد فريق التجمع الوطني للأحرار أن العقار يوجد في صلب حركية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وله تأثير مباشر على مجال الاستثمار الصناعي والفلاحي والسياحي٬ مشددا على ضرورة إرساء الحكامة وتعبئة الرصيد العقاري للنهوض بالاستثمار في هذا المجال الذي يسهم في النمو الاقتصادي وخلق مناصب الشغل.
ودعا الحكومة إلى بلورة رؤية مستقبلية واضحة في مجال إصلاح القطاع وفق أجندة زمنية محددة وثابتة بهدف جلب الاستثمارات وكذا لتحقيق انتظارات المواطنين في الحق في السكن ومحاربة الريع.
ومن جانبه ابرز الفريق الاشتراكي أن المجهودات التي تم بذلها في السنوات الأخيرة في مجال إعداد التراب الوطني لم تؤخذ بعين الاعتبار٬ مؤكدا على ضرورة أن تلتزم الحكومة الحالية بتصريحها الحكومي الذي أكدت فيه على محاربة الفساد واقتصاد الريع في عدد من المجالات ومنها قطاع العقار.
وطالب الفريق الحكومة بأن تكشف عن نتائج عمل لجنة متابعة الاستثمار في العقار وإرساء الشفافية في القطاع ووضع حد لإشكالات الأراضي السلالية وأراضي الجموع ونزع الملكية.
وتطرق الفريق الدستوري بدوره إلى جملة من الاختلالات التي تسود قطاع العقار والتعمير وغياب الشفافية في تفويت بعض الصفقات العقارية وضعف التأهيل الحضري وتشويه جمالية المدن٬ مشيرا إلى الاشكالات التي تطرحها رخص الاستثناء في مجال البناء والتعمير .
ومن جهته٬ اعتبر الفريق الفدرالي للوحدة والديمقراطية ان مجهودات الدولة لتعبئة الرصيد العقاري للاستثمار في مجالات الفلاحة والصناعة لم تؤد إلى النتائج المتوخاة ٬ مشيرا إلى أن الانجازات في مجال توفير العرض السكني لا ترقى إلى حجم الدعم الذي توفره الدولة.
وتطرق إلى حجم الخصاص المهول في السكن وتعثر برنامج مدن بدون صفيح٬ داعيا إلى مراجعة برامج الدعم لتحسين الاستهداف وتحقيق النتائج المرجوة.
وحرصت مجموعتا الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب والاتحاد المغربي للشغل على إبراز الحاجة الماسة إلى معالجة القوانين المنظمة لقطاع العقار وفي مقدمتها التحفيظ العقاري واراضي الجموع والاراضي السلالية ٬ وبذل المزيد من الجهود لتوفير السكن لذوي الدخل المحدود والفئات المتوسطة الى جانب تعزيز الحكامة في تدبير القطاع.